تُتيح بما تجمعه من بيانات حول المستخدمين توجيه الإعلانات بدقة إلى فئات محددة منهم

مواقع الإعلام الاجتماعي أداة رئيسة للتسويق في العصر الرقمي

صورة

قبل فترة ليست بالطويلة، مثلت مواقع الإعلام الاجتماعي عنصراً فرعياً في حملات التسويق والإعلان، وهو ما تغير سريعاً في ظل إقبال المستخدمين.

ووفقاً لشركة «إي ماركتر» للأبحاث، فإن جمهور مواقع «فيس بوك» و«تويتر» و«لينكد إن»، يصل مجتمعاً إلى ملياري شخص من مختلف أرجاء العالم. 

ثروة بيانات

وتصاعد الإنفاق على الإعلانات في خدمات الإعلام الاجتماعي من أرقام لا تُذكر قبل بضع سنوات إلى التوقعات بإنفاق 20 مليار دولار خلال عام 2015. ويُفضل المعلنون هذه المواقع بسبب ما تجمعه من بيانات حول المستخدمين تشمل من بين أمور أخرى: السن والاهتمامات، وأنماط الاستهلاك.

وتُتيح هذه الثروة من البيانات توجيه الإعلانات بدقة إلى المستخدمين على نحو لم يكن متوقعاً من قبل مع الإعلام التقليدي. فمثلاً اختارت شركة «شيفروليه» الأميركية للسيارات توجيه إعلاناتها في «فيس بوك» و«تويتر» إلى مستخدمين عبروا عن اهتمامهم، أو سجلوا للمشاركة في اختبار سيارات تُنتجها شركات مُنافسة.

وفي ظل تحسن إمكانات التوجيه الدقيق للإعلانات، تتماهى الحدود الفاصلة بين الإعلان والتجارة الإلكترونية، وتُوفر مواقع مثل «فيس بوك» و«تويتر» و«إنستغرام» إعلانات تتضمن أزراراً للشراء المباشر، تسمح للمستخدمين بإتمام عملية الشراء دون مغادرتها.

وفي حين لم يتضح بعد مدى نجاح هذا الخيار وحاجة المستخدمين لمثل هذه الدرجة من الراحة، إلا أن مواقع الإعلام الاجتماعي تتوقع سعي المعلنين في المستقبل لإتاحة التسوق الفوري، ما يزيد فائدة هذه المواقع لمستخدميها، ويُعزز ارتباطهم بها لوقت أطول.

تنوع الرسالة

وقادت إمكانية توجيه الإعلانات إلى شرائح محددة بدقة من الجمهور إلى تغيير الوكالات الإعلانية لحملاتها، وبدلاً من تقديم رسالة واحدة شاملة لمختلف الوسائل مثل الراديو والتلفزيون والصحف المطبوعة وإعلانات الشوارع، فإن الحملات الإعلانية تنوع من رسائلها لتُلائم كلٌ منها فئة محددة من الجمهور.

ويتطلب التسويق الرقمي قدراً أكبر من عمل الوكالات الإعلانية وشركات العلاقات العامة، كما يحتاج مسؤولو التسويق للتخطيط لمنح العلامات التجارية شخصية مميزة وحضوراً في الإنترنت، ورأى كثيرون «تويتر» منصة مناسبة لتُطلق فيه العلامات التجارية رسائل حقيقية وذكية.

نتائج متباينة

وفي الواقع، تنتهي محاولات التسويق للعلامات التجارية في هذا الجانب إلى نتائج مُتباينة، ويُفلح بعضها في الاستفادة من الموضوعات الرائجة بينما يُخفق بعضها الآخر، ويُمكن للمستهلكين الغاضبين التعبير سريعاً عن آرائهم عبر مواقع الإعلام الاجتماعي، ما يُشير إلى أهمية استخدامها بحرص.

وحينما أطلقت شركة «أبل» في عام 2013 النسخة الذهبية من هاتف «آي فون»، نشرت مطاعم «ديني» تغريدة في «تويتر» تُظهر صورة لإحدى فطائرها مصحوبة بعبارة تقول «دائماً ما توافرت باللون الذهبي»، وبدت خطوة ناجحة مع المستهلكين.

وفي المُقابل، لاحظت مطاعم «دي جيورنو» للبيتزا المجمدة استخدام البعض وسم #WhyIStayed أو «لماذا بقيت»، وشاركت بتغريدة تقول إن السبب كان البيتزا، وتبين أن الوسم يتناول العنف المنزلي والأسباب التي تدفع النساء للإبقاء على علاقات تُسيء لهن، واضطرت الشركة لاحقاً للاعتذار عبر الإعلام الاجتماعي أيضاً.

المنصة المفضلة

لكن من غير المُرجح أن تمنع مثل هذه الأخطاء مسؤولي التسويق من توجيه حصة أكبر من الميزانيات إلى منصات الإعلام الاجتماعي. ومع ذلك، فلاتزال تخوض أعمال الإعلان الرقمي مرحلتها المبكرة والمتقلبة، ويصعب التنبؤ بأي الشبكات الاجتماعية ستُعادل مكانة القنوات التلفزيونية الكبيرة.

وقبل فترة رأى البعض في «تويتر» منصة الإعلام الاجتماعي الرابحة من ناحية الإعلانات، لكنه يُواجه في الآونة الأخيرة مشكلات تتعلق بتغير إدارته وتراجع في نمو أعداد المستخدمين.

وحالياً، يبدو «فيس بوك» الوجهة المفضلة للمعلنين، ويبلغ عدد مستخدميه ما يقرب من خمس مرات عدد مستخدمي «تويتر»، ويُحقق عائدات تبلغ تسع مرات قدر إيرادات موقع التدوين المُصغر.

واستحوذت شركة «فيس بوك» على خدمات ناشئة تحظى بشعبية كبيرة، وبدأت عرض الإعلانات في تطبيق «إنستغرام» لمشاركة الصور واختبار كيفية تفاعل المستخدمين.

وحتى الآن، لم يتسبب تنامي الإقبال على الإعلان الرقمي في خسارة كبيرة توقعها البعض لوسائل الإعلام التقليدية مثل التلفزيون، لكن ربما تتزايد قوة المنافسة مع مضي الوقت، وتراجع جمهور التلفزيون وتحوله إلى خدمات لا تدعم الإعلانات مثل «نيتفلكس».

وتُواصل الشبكات الاجتماعية على الإنترنت والمعلنون، لاسيما من مُفضلي الحملات التلفزيونية البحث عن الشكل الأمثل لإعلانات الفيديو. وفي عام 2012 اشترت «تويتر» خدمة «فاين» التي تُتيح للمستخدمين نشر مقاطع فيديو من ست ثوانٍ، كما أطلقت قبل بضعة أشهر تطبيق «بريسكوب» للبث المباشر للفيديو، وحظيت الخدمتان بشعبية واسعة، وعلى الرغم من تجربة المعلنين لهما، إلا أن أياً منهما لم تُظهِر نجاحاً كبيراً كمنصة إعلانية.

عمليات تجريب

ويظل من المنطقي أن يُجرب مسؤولو التسويق الخدمات الجديدة؛ إذ يبقى للخطوات الأولى في مجال الإعلان الرقمي ميزتها، وبحسب مسؤولة التسويق في شركة «جنرال موتورز»، ليندا بوف، فإن العلامات التجارية التي تستخدم المنصات الجديدة مُبكراً تستفيد بشكل لا يُقارن بالآخرين؛ نظراً لتقديمها إعلاناتها قبل تشبع المستخدمين برسائل التسويق.

وتتضمن أحدث منصات التواصل الاجتماعي اللافتة لانتباه مسؤولي التسويق تطبيقات التراسل مثل «سناب شات» و«وي شات» و«كيك» التي تُستخدم، لاسيما في أوساط الشباب، لتبادل الرسائل والنصوص والفيديو مُباشرةً مع أصدقائهم.

كما تختبر العلامات التجارية موقع «بنترست» الذي يعتمد على فكرة تثبيت المستخدمين صوراً تروق لهم، وتفترض هذه المحاولات رغبة المستخدمين في شراء ما يعجبهم، لكن لا يُتوقع أن يصل «بنترست» بعدد مستخدميه البالغ 70 مليون شخص إلى مستوى «تويتر»، فضلاً عن «فيس بوك» الذي يبلغ عدد مستخدميه نحو 1.5 مليار شخص.

وحتى إذا أجادت حملات التسويق التعامل مع مواقع الإعلام الاجتماعي، وتجنبت التطفل والمشاركات غير الناجحة، فلن يعني ذلك سحب البساط تماماً من وسائل الإعلام الأقدم؛ إذ لاتزال الإعلانات التلفزيونية مُلائمة للوصول إلى الجماهير الكبيرة برسائل بسيطة، وتمنح الإعلانات في الصحف المطبوعة بعضاً من الصدقية للعلامات التجارية. وعلى غرار صناديق الاستثمار، يُفضل المتخصصون بالتسويق الإبقاء على حافظة متنوعة ومتوازنة من وسائل الإعلان.

تويتر