من المتوقع أن يشمل التوصيف الوظيفي لمناصب في المجال الطبي «مهارات تحليل البيانات»

دور التقنية الرقمية يُغيّر طبيعة الوظائف في قطاع الرعاية الصحية

صورة

لم تعدّ المهارات اللازمة للأطباء والعاملين بالتمريض، وقطاع الرعاية الصحية عموماً، تقتصر على المعرفة العلمية المتخصصة، بل تؤدي الاستعانة بالتكنولوجيا وتحليل البيانات وأجهزة المتابعة الصحية عن بُعد إلى تزايد الطلب على مهارات جديدة في العاملين في المجال الطبي، خلال السنوات المقبلة.

وعلى مستوى المناصب العليا، فسيحتاج كبار المسؤولين والمديرين في قطاع الرعاية الصحية إلى صقل مهاراتهم الرقمية، دون أن يعني ذلك بالضرورة التخصص في علوم البيانات أو البرمجيات.

وفي الوقت الراهن يتأثر التخطيط الاستراتيجي في المؤسسات الصحية أكثر من أي وقت مضى بالحاجة إلى استخدام التكنولوجيا، لخفض النفقات وزيادة كفاءة الخدمات.

ونظراً لسرعة التطوّرات التقنية الحاصلة، سيحتاج المسؤولون في مجال الرعاية الصحية إلى الاطلاع دائماً على الجديد في تطبيقات الأجهزة المحمولة، والأجهزة القابلة للارتداء، وتحليلات البيانات، والأجهزة الطبية المتصلة لاسلكياً بالإنترنت.

واعتبر المدير العام لحلول الرصد في شركة «جنرال إلكتريك للرعاية الصحية»، ديدييه ديلتورت، أن ذلك سيُمثل تحدياً، قائلاً: «إن الأمر كله يتعلق بالتغيير، وحين تتعامل مع أوجه القصور، قد تكون الطرق الجديدة في العمل والتقنيات الجديدة مُخيفة، ولذا يحتاج مسؤولو الرعاية الصحية حقاً إلى مُعالجة تلك الأمور بعناية، من خلال منهجيات إدارة قوية للتغيير».

ومن بين العلامات الدالة على تأثر مهارات العاملين في القطاع الطبي، تغيّر مسميات المناصب العليا المرتبطة بتكنولوجيا المعلومات داخل مؤسسات الرعاية الصحية، فإلى جانب الرئيس التنفيذي الطبي، فمن المُرجح أن تضم قائمة المسؤولين التنفيذيين وظائف مثل: الرئيس التنفيذي للتحليلات، والرئيس التنفيذي لأمن المعلومات، إضافة إلى مسؤول عن عملية التحوّل.

ولفت المسؤول عن تكنولوجيا المعلومات الصحية في شركة «ويت/كيفر» Witt/Kieffer للأبحاث التنفيذية المعنية بالرعاية الصحية، جيم أترباك، إلى انضمام مسؤولي التكنولوجيا إلى مجالس إدارات الشركات.

كما أشار أترباك إلى تغيّر في تدرج العلاقات داخل مؤسسات الرعاية الصحية، فلم تعدّ العلاقة المُباشرة في العمل تربط بين الرئيس التنفيذي للمعلومات والرئيس المالي أو الإداري، وعوضاً عن ذلك يتصل مباشرة بالرئيس التنفيذي للمؤسسة، ما يعني أن المعنيين بتكنولوجيا المعلومات يشكلون جزءاً من مجموعة القيادة في الوقت الحاضر.

وتُشير التحوّلات الجارية في كيفية استخدام التكنولوجيا داخل غرف المستشفيات والعيادات وغرف العمليات، إلى حاجة الأطباء وفرق التمريض إلى مهارات جديدة، ففي الماضي مثل المشرط الجراحي الأداة الرئيسة للجراحين، وهو ما اختلف حالياً فيجري الجراحون العمليات بواسطة منصات الحواسيب وأدوات روبوتية تُحاكي حركات الذراع البشرية، ويستعينون بالكاميرات المُلحقة بالروبوتات لمُشاهدة صور عالية الدقة والتحكم في حركة الروبوتات.

وقال الخبير التقني في شركة «بي إيه كونسلتينغ» للاستشارات في المملكة المتحدة، سيمون بورنيل، إنه «ينبغي على الجراحين اليوم تفسير المعلومات التي حصلوا عليها قبل الجراحة في الوقت الذي يجرون فيه العمليات، وهو ما أنشأ عبئاً للعمل يرتبط بمهنتهم لم يكن موجوداً من قبل».

كما سيحتاج المتخصصون في قطاع الرعاية الصحية إلى الاستعداد لإدارة كميات ضخمة من المعلومات بالتوازي مع جمع الآلات والأجهزة، سواء المستخدمة في المستشفيات أو منازل المرضى، للبيانات ونقلها لاسلكياً.

ويُشير ذلك إلى أن التوصيف الوظيفي للعديد من المهن الطبية سيتضمن مهارات تحليل البيانات خلال فترة ليست بعيدة.

وقال أترباك: «مع تحولنا من جمع البيانات وتطبيق أنظمة السجلات الطبية الإلكترونية، إلى مرحلة نحتاج فيها إلى التحليلات لتحسين النتائج التي يحصل عليها المرضى، ستُؤدي تلك الزيادة كلها إلى كثير من الوظائف الجديدة في السوق».

وفي الوقت نفسه، سيقود تزايد اللجوء إلى تقنيات المتابعة الصحية في المنازل إلى تغيّرات أخرى في الموارد البشرية العاملة في المجال الطبي، فستحتاج نُظم الحاسوب في المستشفيات وشبكات الرعاية الصحية إلى خبراء في تكنولوجيا المعلومات، وذلك بغرض تطوير البرمجيات التي تربط بين الأطباء والمرضى عن بُعد، ثم إدارة هذه البرمجيات وحل مشكلاتها.

وبطبيعة الحال، سيتطلب الأمر دراية المتخصصين في الطب بكيفية استخدام تلك الأنظمة.

ولفت أترباك إلى الحاجة إلى كثير من الخبراء المتمرّسين في التكنولوجيا في أقسام تكنولوجيا المعلومات، جنباً إلى جنب مع فريق طبي بارع في تكنولوجيا المعلومات.

ويستلزم ذلك كله تغييراً جذرياً في برامج تعليم المتخصصين في الرعاية الصحية داخل كليات الطب والتمريض والصيدلة.

وتساءل أترباك عن الوقت الذي يُخصص للتكنولوجيا ضمن تعليم الأطباء، وقال: «إن الإجابة كانت حتى السنوات الخمس الماضية هي صفر»، متوقعاً تغيّر المناهج الدراسية في كليات الطب والتمريض والصيدلة، بالتزامن مع دخول التكنولوجيا إلى مجال الرعاية الصحية، وهو تطوّر ثوري يفوق عمليات التطوير التدريجية.

تويتر