شركات الاتصالات تتجه إلى اتفاقات تعاون تُـتيح التشغيل البيني بعد أن كانت ترفضها سابقاً

التحويلات المالية عبر «المحمول» في إفريقيا تتخطى حدود الدول والشبكات

صورة

يمثل العديد من الدول الإفريقية أرضاً خصبة للابتكارات في مجال خدمات تحويل الأموال عبر الهواتف المحمولة، إذ تسعى أكبر شركات الاتصالات العاملة في القارة للتعاون معاً، لإتاحة تحويل الأموال عبر الشبكات والدول المُختلفة، وهي الخطوة الأحدث ضمن سعيها إلى تأكيد مكانتها في تقنيات الخدمات المالية للمحمول.

شراكات جديدة

تبدأ شركة «فوادفون غروب» في لندن، و«إم تي إن» في جنوب إفريقيا، يوليو الجاري، السماح للمتعاملين معها في منطقة شرق ووسط إفريقيا، بإرسال الأموال لبعضهم بعضاً، وهو تعاون يجمع للمرة الأولى بين أكبر شركات الاتصالات في القارة في مجال الخدمات المالية عبر «المحمول» الذي يشهد منافسة كبيرة.

ومن شأن الشراكة الجديدة أن تقود لمزيد من النمو الاقتصادي في أسواق تشهد نمواً سريعاً بالفعل، كما قد تُوفر إيرادات في ظل نضج الطلب على الهواتف المحمولة الجديدة وخدماتها.

وقالت «إم تي إن غروب» إن المنافسة الشرسة في القارة تسببت في خسارتها العائدات مُقابل كل مستخدم في 19 سوقاً من بين 22 دولة في إفريقيا.

وأشار الشريك في مجموعة «بوسطن» للاستشارات في مدينة جوهانسبرغ في جنوب إفريقيا، هانز كويبرز، إلى أن «شركات الاتصالات أدركت، أخيراً، ضرورة الترابط لتوفير نظام عمل صحي». وتأمل شركات الاتصالات أن يمنحها الاتفاق الأخير نصيباً أكبر من بين 48 مليار دولار، تُمثل إجمالي التحويلات المالية التي استقبلها وأرسلها الأفارقة خلال عام 2014، بحسب تقديرات البنك الدولي.

وقاومت شركات «المحمول» اتفاقات التعاون التي تُتيح التشغيل البيني، وإمكانية التبادل في ما بينها، نظراً لسعي كل منها للحصول على حصة خاصة من السوق.

خدمة «إم - بيسا»

حالياً، تُعد خدمة «إم - بيسا» لتحويل الأموال عبر المحمول في كينيا الخدمة الأكثر نجاحاً في القارة، وأطلقتها شركة «سفاريكوم» التابعة لشركة «فودافون» عام 2007، ويصل عدد مستخدميها إلى 14 مليون شخص يعتمدون عليها لأنواع مختلفة من التحويلات، تصل إلى الدفع مقابل سيارات الأجرة.

وقد يسمح الاتفاق الجديد بحصول «إم تي إن» على جانب من هذه الرسوم، إذ تُتيح الشراكة تبادل المدفوعات بين المشتركين في خدمات «فودافون» في كل من كينيا، الكونغو، وتنزانيا، ومُستخدمي «إم تي إن» في أوغندا، ورواندا، وجنوب السودان، وزامبيا.

معقوات الاتفاق

من بين أهم المعوقات التي واجهت الاتفاق، نيل موافقة المصرف المركزي الخاص في كل دولة على إرسال الأموال وتلقيها من الخارج، بحسب ما قال رئيس الخدمات لمالية للمحمول في «إم تي إن»، سيرجن ديوم، الذي حصلت شركته على موافقة باستقبال الأموال في أوغندا في مايو الماضي، إضافة إلى موافقة على إرسال الأموال وتلقيها في رواندا.

وأوضح ديوم أن «الهدف كان الجمع بين الأسواق التي تتمتع فيها (إم تي إن) بموقف قوي والأسواق التي تُسيطر فيها الفروع التابعة لشركة (فودافون)، الأمر الذي يُتيح انتشاراً إقليمياً أوسع للشركتين. ولم تُحدد كلٌ من (إم تي إن) و(فودافون) طريقة اقتسام الأرباح بين شبكة وأخرى للمدفوعات العابرة للحدود».

كُلفة التحويلات

وقال ديوم: «إن الشراكة ستُؤدي إلى خفض كلفة التحويلات بين الدول من نسبة تصل إلى 20% من قيمة المبلغ إلى 3% أو أقل. وهو ما حققته (إم تي إن) بالفعل، من خلال شراكة تجريبية جمعتها العام الماضي مع شركة (إيرتل بوركينا فاسو)، وشملت بوركينا فاسو وساحل العاج المُجاورة».

وأضاف «البنك الدولي» إن خفض مثل هذه الرسوم بمقدار خمس نقاط مئوية فقط قد يُوفر سنوياً ما يصل إلى 16 مليار دولار للأفارقة. وترى الشركات المُشغلة لشبكات الهاتف المحمول أن المستهلكين قد يُوجهون هذه الأموال لمزيدٍ من المشتريات عبر المحمول.

وتابع ديوم: «نُريد أن يستخدم الأشخاص حافظة أموالهم عبر (المحمول)، لإنجاز مُختلف التحويلات، بما يشمل التحويلات المالية الدولية».

ووفقاً لبيانات «البنك الدولي»، فقد أرسل الأوغنديون إلى كينيا 72 مليون دولار، على شكل تحويلات مالية، في حين أرسل الكينيون 51 مليون دولار إلى أوغندا.

وقالت شركة «فودافون» إنها قد لمست بالفعل مكاسب التشغيل البيني عقب اتفاق وقعته في فبراير الماضي، وأتاح لمُستخدمي «إم - بيسا» في تنزانيا، البالغ عددهم سبعة ملايين شخص، تحويل المال واستقباله من أربعة ملايين شخص يُمثلون متعاملي مُنافستها «تيجو» التابعة لشركة «ميليكوم» للاتصالات.

واعتبر رئيس الخدمات المالية للمحمول في «ميليكوم»، جريج ريفي، أنه كلما ازداد عدد المُشاركين في نظام العمل، كان ذلك أفضل للجميع. ويتبع الاتفاق الأخير شراكة أخرى ربطت العام الماضي بين خدمة «تيجو» وشركتين مُنافستين في تنزانيا، ما يجعل البلاد أكبر سوق للتشغيل البيني، والعمل المُتبادل في قارة إفريقيا.

ابتكار إفريقي

من جانبه، قال مدير السياسة العامة في «الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول»، مورتيمر هوب، إن «استخدام خدمات الدفع عبر الهواتف المحمولة كان جيداً إلى حدٍ كبير في تنزانيا، لكنه شهد زيادة حادة مع توافر التشغيل البيني وقابلية التبادل بين الشركات».

وتُمثل «الجمعية الدولية لشبكات الهاتف المحمول» المعروفة اختصاراً باسم «جي إس إم إيه» مصالح مُشغلي شبكات المحمول في مختلف أنحاء العالم. وذكرت سابقاً أن العديد من بين أكثر أعضائها إبداعاً وابتكاراً يعملون في إفريقيا، كما أن ما ابتكروه من سُبل لدفع الأموال عبر الهواتف المحمولة قد يصل لاحقاً إلى الولايات المُتحدة واليابان.

من جانبها، تُرجع الشركات العاملة في القارة السمراء الفضل إلى استفادتها من الإمكانات المحلية.

تويتر