احتفظت بإدارتها المستقلة ضمن «غوغل» فضلاً عن أسلوبها في التوظيف ونظم الكمبيوتر والأقسام القانونية والتسويقية

«نست».. نموذج للإدارة المستقلة لشركة «ألفابت» الجديدة

صورة

بعد إعلان «غوغل» الأميركية عن إعادة تنظيم الشركة في أغسطس الماضي، وتأسيس شركة أكبر باسم «ألفابت»، كثرت التساؤلات عن أسلوب «لاري بيج» في إدارة الكيان الجديد الذي يعمل في مجالات متنوعة، في وقت قدمت شركة «نست لابز» التي فضلت العمل بشكل مستقل، نموذجاً لعمل المشروعات الأصغر ضمن «ألفابت».

 

شركة «نست»

واستحوذت «غوغل» على شركة «نست» التي تُنتج أجهزة مُتصلة بالإنترنت للمنازل، مثل منظمات درجات الحرارة في عام 2014 نظير 3.2 مليارات دولار (11.75 مليار درهم)، لكن الشركة فضلت الإبقاء على استقلاليتها، واحتفظت بأسلوبها في التوظيف خلافاً لطريقة «غوغل»، كما تستأجر خوادم الكمبيوتر من «أمازون» دون أن تعتمد على مراكز بيانات «غوغل». ويحد مؤسسها المشارك ورئيسها التنفيذي، طوني فاضل، من بعض امتيازات «غوغل»، مثل توفير الطعام المجاني للموظفين.

وسعى فاضل مع المؤسس المشارك مات روجرز، إلى ضمان أسلوب إدارة مستقل في «نست». وحالياً تتطلع «غوغل» إلى نهج «نست» باعتباره نموذجاً يمكن اتباعه في إدارة الشركات الناشئة الأخرى أو ما تسميه «الرهانات» ضمن كيان «ألفابت»، بحسب ما نسب تقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية إلى مصادر مُطلعة.

 

إعادة هيكلة

وأدت خطة إعادة الهيكلة في «غوغل» إلى فصل أعمالها الرئيسة مثل البحث على الإنترنت، وموقع «يوتيوب» ونظام تشغيل «أندرويد»، عن الأعمال الأحدث مثل «نست» و«غوغل لايف ساينس» للأبحاث الطبية، و«فيبر» لخدمة الإنترنت السريعة.

ويشغل لاري بيج منصب الرئيس التنفيذي لشركة «ألفابت»، لكنه سيتراجع عن مهام متابعة الأعمال الأساسية لشركة «غوغل» ليُشرف على أعمال الوحدات الأصغر التي ستعمل بدورها على نحوٍ أكثر استقلالية. وفي حين لم يُعلن بعد تاريخ العمل بالهيكل الجديد، فإن «غوغل» تعتزم نشر النتائج المالية للأعمال الأساسية والناشئة ابتداءً من الربع الأخير من العام الجاري.

وقال المُؤسس المُشارك في «باي بال»، ماكس لفشين: «إذا ما أمكن أن تُنفذ (غوغل) ما قدمته إلى (نست) على نطاقٍ واسع، فإن هذا ينبئ بنجاح بقية مشروعات (ألفابت)».

واستناداً إلى الهيكل الجديد، ستتولى الشركات الأصغر أو «الرهانات» عمليات التوظيف الخاصة بها، وكتابة عقودها، والتخطيط لحملات التسويق. في حين سيُركز مديرو المجالات الرئيسة في «غوغل» على مجالات مثل البحث على الإنترنت والإعلانات، دون أن يُشتتوا انتباههم بالحاجة إلى تقييم مشروعات «ألفابت» وإقرارها.

وظهرت أولى إشارات التنظيم الجديد في 11 أغسطس الماضي، أي في اليوم التالي لإعلان لاري بيج خطة إعادة هيكلة الشركة. وخلال اجتماع لمناقشة أحد المشروعات الصغيرة، انتظر المديرون بعض الوقت حضور الرئيس التنفيذي الجديد لشركة «غوغل»، سوندار بيتشاي، ضمن التنظيم الجديد، إلا أنه لم يحضر، ومضى الاجتماع من دونه، ما يعني تهيئة وقت بيتشاي لأولويات أخرى.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «غوغل لايف ساينس»، أندي كونراد، إن المشروعات بهذه الطريقة تصير أسرع وأكثر استقلالية قليلاً وأكثر كفاءة. وأضاف: «أعمل بمثابة رئيس تنفيذي لشركة مُستقلة، بدلاً من مدير تنفيذي بارز ضمن شركة كبيرة».

صعوبات سابقة

وسابقاً، واجهت المشروعات الجديدة في «غوغل» صعوبات في الحصول على الموارد التي تتدفق إلى الأقسام الأكبر والأقدم، التي تُمثل مصدر الجانب الأكبر من الإيرادات، كما تتنافس وحدات الأعمال في «غوغل» على المواهب سواءً من ناحية عدد الموظفين أو على أسماء بعينها.

وأشار كونراد إلى شعوره بحرية أكبر لاتخاذ القرارات دون التفكير في تأثيرها على الأعمال الأخرى لشركة «غوغل»، وقال: «سيعمل سوندار أفضل ما يصب في مصلحة (غوغل)، وسأعمل أفضل ما في مصلحة (غوغل لايف ساينس)».

ويعتقد بعض رواد الأعمال أن «من الأسهل إنجاز العمل خارج (غوغل) أكثر منه داخلها»، كما قال ماكس فنتيلا الذي غادر «غوغل» في عام 2013 لتأسيس شركة تعليمية ناشئة. وأشار إلى الحاجة للتعامل مع إجراءات روتينية عدة تتعلق بالأموال والموظفين في «غوغل».

وبحسب ما ذكرت مصادر مُطلعة على خطة إعادة تنظيم «غوغل»، فقد انطلقت فكرة «ألفابت» من قلق بيج من تسبب التعقيد المتزايد في تكبيل قدرات «غوغل» على التوسع إلى قطاعات مهمة، مثل النقل والرعاية الصحية والاتصالات.

 

طموحات «غوغل»

وذكر بيج في مؤتمر عُقد مع المحللين في عام 2012 أن «غوغل» تطمح إلى تخصيص 70% من وقتها وأموالها ومواردها الأخرى للأعمال الرئيسة مثل البحث على الإنترنت، و20% للأعمال الجديدة المتعلقة بمجالها الرئيس، وتوجيه 10% من جهودها إلى مجالات جديدة. واعترف بيج بصعوبة تخصيص 10% للمجالات عالية المخاطرة.

ووفقاً لما نسبه التقرير إلى مصادر مطلعة، فإن تأسيس «ألفابت» يُساعد بيج على تحقيق هدفه، ومن المُرجح أن تكون زيادة الجهود الموجهة للمجالات الجديدة تدريجية، وعلى المدى الطويل ستظهر المزيد من المشروعات المُغامرة الأكبر نطاقاً.

ويبدو ذلك مُخيباً لآمال المستثمرين الذين رحبوا بفكرة «ألفابت» على أمل أن تُسهِم في تقليل إنفاق «غوغل» وزيادة مكاسبها. وقال المُحلل في «بنك أوف أميركا مريل لينش»، جاستن بوست، في مذكرة كتبها إلى المستثمرين، إن هناك خطراً من تزايد إنفاق الشركة ضمن الهيكل الجديد.

ومنذ انضمام «نست» إلى «غوغل»، توسعت سريعاً من نحو 300 موظف إلى 1000 موظف، كما استحوذت على شركة «دروبكام» الناشئة المتخصصة في نظم المراقبة المنزلية نظير 555 مليون دولار، وطورت معياراً للشبكات المنزلية باسم «ويف».

وسعى مؤسسو «نست» للحفاظ على استقلالية شركتهم ضمن «غوغل»؛ خوفاً من التقيد بالبيروقراطية في «غوغل». وفضلاً عن احتفاظها بآليات التوظيف وأنظمة الكمبيوتر، فإن الشركة تحتفظ بأقسامها القانونية والتسويقية الخاصة، ولايزال موظفو «نست» يستخدمون عناوين البريد الإلكتروني الخاصة بها، ويوجد مقرها في بالو ألتو في ولاية كاليفورنيا على بعد أربعة أميال من مقر «غوغل» في «ماونتن فيو»، كما تحمل دراجاتها طلاءً باللون الأزرق المُميز لشعارها عوضاً عن دراجات «غوغل» التي تحمل طلاءً بالألوان المُتعددة لشعارها.

وقال روجرز، أحد مؤسسي «نست»، مُشيراً إلى أسلوبها المستقل في العمل قبل تأسيس «ألفابت»: «عملنا دائماً بطريقة مُستقلة جداً، و(ألفابت) جعلت ذلك رسمياً فقط، إنها طريقة رائعة لتوسيع شركة».

تويتر