عبر مشروعات ومبادرات أبرزها «إنترنت دوت أورغ» و«لينك» و«المساحات البيضاء»

شركات التكنولوجيا الكبيرة تسارع لتوفير الاتصال بالإنترنت في إفريقيا

صورة

تعتبر قارة إفريقيا واحدة من أهم الأسواق الناشئة للإنترنت في العالم، ولايزال ينقصها الكثير لتحقيق مستويات واسعة من انتشار الإنترنت والاتصالات، ما دفع عدداً من أكبر شركات التكنولوجيا في العالم، والولايات المتحدة الأميركية تحديداً، للمسارعة بتقديم مبادرات ومشروعات تعد بتوفير الإنترنت لمئات الملايين من الفقراء في العالم، وإفريقيا في القلب منه.

ومن ذلك مبادرة «إنترنت دوت أورغ»، التي كشف عنها الرئيس التنفيذي لشركة «فيس بوك»، مارك زوكربيرغ، قبل نحو عامين، وتضم إلى جانب «فيس بوك» شركاء آخرين، وترمي أساساً إلى توفير الاتصال بالإنترنت من خلال استراتيجيات متنوعة، منها الاستعانة بالطائرات من دون طيار، والأقمار الاصطناعية.

وتتجلى أهم المظاهر الملموسة لمبادرة «إنترنت دوت أورغ» في تطبيق للمحمول أو بتعبير أدق خدمات شبيهة بالتطبيقات تجتمع سوياً ضمن تطبيق كبير، وبذلت «فيس بوك» جهوداً كبيرة لإقناع مُقدمي خدمات الاتصالات المحمولة حول العالم بتوفيره مجاناً للمستخدمين.

وتتفاوت حزمة الخدمات التي تتيحها «إنترنت دوت أورغ» من بلد إلى آخر، لكن تعد أهم أقسامها نسخة تُتيح الميزات الأساسية في شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، وخدمة التراسل التابعة لها «ماسنجر»، إضافة إلى خدمات أخرى مُفيدة، مثل «ويكيبيديا»، وأخبار وتقارير عن حالة الطقس، وخدمات حكومية واجتماعية، فضلاً عن تطبيقات محلية يُقدمها رواد الأعمال في كل بلد.

وأطلقت «فيس بوك» خدمة «إنترنت دوت أورغ» في زامبيا في نهاية يوليو من العام الماضي، ومنذ ذلك الحين أضافت 16 بلداً آخر. وأتاح ذلك لعشرات الملايين من الأشخاص تجربة الاتصال بالإنترنت، وفي مايو الماضي صار أكثر من تسعة ملايين شخص منهم ضمن المستخدمين المنتظمين لخدمات الإنترنت، بحسب الشركة.

ومن المُرجح أن يقدم زوكربيرج بيانات محدثة حول أداء المبادرة مع إعلان النتائج الفصلية لشركة «فيس بوك». وقال نائب رئيس «إنترنت دوت أورغ»، كريس دانيلز: «يُبين (إنترنت دوت أورغ) للناس حقاً قيمة الإنترنت».

ويُخطط دانيلز خلال الأسبوع الجاري للإعلان عن المرحلة التالية من المشروع التي ستزيد بدرجة كبيرة من عدد مُقدمي خدمات المحمول الذين يوفرون «إنترنت دوت أورغ»، وقال: «نحن على استعداد الآن لتوسيع نطاق الحل، ونرغب في وجود مزيد من المشغلين في عدد أكبر من البلدان، وعدد من المشغلين في بلد واحد».

وحسب دانيلز، يتطلع ما يزيد على نصف المستفيدين من خدمة «إنترنت دوت أورغ» إلى اتصال أكبر بالإنترنت، ما يدفعهم إلى شراء خطة بيانات بمقابل مادي تستمر 30 يوماً من مقدمي خدمات المحمول المحليين، على الرغم من أن استخدامهم قد يقتصر على تنزيل صورة أو مقطع فيديو، وهي خدمات لا تشملها النسخة الأساسية من «فيس بوك» ضمن «إنترنت دوت أورغ».

وفي الوقت الذي رفض فيه دانيلز الإفصاح عن بيانات أكثر دقة حول استخدام «إنترنت دوت أورغ»، قال إنه ليس خدمة خيرية، وفي الواقع جذب بعض المستهلكين لدفع المال لمُشغلي خدمات الهواتف المحمولة.

وواجهت مبادرة «إنترنت دوت أورغ» انتقادات عدة، وصفتها بأنها ذريعة لدفع شركات الاتصالات لتوفير شبكة التواصل الاجتماعي «فيس بوك» للمستخدمين من ذوي الدخول المُنخفضة. من جانبه، قال دانيلز، إن الشركة أتاحت «إنترنت دوت أورغ» منصةً مفتوحةً، وتسعى لجذب عدد أكبر من مطوري التطبيقات من كل بلد لتقديم تطبيقات بسيطة يمكن دمجها مع الخدمة.

ومن المقرر أن يكرر ذلك خلال مؤتمر لمطوري البرمجيات في إفريقيا: «سنواصل البحث عن مزيد من المحتوى المحلي، ووفرنا المنصة لضمان وجود قدر أكبر من المحتوى المتاح».

وتحولت القارة الإفريقية إلى ساحة حيوية لتجارب أكبر شركات التكنولوجيا الأميركية، فضلاً عن الشركات الناشئة المحلية. وإلى جانب مجهودات «فيس بوك» التي شملت توفير نسخة باللغة السواحلية من موقعها، تدعم شركات أخرى، مثل «غوغل» و«آي بي إم» و«مايكروسوفت»، مشروعات تقنية في القارة.

وعلى سبيل المثال، أقامت «غوغل» شبكة إنترنت عالي السرعة من الألياف الضوئية في العاصمة الأوغندية كمبالا، لكن بعكس مشروعها للألياف الضوئية في المدن الأميركية الرئيسة، لا توفر «غوغل» خدمتها المعروفة باسم «مشروع لينك» مباشرة للأوغنديين، وبدلاً من ذلك تبيعها بالجملة بسعر رخيص إلى مزودي خدمات الإنترنت المحليين، وأدى ذلك إلى تراجع حاد في كلفة الاتصال بالإنترنت في كمبالا، نظراً لتنافس المزودين الجدد مع الشركات التقليدية لتوفير الخدمات.

وقال مدير مركز «نتوورك ستارت أب ريسورسز»، ستيف سونغ، إن «قيمة شبكة الألياف في كمبالا تساوي 1000 طائرة من دون طيار». ويتخذ المركز غير الهادف للربح من «جامعة أوريجون» الأميركية مقراً له، ويتعاون مع شركة «غوغل» في بعض من مشروعاتها في قارة إفريقيا.

وبالنسبة لشركة «مايكروسوفت»، فقد دعمت مشروعات متنوعة لنقل إشارات الإنترنت من خلال تقنية «الفضاءات البيضاء» أو «المساحات البيضاء»، وهي أجزاء غير مستغلة من موجات الراديو والتلفزيون. وأعلنت نهاية الأسبوع الماضي عن تعاونها مع «مؤسسة الاستثمار الخاص في الخارج» التابعة للحكومة الأميركية، لتوفير التمويل لشركة «ماوينجو نتووركس» لتشييد محطات توفر الاتصال بالإنترنت في المناطق النائية من كينيا، وتعمل بالطاقة الشمسية بالاعتماد على تقنية «المساحات البيضاء».

وأعلنت «آي بي إم» عن برنامج رسمي لمساعدة المشروعات العاملة في مركز «آي هَب» للتكنولوجيا في نيروبي المُخصص للابتكار والتعاون. وتُعد كينيا ملتقى لعدد من كابلات الاتصالات الدولية الرئيسة، ما يجعل منها مركزاً مؤثراً للابتكار والاتصال بكلفة معقولة، حسب ما قال سونغ.

ويبدو أن إفريقيا، بما تشهده من نمو سريع في الاتصالات والإنترنت، وفرص كبيرة للنمو الاقتصادي، أتاحت بعض التعاون بين المتنافسين التقليديين في عالم التكنولوجيا. وقال سونغ إنها أحد الأماكن التي تشهد تحالفاً بين «مايكروسوفت» و«غوغل» و«فيس بوك».

 

تويتر