توقعات بوصول الإنفاق على «إنترنت الأشياء» إلى 1.7 تريليون دولار بحلول 2020

المنازل الذكية.. الساحة المُقبلة للمنافسة بين «غوغل» و«أبل»

صورة

لم يعد الحديث عن المنازل الذكية ضرباً من الخيال أو التصور المستقبلي، بل صار بالإمكان ضبط درجات الحرارة والتدفئة وتشغيل الموقد والإضاءة قبل الوصول إلى المنزل. ويوماً بعد آخر تصبح التقنيات أصغر حجماً، وأرخص سعراً، وأسرع وأكثر تنوعاً ما يتيح فرصاً جديدة لإحداث تغيير جذري في الأجهزة المستخدمة لأغراض الحياة اليومية.

وتوقعت شركة «آي دي سي» للأبحاث، في تقريرٍ حديث، وصول الإنفاق على ما يُعرف باسم «إنترنت الأشياء»، وهو مصطلح يُشير إلى الأجهزة المتصلة بالإنترنت، إلى 1.7 تريليون دولار بحلول عام 2020، وهو رقم كبير بالنظر إلى حداثة المجال، وغيابه تقريباً قبل خمس سنوات فقط.

ويبدو سعي الشركات للاستفادة من هذه الموجة أمراً حتمياً لا يتطلب تفسيراً. وتُحاول الشركات إقناع المستهلكين بإمكان تحسين مختلف الأجهزة والأدوات من خلال إضافة شريحة ذكية. وتتوافر أمام المستخدمين في أميركا مثلاً خيارات مختلفة مثل شراء جهاز «ترموستات» لضبط درجات الحرارة في المنزل عن بعد مُقابل نحو 200 دولار.

وبالنظر إلى جانب المستهلكين يصير الأمر أكثر تعقيداً، ففي حين قد يعتقد أحدهم أنه يشتري جهازاً واحداً، مثل «ترموستات» أو نظام للأمن، فإنه في الحقيقة يشتري جزءاً واحداً ضمن منظومة متكاملة من الأجهزة الذكية التي تحتاج إلى العمل معاً، وبالتالي فإن نوع جهاز للمنزل الذكي قد يُحدد العلامة التجارية لأجهزة أخرى كالثلاجة ونظام الأمن وربما السيارة.

وأوضح جيفرسون وانغ، من شركة «آي بي بي كونسلتينغ»، أن المستهلكين يطرحون سؤالاً حول ما إذا كان شراؤهم لجهاز «نست» سيجعل منهم مرتبطين بشركة «غوغل» لبقية حياتهم، وكذلك ما إذا كان حصولهم على «تلفزيون أبل» سيصلهم دائماً بشركة «أبل».

ويتزايد إقبال أكبر شركات التكنولوجيا على هذا المجال، في الوقت الذي ترقب استقرار مبيعات الهواتف الذكية في الأسواق عالية الإنفاق وتوقفها عن النمو. وتمتلك «غوغل» و«أبل» خططًا طموحة في هذا الشأن.

وسبق أن قدمت «أبل» توجيهات إرشادية للمطورين، تُبين أن جهاز «أبل تي في» المرافق للتلفزيون سيُشكل محور عمل الأجهزة الذكية المتوافقة.

ويتوقع محللون اشتداد المنافسة بين «غوغل» و«أبل» وقليل من الشركات الأخرى في مسعى لفرض السيطرة مُبكراً، والاستفادة ما يعرف بوقع الهالة، أو «تأثير الهالة» للمنتجات، الذي يُعبر عن تفضيل المستهلكين شراء الأجهزة التي تتوافق مع أخرى لديهم بالفعل، ما يحصر المستخدمين في الاختيار بين عالمي الشركتين الكبيرتين. وحتى الآن يتجلى اهتمام «أبل» و«غوغل» بالاستراتيجيات نفسها التي طبقتاها في عصر الهواتف الذكية إلى عالم الأجهزة المنزلية المتصلة بالإنترنت.

ويرى وانغ أن ما يُعرف عن «أبل» من جودة وولاء معجبيها، يمنحها ميزة لا شك فيها، وفي المُقابل تتمتع «غوغل» بمجتمع ضخم من المطورين لنظام «أندرويد»، وعدد كبير من المستهلكين، ومنتجات مستخدمة بالفعل مثل «نست»، وهو جهاز «ترموستات» رائج للتحكم في درجة حرارة المنزل صنعته شركة تحمل الاسم ذاته، واستحوذت عليها «غوغل» في عام 2014 نظير 3.2 مليارات دولار.

وتوفر أجهزة «نست»، إلى جانب أنظمة «دروبكام» الأمنية، وهي نتاج عملية استحواذ أخرى، لشركة «غوغل» نجاحاً مبكراً في مجال الأجهزة المنزلية الذكية. وكانت «غوغل» أعلنت خلال مؤتمرها الأخير للمطورين عن منصة للمنازل الذكية باسم «بريلو»، وأتاحتها للمطورين الراغبين في تقديم أجهزة ذكية تتوافق مع التقنيات الأخرى من «غوغل» مثل «ترموستات» (نست).

وجاء إعلان «غوغل» بعد عام من كشف «أبل» للمرة الأولى عن منصتها «هوم كيت»، إذ طُرح، أخيراً، في الأسواق أول أجهزة «هوم كيت» التي يُمكن للمستهلكين التحكم فيها عبر تطبيق على هواتف «آي فون». وتتضمن قائمة شركاء «أبل» شركة «آي هوم» للإلكترونيات، و«لوترون» أحد أهم مُنتجي المصابيح الذكية، و«إيجاتو» للإنتاج أدوات الاستشعار المُخصصة لمتابعة نوعية الهواء ومستوى الرطوبة واستهلاك المياه والطاقة.

وتتوافق هذه المنتجات مع «سيري»، المساعد الشخصي الخاص بنظام «آي أو إس»، ما يعني أن بمقدور المساعد الصوتي الآن تشغيل الإضاءة ومتابعة شاشات العرض، والعمل كجهاز للتحكم عن بعد أو «ريموت كنترول» للمنزل.

وقال المُحلل في شركة «غارتنر» للأبحاث، مارك هونغ، إنه لايزال من السابق لأوانه تحديد لمن ستكون الغلبة في هذه المنافسة، وقال إنه خلافًا لأسواق الحواسيب الشخصية والهواتف الذكية، لم تصحب أياً منها قصة تشرح لماذا سيحتاج إليها الشخص العادي، مُضيفاً أنها لاتزال في مرحلة الاستكشاف.

وتضم الساحة إلى جانب «أبل» و«غوغل» منافسين آخرين يطرح كل منهم خدماته ومنتجاته وتقنياته الخاصة، ويُحاولون استثمار رغبات المستهلكين من وراء المنازل الذكية. من بينها الشركات المنتجة لمنصات ألعاب الفيديو، مثل «سوني» و«مايكروسوفت» اللتين تُقدمان عروضاً لمحاولة إدارة غرفة المعيشة من خلال عملهما في مجالي الترفيه والألعاب. كما تعمل «إيه تي آند تي» و«كومكاست» على تعزيز أعمالهما في توفير خدمات الإنترنت بإضافة نظم الأمن الذكية، فضلًا عن الأسماء التقليدية في إنتاج الأجهزة المنزلية مثل «جنرال إلكتريك» و«هونيويل».

ويُضاف إلى الأسماء السابقة «أمازون»، التي يرى محللون أنها لم تتنافس كثيراً في الماضي مع «أبل» و«غوغل» في ما يتعلق بإنتاج الأجهزة، إلا أنها أقدمت على خطوات قليلة أخيراً. وكشفت «أمازون» العام الماضي عن جهاز «إيكو» Echo وهو عبارة عن أسطوانة تعمل بشكل مستقل، وتتضمن مساعداً صوتياً.

ويُتيح «إيكو» للمستخدمين إضافة عناصر إلى قائمة التسوق الخاصة بهم، وطرح أسئلة، والاستماع إلى الموسيقى. ولاحقاً وفرت «أمازون» دعما للمفاتيح الذكية «وي مو» WeMo من شركة «بيلكن» Belkin، وتقويم «غوغل»، ما أتاح للمستخدمين بالاعتماد على «إيكو» تشغيل الإضاءة والحصول على ملخص حول مواعيدهم اليومية.

وتُقدم تجربة «أمازون» تصورا للطريقة التي قد يتفاعل بها المستهلكون في المستقبل مع منازلهم الذكية بالتحدث إليها. لكن وانغ أشار إلى حدود «إيكو» في الوقت الراهن، موضحاً أن «أمازون» دائماً ما تتطلع إلى مجالات تُعزز أعمالها الرئيسة، أي التسوق في نهاية المطاف. ومع اعتبار وانغ «إيكو» منتجاً ممتعاً ومثيراً للاهتمام، بحسب وصفه، قال إنه لا يقف على المستوى نفسه مع منتج لأي من «غوغل» أو «أبل».

ومع ذلك، يظل من المهم الإبقاء على بعض التنوع في السوق لمساعدة المستهلكين على الخروج من أسر بيئة تقتصر على نظم «أبل» ومنتجاتها فقط، أو أخرى تنتمي إلى «غوغل» وحدها. وقد تتبع سوق منتجات المنازل الذكية خطى عالم الهواتف الذكية بالخضوع للاعبين كبيرين، لكن وانغ قال إن هذه السوق قد تصير كبيرة بدرجة تكفي لاستيعاب جميع اللاعبين.

تويتر