أتاحت خدمات البحث والشبكات الاجتماعية والحوسبة السحابية حسب الطلب

شركات الإنترنت العملاقة تُوفر بنية تحتية ضرورية لعمل القطاعات الأخرى

صورة

مثلت الأجهزة وعتاد الحواسيب العمود الفقري لعمل الشركات لفترة طويلة، لكن الأمر تغير حالياً في ضوء تزايد اعتماد اقتصاد الإنترنت على بنية تحتية افتراضية يتحكم فيها عدد من شركات التكنولوجيا العملاقة التي تُوفر خدمات البحث والتراسل والشبكات الاجتماعية، وحلول الحوسبة السحابية، وتخزين البيانات حسب الطلب، الأمر الذي أهّلها لحصد أرباح استثنائية، وتأكيد دورها المهم في عمل القطاعات الأخرى.

وتدلّ على ذلك الأرباح القياسية الأخيرة التي حققتها شركات الإنترنت، والتصاعد الكبير في قيمة أسهمها. وعلى سبيل المثال، أعلنت «فيس بوك»، الأسبوع الماضي، عن ارتفاع عائداتها خلال الربع الثالث من العام بنسبة 41%، بفضل زيادة إيراداتها من الإعلانات عبر الأجهزة المحمولة. وأعقب الإعلان ارتفاع سهم الشركة نهاية الأسبوع بنسبة 5.4%، ليصل إلى أعلى مستوى له على الإطلاق، ويرفع تقييم الشركة إلى أكثر من 300 مليار دولار.

وأعقب نجاح «فيس بوك» نتائج مالية باهرة، وارتفاع في قيمة الأسهم لدى «ألفابت»، الشركة الأم المالكة لشركة «غوغل»، و«مايكروسوفت» و«أمازون». وأسست جميعها منصات على الإنترنت تستفيد من سعي المستهلكين والشركات للتواصل مع الآخرين. وفي الوقت الراهن، لا يُمكن لأي مشروع يُؤسس لعلامة تجارية تجاهل جمهور «فيس بوك» الذي يبلغ مليار مستخدم يومياً، ويحتاج كل من يُطلق شركة جديدة للتأكد من إمكانية الوصول إلى موقعها عبر مُحرك بحث «غوغل»، ويرغب أي مشروع يُقدم منتجات في عرضها في «أمازون».

كما أنه من الضروري وجود تطبيقات المحمول في متجر «أبل» أو «غوغل» للتطبيقات على الإنترنت لضمان وصولها للقاعدة الأوسع من المستخدمين، ويلجأ مسؤولو التسويق لنشر مقاطع الفيديو الخاصة بالحملات الترويجية في موقع «يوتيوب» التابع لشركة «غوغل»، كما يُوزع منتجو الموسيقى والأفلام والعروض التلفزيونية إنتاجهم عبر خدمات «أبل» و«أمازون». وأنفقت شركات الإنترنت العملاقة مليارات الدولارات لتأمين الحواسيب والأجهزة المتطورة ومراكز البيانات التي تستخدمها في تشغيل أعمالها الخاصة، كما تُوفر خدماتها مجاناً أو مقابل رسوم قليلة للشركات الناشئة والمؤسسات الكبيرة. ويتزايد اقتناع المسؤولين في مجال التكنولوجيا بالمكانة الأساسية التي نالتها هذه الشركات في مشهد الأعمال.

وأشار المدير في شركة «باين كابيتال فتشرز» للاستثمار والرئيس التنفيذي السابق لشركة «سيمانتيك»، إنريكي سالم، إلى أن العديد من الأنظمة الشاملة بُنيت على أساس هذه الشركات. ويعني ذلك أن شركات الإنترنت تمتلك المُعادل الرقمي لخطوط السكك الحديدية في ظل دخول الويب مرحلة جديدة من النمو.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «بوكس» لمشاركة الملفات على الإنترنت، أرون ليفي: «لدينا توسع في الحجم الكلي للتكنولوجيا، سواء كانت الحوسبة السحابية، أم الأجهزة، أم الشبكات الاجتماعية». وتُعد «بوكس» إحدى الشركات الجديدة المهمة في مجال الإنترنت. ويسمح تدفق الإيرادات للشركات العملاقة بإنفاق المزيد من الأموال لتحسين خدماتها ودعم تقدمها على منافسيها. وقال المُحلل في شركة «دويتشه بنك للأوراق المالية»، كارل كيرستد: «تعمل جميع هذه الشركات في صناعات يُثمن فيها الحجم، وتتطلب مستوى مرتفعاً جداً من كثافة رأس المال للأمل في المنافسة».

وقال موقع «فيس بوك» إن «1.55 مليار مستخدم سجلوا الدخول إلى الموقع خلال شهر سبتمبر الماضي». وتأكدت مكانة الشركة في مجال الإعلانات، لاسيما في سوق الإعلانات الموجهة لمستخدمي الهواتف الذكية، إذ مثلت 78% من إيراداتها الإعلانية خلال الربع الثالث من العام الجاري، مُقارنةً مع نسبة 66% في الوقت نفسه من العام الماضي. ويضم موقع «فيس بوك» نحو 45 مليون صفحة لشركات صغيرة ومتوسطة الحجم، تستعين بالموقع للتواصل مع المستهلكين المحتملين حول العالم دون رسوم. أما شركة «أمازون»، التي تتخذ من مدينة سياتل الأميركية مقراً لها، فقد تضاعفت قيمتها السوقية تقريباً خلال عام 2015، وإلى حدٍ كبير يرجع الفضل في ذلك إلى أعمالها في مجال الحوسبة السحابية. وإلى جانب التسوق على الإنترنت، استحدثت الشركة توفير خدمات الحوسبة السحابية وحلول تخزين البيانات للشركات الأخرى.

وأعلنت «أمازون» أن عدد المستخدمين النشطين لخدمتها «أمازون ويب سيرفيسز» وصل إلى مليون حساب، منهم شركات ناشئة شهيرة تُقدر قيمتها بمليارات الدولارات، مثل «أوبر تكنولوجيز» و«إيربنب» و«بنترست»، وهيئات حكومية، والكثير من الشركات الكبيرة. وفي الوقت نفسه، استثمرت كل من «غوغل» و«مايكروسوفت» الكثير لتأسيس خدمات مُنافسة في مجال الحوسبة السحابية، وتُضاهي عروضهما «أمازون ويب سيرفيسز» في تخفيض الأسعار، وإضافة مراكز بيانات جديدة، وتوفير البرمجيات عبر الإنترنت، وتطوير ابتكارات تتجاوز خدمات الحوسبة المجردة.

ويُبدي الرئيس التنفيذي لشركة «مايكروسوفت»، ساتيا ناديلا، اهتماماً كبيراً بخدمات الحوسبة السحابية، بهدف تقليل اعتماد الشركة الشهيرة على إنتاج برمجيات ونظم تشغيل الحاسب في ظل التراجع المُطرد في قطاع الحواسيب الشخصية. وقال نائب رئيس «مايكروسوفت» للحوسبة السحابية وتسويق المشاريع، تاكيشي نوموتو، إنه «في حين تُوفر خدمة (أزور) للحوسبة السحابية ميزات خاصة لمستخدمي برامجها (ويندوز) و(أوفيس) على المدى الطويل، فإن الشركات الناشئة تُمثل مصدراً لما يزيد على 40% من عائداتها». وتسعى شركات كبيرة من قطاعات أخرى للحاق بركب الإنترنت مثل مجموعة شركات «تيسن كروب» الألمانية، التي تتضمن منتجاتها المصاعد، وتعاونت أخيراً مع «مايكروسوفت» لتطوير نظام يعتمد على الحوسبة السحابية، ويجمع بيانات حول مُعدل وسرعة فتح أبواب المصاعد وإغلاقها، بحسب ما قال باتريك باس، الرئيس التنفيذي لوحدة «تيسن كروب» في أميركا الشمالية.

لكن هذا الرواج لا يعني اتجاه مختلف القطاعات إلى الحوسبة السحابية، فلاتزال تحتفظ الشركات العاملة في قطاعات، مثل الخدمات المالية والحوسبة السحابية، ببيانات عملائها في مراكز بياناتها الخاصة، بسبب اللوائح والقوانين الحالية المُتعلقة بالتعاملات وبيانات المستهلكين.

ويعتقد مؤيدو الاعتماد على الحوسبة السحابية أن هذه العوائق في سبيلها إلى الزوال. وفي الشهر الماضي، قال الرئيس التنفيذي لشركة «كابيتال وان فايننشال» للبطاقات الائتمانية والخدمات المصرفية، روب ألكسندر، إن «الضمانات الأمنية الجديدة التي تُوفرها (أمازون ويب سيرفيسز) تُتيح للشركة درجة أكبر من الأمان يفوق الاعتماد على حواسيبها الخاصة».

تويتر