توقعات بتمتع شركات الاقتصادات الناشئة بقدرة أفضل على التأقلم مع ظروف الهند

سوق التكنولوجيا في الهند ساحة منافسة بين الشركات الأميركية والصينية

صورة

تشهد الهند حالياً موجات متتالية من الشركات الأجنبية العاملة في مجال الإنترنت والتجارة الإلكترونية، إذ تُسارع كبرى شركات التكنولوجيا في العالم إلى السوق الهندية، لتكرار ما حققته من نجاح ونمو في بلدانها الأم،

وستدفع هذه المنافسة بكبرى شركات التكنولوجيا الأميركية لمواجهة منافساتها من قارة آسيا، لاسيما من الصين، ولا يصعب تفسير أسباب إقبالها جميعاً على الهند، التي يجاوز عدد سكانها المليار نسمة، ومع ذلك، فإنها لاتزال في طور النمو من ناحية التكنولوجيا.

وتتوقع شركة «إريكسون» ارتفاع مُستخدمي الهواتف الذكية في الهند إلى 750 مليون شخص بحلول عام 2020، مقارنة مع 130 مليون في العام الماضي، وقادت آفاق النمو السريع إلى ارتفاع قياسي في استثمارات مجموعات رأس المال المخاطر في البلاد على مدار العام الماضي، وأضحت مدينة «بنغالور»، جنوبيّ الهند، مركزاً مزدهراً نابضاً بالحياة للتكنولوجيا.

 

توسع نحو آسيا

وتجتذب الهند الشركات الأميركية الكبيرة مثل «غوغل» و«فيس بوك» و«تويتر»، ضمن سعيها للتوسع في قارة آسيا، لاسيما مع مواجهة الشركات الثلاث للعديد من القيود في البر الرئيس للصين، وهي إحدى أهم الأسواق العالمية وأكبرها. وفي مُقابل تقييد الصين عملها واشتراطها الرقابة على المحتوى ومواجهتها منافسة الشركات المحلية الكبيرة، فإن الهند تمثل أرضاً مفتوحة نسبياً.

وتحظى شركات التكنولوجيا الأميركية في الهند بفضل السبق، إذ تُعتبر البلاد ثاني أكبر أسواق «فيس بوك» في ما يتعلق بأعداد المستخدمين، كما أن الهند ثالث أكثر البلدان استخداماً لموقع «تويتر»، ويُرحب المستهلكون المحليون بالعلامات التجارية الشهيرة في الغرب.

وفي غضون سنوات قليلة، فإن من المتوقع أن تصبح الهند أكبر الأسواق لكلتا الشركتين، ومع ذلك، فإن سوق إعلانات الإنترنت الناشئ في البلاد لا يعد بتحقيق أرباح سريعة لكل من «فيس بوك» و«تويتر».

بدورها، تسعى شركة «أمازون» الأميركية إلى زيادة أنشطتها في الهند، إذ استثمرت في عام 2014 ملياريّ دولار، في محاولة لمواجهة الشركات المحلية مثل «فليبكارت»، أكبر موقع للتجارة الإلكترونية في البلاد. وبالمثل تتنافس «أوبر» الأميركية، صاحبة تطبيق طلب سيارات الأجرة عبر الهواتف الذكية، مع مثيله الهندي «أولا كاب»، الذي تدعمه شركة «سوفت بنك» اليابانية، وتعهدت الأخيرة باستثمار 10 مليارات دولار في شركات الإنترنت الهندية خلال العقد المُقبل.

 

استثمار صيني

في حين اتجهت الشركات الصينية لاحقاً إلى الهند، إلا أنها لا تقل تصميماً على النجاح من نظيرتها الأميركية، إذ استثمرت شركة «علي بابا» نصف مليار دولار خلال العام الجاري، في خدمة «باي تي إم» لدفع الأموال عبر الهواتف المحمولة، التي تُدير متجراً على الإنترنت، في خطوة قد تضع كبرى شركات التجارة الإلكترونية في الصين في مواجهة مُباشرة مع «أمازون». ويتطلع المُؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «علي بابا»، جاك ما، إلى عقد المزيد من الاتفاقات في الهند.

وفي مجال تصنيع الهواتف الذكية، أطلقت شركة «شياومي» الصينية أعمالها في الهند عام 2014، وتعتبرها واحدة من أكثر الأسواق أهمية بالنسبة لها، كما يتوقع بعض المحللين أن تبدأ كل من «بايدو» و«تنسنت» الصينيتين الاستثمار بجدية في الهند قريباً.

وبالفعل يحتل تطبيق «وي شات»، التابع لشركة «تينسنت»، المرتبة الرابعة بين أكثر تطبيقات التراسل الفوري شعبيةً في الهند، ووقع الأسبوع الماضي اتفاقية مع شركة «إيروس» الهندية، المتخصصة في إنتاج الأفلام لعرض مقاطع فيديو وموسيقى من أفلام «بوليوود» مجاناً لمستخدمي التطبيق.

وتتمتع جميع الشركات الصينية بموارد مالية ضخمة، تسمح لها بإعادة تشكيل قطاعات كبيرة من اقتصاد الإنترنت الوليد في الهند، ويُضاف إلى ذلك ميزة أخرى، إذ إن من المُرجح أن تتمتع نماذجها في العمل بقدرةٍ أكبر على التكيف في السوق الهندية الناشئة الأقل تقدماً، بما يفوق فرصة المنافسين الآخرين من الولايات المتحدة.

وكما هو الحال في الصين، فإن من المتوقع أن تُهيمن الهواتف المحمولة على استخدام الإنترنت في الهند بدلاً من أجهزة الكمبيوتر، كما يتحكم عامل الكلفة بدرجة كبيرة في قرارات المستهلكين الهنود واختياراتهم. ووفقاً لبحث أجرته شركة «كونفرجنس كاتاليست»، فإن ثلث مُستخدمي الهواتف الذكية في الهند لا يمتلكون اشتراكات البيانات خوفاً من كلفتها.

 

الإبداع والابتكار

وتكثر الانتقادات لقطاع الشركات الناشئة في الهند، لاسيما فيما يرونه افتقاراً إلى المبدعين والخيال، والاقتصار على نسخ النماذج الغربية، سواء في تجارة التجزئة أو الإعلانات المبوبة، ويُظهر الواقع عدم تحقيق المنتجات الأميركية الصريحة والمُباشرة نجاحاً جيداً في السوق الهندية مثل «إي باي»، و«غروبون» للتجارة الإلكترونية، ووكالة السفر على الإنترنت «إكسبيديا».

وقال المدير التنفيذي لفرع مجموعة «سيكويا» الأميركية لاستثمارات رأس المال المخاطر، شايلندرا سينج، إن عمل الشركات التي تستنسخ نماذج عمل غربية لا يمضي على نحو جيد في الهند، مؤكداً أن ما تحتاجه الهند هو نماذج مطورة تتضمن أساس الأفكار التي نجحت في مكان آخر، لكن بقوة وإمكانات إضافية، أو نماذج جديدة تماماً تُلائم الظروف المحلية، ولا يعني هذا أن الطريق مُمهد تماماً أمام الشركات الصينية للعمل في الهند، فشركة «شياومي» حققت مبيعات جيدة، ولكن دون أن تبلغ بعد النجاح الهائل الذي حققته الشركة في وطنها الأم. وبطبيعة الحال، ستتمتع الشركات التي نشأت وتطورت في ظروف الاقتصادات الناشئة بقدرة أفضل على التأقلم مع ظروف الهند، وفي هذه المعركة ربما ستكون للشركات الصينية ميزة تفوق بها نظيراتها الأميركية.

تويتر