تسعى إلى تحقيق عائدات وأرباح من بيع «إضافات» ونيل حصة من التجارة الإلكترونية والتحويلات المالية

تطبيقات «التراسل الفوري».. أهداف تتجاوز حدود الدردشة

صورة

ربما يُمثل الازدهار الحالي لتطبيقات التراسل الفوري للهواتف الذكية، مفاجأة لمن رأوها في البداية مجرد وسيلة أخرى للتواصل، لاسيما بين المراهقين والشباب، إذ يُشير نموها الكبير والمتواصل إلى أنها ستستمر فترة طويلة، وتتطور على نحو يختلف كثيراً عن غرضها الأصلي، باعتبارها أداة للدردشة عبر الإنترنت.

وقد يكون ما كشفت عنه «فيس بوك» الأسبوع الماضي، المثال الأكثر لفتاً للانتباه، وذلك بإعلانها إتاحة تطبيقها «ماسنجر»، منصة يُمكن للمطورين تقديم تطبيقات وخدمات جديدة اعتماداً عليها. جاء ذلك، خلال «مؤتمر فيس بوك للمطورين» الذي أقيم في 25 مارس الجاري في مدينة سان فرانسيسكو الأميركية.

ويعني ذلك أن تطبيق «ماسنجر» للتراسل، والمتاح لنظاميّ تشغيل «آي أو إس» من «أبل»، و«أندرويد» من «غوغل»، سيتنافس مع هذه النظم ذاتها على شراء المستخدمين للتطبيقات وتحميلها، وبالتالي قد ينال التطبيق من عمل متجر تطبيقات «أبل».

 

شعبية متزايدة

وفي كل الأحوال، لا تبدو تطبيقات التراسل الفوري ظاهرة مؤقتة وصرعة تنتهي قريباً. وبحسب شركة «فلوري» لتحليلات التطبيقات، نما عدد مستخدميها خلال عام 2014 بنسبة تفوق 100%، ما يُفسر تراجع الرسائل النصية التقليدية.

ويفوق عدد مستخدمي أكبر 10 خدمات للتراسل الفوري، ومنها «كاكاو توك» و«وي شات» و«فايبر»، ثلاثة مليارات مستخدم. ويحظى أكبرها، «واتس آب» وحده بـ700 مليون مستخدم.

وبالتزامن مع تنامي شعبية تطبيقات التراسل الفوري، نشأت منها نسخ مخصصة بميزات وغايات مختلفة، فعلى سبيل المثال، اكتسب «سناب شات» شعبيته من إتاحته تبادل الصور التي تختفي بعد ثوانٍ من إرسالها. وتسمح تطبيقات مثل «سكريت» و«يك ياك» و«ويسبر» للمستخدمين بالتواصل مع إخفاء هويتهم، على الرغم من احتمالات استغلال ذلك لمضايقة الآخرين.

ويتميز تطبيق «تيليغرام» بمعاييره المرتفعة في تشفير الرسائل وتأمينها في مواجهة التجسس الحكومي وغيره، بينما لا يحتاج تطبيق «فاير شات» لتوافر شبكة اتصالات، ومن خلاله يُمكن للهواتف التواصل مع بعضها بعضاً، ونال التطبيق رواجاً واسعاً بين المشاركين في الاحتجاجات التي شهدتها هونغ كونغ العام الماضي.

ونظراً لإقبال المستخدمين على تطبيقات التراسل رفع المستثمرون من تقديرهم لقيمتها، على الرغم من أن العديد منها لم يتوصل بعد إلى طريقته في تحقيق الأرباح، وهو وضع يشبه بداية تصاعد شعبية «تويتر» وموقع «فيس بوك». وتعكس الأرقام الازدهار الحالي لتطبيقات التراسل، فخلال العام الماضي، جرى تبادل ما يزيد على سبعة تريليونات رسالة عبر تطبيق «واتس آب»، ما يُعادل 1000 رسالة لكل شخص على سطح الأرض.

ووفقاً لشركة «فورستر» للأبحاث، خصص المستخدمون في بريطانيا لتطبيق «واتس آب» الوقت نفسه الذي قضوه في استخدام تطبيق «فيس بوك». وفي الصين، أمضى المشتركون في «وي شات» في المتوسط 1100 دقيقة شهرياً في استخدام التطبيق.

 

تطبيق «سلاك»

ولا يختلف الوضع كثيراً في مجال الأعمال والشركات، وإن كانت الأرقام أقل ضخامة. وتبدو شركة «سلاك» Slack، التي توفر تطبيقاً للتراسل يُلائم الهواتف الذكية وأجهزة الكمبيوتر الشخصية، قد نجحت في تحقيق ما أخفقت فيه محاولات أخرى، وهو إنشاء شبكة اجتماعية للشركات تحتل مكانة البريد الإلكتروني، باعتباره وسيلة أساسية للاتصالات داخل بيئات العمل.

وخلال فترة تقل عن العامين، وصل عدد مستخدمي «سلاك» حالياً إلى 500 مليون مستخدم. وبحسب الشركة، تستحوذ الخدمة على 135 دقيقة من كل يوم عمل لكل مستخدم، ويتبادل المستخدمون إجمالاً 300 مليون رسالة شهرياً. وربما يُفسر هذا النجاح الارتفاع السريع في قيمة «سلاك» التي قدرها المستثمرون أخيراً بنحو 2.8 مليار دولار، وجمعت تمويلاً بقيمة 160 مليون دولار.

 

تطبيقات أعمال

ولا يُعد «سلاك» فريداً من نوعه في التطبيقات المخصصة للأعمال، إذ تُقدم شركات ناشئة مثل «كويب» Quip و«هيب شات» HipChat مزايا مماثلة. كما يضم المجال إسهامات من مؤسسات كبيرة مثل «سيسكو» المتخصصة في تصنيع معدات الشبكات، التي أطلقت أخيراً «سبارك» Spark الشبيهة بخدمة «سلاك»، إلا أنها تُتيح للمستخدمين التواصل من خلال الصوت أو الفيديو عند الحاجة.

وقريباً ستلحق «آي بي إم» بالمسيرة ذاتها بتقديم «فيرس» Verse، وهي خدمة للبريد الإلكتروني تعتمد على الـ«ويب»، وتسمح بتبادل الرسائل الفورية، كما تستفيد من إمكانات الذكاء الاصطناعي التي يُوفرها الحاسب الفائق «واتسون» لتصنيف الرسائل الواردة والرد عليها، وتخفيف عبء الاتصالات في بيئة العمل.

 

تحقيق عائدات

ومثلما تهتم تطبيقات التراسل، سواءً الموجهة للمستخدمين الأفراد أو الشركات، باجتذاب المستهلكين وإرضائهم، فإنه يهمها في الوقت ذاته تحقيق عائدات مجزية لمواصلة عملها وتلبية متطلبات المستثمرين. وتتنوع مساعيها في هذا الشأن، فيتجه بعضها إلى بيع «إضافات» بأسعار متواضعة، على أمل أن يُسهِم بيعها بأعداد كبيرة في تحقيق الأرباح. وتُوفر بعض التطبيقات، ملصقات، وهي مجموعات صور صغيرة تُتيح للمستخدمين إثراء رسائلهم وجعلها أكثر تعبيراً، وقد تُباع كل مجموعة تتألف من 10 ملصقات أو 12 مُلصقاً مُقابل دولار واحد.

ومن بين أساليب جني العائدات، اتجاه بعض تطبيقات التراسل إلى نيل حصة من كل عملية للتجارة الإلكترونية أو تحويل الأموال تجري من خلالها. ويُتيح تطبيق «وي شات» لمُستخدميه طلب سيارات أجرة أو حجز تذاكر الطيران. ويُمكن لتنامي شعبيته أن يُعزز قدرته على البدء بتحصيل رسوم من الشركات نظير ربطهم بالمستهلكين.

أما تطبيق «سناب شات»، فيُوفر لمؤسسات إعلامية منها «ناشيونال جيوغرافيك» و«سي إن إن» نشر مقالاتها من خلاله مُقابل تقاسم عائدلات الإعلانات. وفي الآونة الأخيرة، أتاح «سناب شات» وكذلك «لاين» و«فيس بوك ماسنجر» إمكانية تحويل الأموال.

ويحصل «واتس آب» رسماً سنوياً قدره 0.99 دولار. وتعتمد الفكرة على اعتياد المستخدمين وأصدقائهم ومعارفهم التواصل عبر خدمة معينة، وبالتالي يتقبلون دفع اشتراك سنوي بسيط، ويُمكن تحقيق أرباح جيدة بالنظر إلى ضخامة أعداد المشتركين وانخفاض تكاليف التشغيل.

 

 

تويتر