ساعد على نموها تطور تقنية «بلوتوث» وتوفيرها في استخدام الطاقة والانتشار الواسع للهواتف الذكية

أجهزة تقنية ترافق الأطفال منذ أيامهم الأولى

صورة

قد يتساءل الأطفال والآباء في المستقبل عن الكيفية التي نشأت بها جميع الأجيال السابقة من البشر، وربت أطفالها من دون الاستعانة بعدد متزايد من الأجهزة التقنية التي باتت ترافق الأطفال منذ أيامهم الأولى في الحياة، وتعد الآباء بمتابعة أفضل للحالة الصحية لأطفالهم.

وعلى مدار السنوات القليلة الماضية، صار «معرض الإلكترونيات الاستهلاكية» الذي يُقام في مدينة «لاس فيغاس» الأميركية، في يناير من كل عام، وجهةً تقليدية للتقنيات الموجهة للرضّع. وساعد في نموها تطور تقنية «بلوتوث» وتوفيرها في استخدام الطاقة، إضافة إلى الانتشار الواسع للهواتف الذكية، فضلاً عن تأسيس رواد الأعمال الشباب لأسرهم الخاصة، وبالتالي لمسوا عن قرب مشكلات تربية الأطفال، وحاولوا توجيه ابتكاراتهم لحلها.

 

«لهّاية» الرضّع

«ساوند سليبر»

يصدر تطبيق «ساوند سليبر» Sound Sleeper أصواتاً تساعد الأطفال على النوم مثل المطر، فضلاً عن أصوات أخرى غير معتادة مثل صوت المكنسة الكهربائية.

ويتضمن «ساوند سليبر» ميزة الاستماع لمتابعة صوت الطفل، وتشغيل الصوت الأنسب لحالته، كما يُنتج رسماً توضيحياً يشرح طبيعة نوم الطفل في كل ليلة. ويحتل التطبيق حالياً المرتبة رقم 100 في متجر تطبيقات «آب ستور».

ومن بين الأجهزة التقنية المخصصة لمتابعة الرضع، «لهّاية» يُمكنها قياس درجة حرارة الطفل، وإرسالها إلى هاتف الوالدين عبر تقنية «بلوتوث». وبدأت الفكرة حين واجهت نائبة مدير مدرسة ابتدائية داخلية في العاصمة البريطانية لندن، كريستين هانكوك، مشكلة مع طفلتها أوليفيا، إذ لم تتمكن من الحصول على تسجيل دقيق لدرجة حرارة الطفلة من خلال الفم أو الأذن.

وعندها فكرت هانكوك وزوجها في «لهّاية» أو مصاصة يُمكنها إنجاز هذه المهمة، وأسسا شركة «بلو ماسترو» Blue Maestro، وقدما «باسيفي» Pacif-i، وهي «لهّاية» تتضمن مقياساً لدرجة الحرارة، يُرسل القراءات عبر «بلوتوث» إلى الهاتف الذكي للوالدين، وتُتاح حالياً للطلب المسبق، على أن يبدأ إيصالها إلى المشترين في مايو المقبل، وتُرسل اللهّاية تنبيهات في حال إصابة الطفل بالحمى.

وتتضمن «باسيفي» أداة استشعار للقرب تنبه الوالدين في حال تجاوز حبو الطفل منطقة محددة. وأشارت هانكوك إلى تطور تقنية «بلوتوث» خلال السنوات القليلة الماضية، لتصير أكثر كفاءة من ناحية استهلاك الطاقة، وبالتالي لا توجد حاجة إلى إعادة شحن «باسيفي»، وستدوم بطاريتها طيلة مدة الاستخدام.

 

قارورة «غيغل»

أما المهندس الفرنسي، جاك ليبين، فواجه مع طفله الرضيع مشكلة كيفية إطعامه بطريقة صحيحة، لافتاً إلى أنه حاول في أحد الأيام إطعامه من خلال زجاجة الحليب لكن من دون جدوى، وقال: «فجأة أتت زوجتي، ولم تكن سعيدة بما كنت أقوم به».

وفكر ليبين في تصميم قارورة «غيغل» Gigl التي تُعدل زاويتها لتُلائم الطفل، وترسل عبر «بلوتوث» بيانات تتعلق بمقدار ما حصل عليه الطفل وفي أي وقت. وأسس ليبين، الذي يُفكر حالياً في الانتقال إلى «وادي السيليكون» في الولايات المتحدة، شركة «سلو كنترول» Slow Control، وحالياً تمر قارورة «غيغل» بمرحلة التصنيع في الصين.

فرشاة أسنان

أما «إيثان شور» فقد اتجه لعلاج مشكلة أخرى تُواجه الآباء، وهي تشجيع أطفالهم على تنظيف أسنانهم باستمرار، واشترك مع الدكتور، جينج وانج، في تأسيس شركة «غروش» Grush لهذا الغرض، وكلاهما لديه أطفال يميلون لإهمال غسل أسنانهم، الأمر الذي كلف وانج كثيراً من المال لتغطية تكاليف أطباء الأسنان.

ولجأ المؤسسان إلى الاستعانة ببعض سمات الألعاب لتشجيع الأطفال على تنظيف أسنانهم من خلال فرشاة أسنان مزودة بتقنية «بلوتوث» وترتبط بالهاتف الذكي، ما يعني اكتساب الطفل لنقاط عند غسيل أسنانه في كل مرة، كما تُتيح للوالدين متابعة التزام الطفل.

وتعود بداية الفكرة إلى عام 2006، إلا أن التطورات الحاصلة في مجال التقنيات القابلة للارتداء والهواتف الذكية والحوسبة السحابية، اجتمعت معاً حين أسس «وانغ» و«شور» الشركة في عام 2013، وأطلقا حملة للتمويل الجماعي غبر موقع «إنديغوغو»، كما شاركت «غروش» في معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في يناير الماضي، ووصفت مجلة «ويرد» مُنتجها بأنه واحد من 10 أشياء تستحق المشاهدة.

 

جهاز «واي كراي»

أما جهاز «واي كراي» WhyCry فيستهدف مشكلة أسبق من تنظيف الأسنان، وتُواجه الوالدين مع الأيام الأولى لميلاد الطفل؛ وهي تفسير سبب البكاء. وهو ما لاحظه مُبتكره، الدكتور بيدرو موناجاس من «جامعة بوليتكنك كاتالونيا»، في العاصمة الإسبانية برشلونة بعد ولادة طفله.

وعندها سجل موناجاس بكاء الطفل، كما طلب من أصدقائه منحه تسجيلات لبكاء أطفالهم، وأظهر تحليل شكل الموجات الصوتية اختلافاً كبيراً بين البكاء المرتبط بكل من الجوع، التعب، الإجهاد، والملل. وبيّنت الاختبارات التي أجُريت في مستشفيات في برشلونة، مكسيكو سيتي، وسول، إمكانية تمييز برنامج الكمبيوتر بين سبب بكاء الطفل عبر تحليل شكل الموجة، وبشكل صحيح في 95% من الحالات.

ويقود شعور الرضيع بالجوع إلى صرخات نشطة وحادة، بينما يؤدي التعب إلى بكاء أشبه بالشكوى، ويرتبط الشعور بالإجهاد بصرخات قصيرة ومكثفة. وقارن الدكتور موناجاس استخدام جهاز «واي كراي» بالحصول على مساعدة أحد الجدود بما يُتيح للآباء والأمهات الجدد فهم رغبات أطفالهم.

 

التقدم التقني

ويقود ذلك للتساؤل حول مدى فائدة مثل هذه الأجهزة والتطبيقات للأطفال، إذ اعتبر أستاذ طب الأطفال في «جامعة واشنطون» الأميركية ومدير «معهد صحة الطفل»، الدكتور ديمتري كريستاكيس، أن الانخراط مع التكنولوجيا بشكلٍ سلبي، مع اقتراب كمبيوتر «آي باد» اللوحي من مكانة التلفزيون، يختلف عن التطبيقات التفاعلية للطفل ذات الوتيرة البطيئة.

وفي الوقت الراهن، تحث «الأكاديمية الأميركية لطب الأطفال» الآباء على الحد من الوقت الذي يقضيه أطفالهم قبل إتمام عامين أمام الشاشات المختلفة. ومع ذلك يرى كريستاكيس أن هذا التوجيه قديم، وضرب مثالاً بتحدث الأطفال مع أجدادهم المقيمين بعيداً عبر «سكايب». وربما يُشير ذلك إلى تأخر البحث الأكاديمي بعض الشيء مُقارنةً مع التقدم التقني الحالي. وفي كل الأحوال لاتزال التقنيات المخصصة للرضّع وللوالدين في هذه المرحلة في مهدها، وينتظرها الكثير من التغيير، واختبار تأثيراتها على تنشئة الأطفال، وإن كانت تتقدم بمعدل يفوق الخطوات الأولى للأطفال.

تويتر