تقدم إليهم معلومات وبيانات عبر الرسائل النصية القصيرة.. والتطبيقات تساعدهم على إدارة حقولهم

مزارعو كينيا يستفيدون من تكنولوجيا الهواتف المحمولة

الهواتف المحمولة توفر خدمات تتيح للمزارعين طرح أسئلة عن مشكلات محددة في الزراعة. أرشيفية

من الصعب إنكار تأثير التقنيات الرقمية، لاسيما انتشار الهواتف المحمولة، في الكثير من أوجه الحياة في كينيا التي تقع شرق القارة الإفريقية، ولا تعد الزراعة استثناء، إذ يستفيد العديد من المزارعين الكينيين من حلول تقنية مختلفة في مساعدتهم على إدارة مزارعهم بقدرٍ أكبر من الكفاءة، وتحقيق إنتاج أفضل.

وتتيح الهواتف للكثير من سكان كينيا متابعة مزارعهم مع الاستمرار في العمل والإقامة بالمدن.

ومثلًا يختبر مشروع «إي زد - فارم» EZ-Farm من شركة «آي بي إم» الدور المحتمل للتحليلات المتطورة للبيانات في مساعدة المزارعين على الاطلاع على ما يجري في مزارعهم الصغيرة خارج المدينة.

ويتضمن وضع أدوات استشعار في مواضع مختارة بعناية لمتابعة مستوى خزان المياه، ومستوى الرطوبة في التربة، وعمل معدات الري.

كما تقيس الكاميرات بالأشعة تحت الحمراء معدلات التمثيل الضوئي، التي تؤشر إلى مقدار المياه التي وصلت للمزروعات.

وتنقل جميع هذه البيانات لاسلكياً إلى «آي بي إم كلاود»، ويمكن للمزارعين الاطلاع عليها عبر تطبيق للهواتف الذكية.

وقالت الباحثة المتخصصة في المياه والمسؤولة عن مشروع «إي زد-فارم»، الدكتورة كالا فليمنغ، إنه «في كثيرٍ من الأحيان يتمكن (مزارعو الهواتف) من السفر لزيارة مزارعهم خلال نهاية الأسبوع، ويتطلعون إلى حلول ذكية لإدارة موارد المياه اللازمة لري محاصيلهم ونموها على نحو أفضل».

وأضافت فليمنغ أن إنشاء شبكة رقمية من المزارع الصغيرة ومستخدمي المياه يوفر فرصاً للمنظمات الراغبة في إطلاق خدمات ذات قيمة مضافة، لجني العوائد وزيادة الإنتاجية، لكن الواقع أن الكثير من صغار المزارعين لا يمكنهم تحمل كلفة هذه المعدات عالية التقنية.

وتتوافر حلول أرخص كلفةً تعتمد على الهواتف المحمولة، وتحسن أداء المزارعين في ظل معاناتهم في كثير من الأحيان نقص المعلومات، وضعف قنوات تقديم الاستشارات.

ووفقاً لبيانات «التحالف من أجل ثورة خضراء في إفريقيا»، يشارك أكثر من 80% من تعداد الدول الإفريقية جنوب الصحراء في أنشطة متصلة بالزراعة، لكن يتوافر 70 باحثاً زراعياً لكل مليون شخص.

ومثلًا قال هارون مونوف، الذي يزرع مجموعة متنوعة من المحاصيل في مزرعته، على بعد كيلومترات قليلة شمال العاصمة الكينية، نيروبي: «في البداية اعتدنا الاعتماد على الجيران أو التجار الزراعيين، لمعرفة نوع البذور الذي سنزرعه، زرعت في الموسم الماضي صنفاً معيناً، وتبين أنه لا يلائم منطقتي».

ولجأ مونوف، كحال كثيرين، إلى تطبيق على الـ«ويب» يحمل اسم «مبغو تشويس» MbeguChoice طلباً للمساعدة، ويعني الاسم «اختيار البذور». ويتطلب إجابة المستخدم عن أسئلة بسيطة تتعلق بموقع مزرعته، والنوع المفضل من المحاصيل، وأصناف البذور المتوافرة والجهات التي تبيعها، وخصائص الأرض كفترة النضج وتحمل الجفاف.

وقال مونوف: «نعرف كل ما يتعلق بالأصناف الجديدة والأماكن التي تناسبها، ليس عليّ بعد الآن الاعتماد على الآخرين، أعرف مختلف التنويعات الجديدة ونتائجها في منطقتي».

وأشارت المديرة في شركة «أجري إكسبرينس» Agri Experience، إحدى الجهات المشتركة في تطوير تطبيق «مبغو تشويس»، ألين أوكونور، إلى أهمية معرفة المزارعين بالخيارات المتاحة.

وقالت إن البذرة الجيدة لا تعد كذلك إذا وضعت في المكان الخطأ، فلن يكون للبذور التي تعطي نتائج جيدة في نيروبي الأثر نفسه في مناطق ذات ارتفاع أقل.

وأقرت أوكونور أن توفير الخدمات المستندة على الإنترنت يعني عدم تمكن العديد من المزارعين، الذين يستخدمون هواتف محمولة عادية من الوصول إليها، ومع ذلك أضافت: «نخطط للمستقبل».

وتعتمد خدمات أخرى على الرسائل النصية القصيرة، التي جربت لسنوات، وتستفيد منها في إتاحة معلومات مفيدة للمزارعين، في ضوء انتشار استخدام الهواتف المحمولة العادية في المناطق الريفية. ومنها «وي فارم» WeFarm الذي يتيح للمزارعين طرح أسئلة عن مشكلات محددة في الزراعة، وتلقي إجابات تستقى من أقرانهم مباشرة. ومنذ انطلاق الخدمة في فبراير الماضي، اشترك فيها أكثر من 4500 مزارع.

وقالت مديرة برنامج إفريقيا في «وي فارم»، تيريزا نيكسا: «لا يتمكن جانب كبير من سكان العالم من الوصول إلى الإنترنت أو خدمات المعلومات، وهو ما ينطبق بشكل خاص على صغار المزارعين الذين يعيشون غالباً في مناطق ريفية منعزلة، بعيداً عن أكشاك الإنترنت أو مشورة الخبراء».

وأضافت: «تعين علينا استخدام التكنولوجيا التي يسهل الوصول إليها، وتنتشر على نطاق واسع للمجموعات التي رغبنا في العمل معها».

وبطبيعة الحال لا يمكن للمعلومات وحدها أن تكفل نجاح المزارعين فضلاً عن استمرارهم، ويعتقد المؤسس المشارك في شركة «فارم درايف» FarmDrive الكينية، بيرس بوسير، أن المعلومات تفقد قيمتها تماماً، إذا لم يرافقها التمويل.

وفي الوقت الراهن، تنال الزراعة 1% فقط من القروض التجارية في دول شرق إفريقيا. وقال بوسير: «توجد فجوة ضخمة في التمويل، ونشعر بأنه بمقدور التكنولوجيا لعب دور في ملء تلك الفجوة». وتُوفر «فارم درايف» منصةً بسيطة لحفظ السجلات، وتساعد المزارعين في تكوين ملف ائتماني، وإضافة معلومات مالية عبر الرسائل القصيرة، أو استخدام تطبيق لنظام تشغيل «أندرويد»، أو الإنترنت.

وتتعاون الشركة مع وكالات ائتمان ومصارف تجارية، للتأكد من صحة المعلومات التي يقدمها المزارعون، وعلى سبيل المثال يمتلك المزارع الكيني، ستيفن كيجورو، ماشية ويزرع الخضراوات، ويربي النحل في مزرعته الصغيرة بمدينة لاري في مقاطعة كيامبو.

ولفت كيجورو إلى دور «فارم درايف» في تحسين عمله، بقوله إنه قبل استخدامها عرف القليل حول كيفية تقدم عمله، وأضاف: «لم أعرف مقدار الربح الذي أجنيه من الأنشطة الزراعية المختلفة التي أمارسها، وأي نشاط زراعي يتيح هوامش أفضل للربح، وما تطلبه السوق».

وحالياً يمكن لكيجورو تسجيل بياناته وحفظها، من خلال الرسائل النصية القصيرة في هاتفه المحمول العادي، واستقبال تقارير مخصصة بحسب معلوماته حول أنشطة مزرعته. وقد يساعد هذا الملف الائتماني، الذي ينمو باستمرار، كيجورو على الحصول على قرض لاحقاً. وفي الوقت الذي تحمل فيه التكنولوجيا إمكانات ضخمة لصغار المزارعين في إفريقيا، يعتقد مسؤول التمويل الزراعي في «منظمة الأغذية والزراعة» التابعة للأمم المتحدة، إميليو هرنانديز، أنه باستثناء كينيا هناك ابتكار أقل مما ينبغي. وأضاف أن التنظيم المعقد لتكنولوجيا المعلومات وقطاعات المحمول غالباً يكبح التقدم، لذلك رغم اتفاق الجميع حول الإمكانات غير المستغلة، إلا أنها تظل حتى الآن قاصرة على مواقع معينة.

 

تويتر