تستفيد من التطوّرات التقنية والانتشار الواسع للهواتف الذكية

شركات التكنولوجيا تُعوِّل على نجاح تطبيقات البث المباشر للفيديو

تطبيقات البث المباشر للفيديو اكتسبت زخماً في الآونة الأخيرة نظراً لإقبال المستخدمين العاديين والمشاهير عليها. أرشيفية

من المرجح أن تطبيقات الهواتف الذكية التي تُتيح تسجيل فيديو وبثه مباشرة على الإنترنت لا تُقدم فكرة جديدة بأي حال، لكنها اكتسبت زخماً في الآونة الأخيرة، نظراً لإقبال المستخدمين العاديين والمشاهير عليها، وسعي شركات التكنولوجيا الراسخة والناشئة إلى طرح منتجاتها واستثمار مئات الملايين من الدولارات فيها، والمراهنة على ما يرونه الاتجاه الجديد الرابح لدى المستهلكين.

وكانت «تويتر» أطلقت الأسبوع الماضي تطبيقها «بريسكوب»، في مواجهة منتجات قائمة منها «كاميو» Camio و«ميركات» الذي انطلق الشهر الجاري ضمن موجة تجتاح عالم الإعلام الاجتماعي. وتعتمد جميعها على التقاط المستخدم فيديو بكاميرا الهاتف الذكي لأي نشاط كتجربة طعام جديد أو التجول في الطرقات، وبثه مباشرة على الإنترنت ليُشاهده الأصدقاء والمتابعون.

وعلى مدار سنوات، حاولت العديد من الشركات الناشئة جذب الجمهور للبث الحي للفيديو، ومنها «يو ناو» و«جاستن.تي في» و«لايف ستريم»، لكن الفترة الأخيرة شهدت إحياء لهذا النوع من التطبيقات. وقال المؤسس المُشارك والرئيس التنفيذي لشركة «بيرسكوب» Periscope، كايفون بيكبور، إن «العالم أكثر استعداداً لهذا مما كان عليه قبل عام»، مشيراً إلى ميزة طرح التطبيق في وقت يتقبل فيه الناس فكرة البث المُباشر.

ويستفيد هذا التحول من التطورات التقنية الجارية والانتشار واسع النطاق لاستخدام الهواتف الذكية، إلى جانب مُضي سنوات على اعتياد المستهلكين ارتياحهم لفكرة كشف معلومات عن أنفسهم على الإنترنت من خلال الكتابة والصور.

ولفت المُؤسس ورئيس مجلس الإدارة «لوركيس كابيتال» وأحد أوائل المستثمرين في «تويتر»، كريس ساكا، إلى أن من المُفاجئ انتشار الكاميرات والشاشات الجيدة، وخطط بيانات جيدة للاتصال بالإنترنت، ومنصات جيدة للإعلام الاجتماعي، وجميعها تُتيح للآخرين معرفة بث شخص لفيديو حي.

ويُقابل الازدهار الحالي لتطبيقات البث المُباشر للفيديو تاريخ من إخفاق مثيلاتها سابقاً، ومنها «فيدي» Viddy الذي حصل على تمويل بعشرات الملايين من الدولارات، وشهد إقبالاً كبيراً في وقت مُبكر، ووُصف بأنه «إنستغرام الفيديو»، وكذلك تطبيق «سوشيال كام» Socialcam المُنافس الذي عمل بالطريقة نفسها تقريباً، لكن في غضون فترة وجيزة تضاءل اهتمام المستخدمين بهما، وكان التوقف أو عروض الاستحواذ مصير كلا التطبيقين.

ومع ذلك، فلم تمنع مثل هذه التجارب «تويتر» عن الرهان بشكل كبير على تقنية البث المباشر للفيديو. وقدمت الشركة 100 مليون دولار للاستحواذ على «بيرسكوب» في يناير الماضي، وذلك قبل طرح التطبيق، بحسب ما ذكر أشخاص على صلة بالأمر، ضمن تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، أخيراً.

وأشارت المصادر ذاتها إلى حماس الرئيس التنفيذي لشركة «تويتر»، ديك كوستولو، بشكل خاص لاستخدام «بيرسكوب» لتصوير مقاطع الفيديو في الوقت الحقيقي، تماماً كما يُصور «تويتر» المحادثات في الوقت الحقيقي.

وعدّ بيكبور من بين مزايا تطبيق «بيرسكوب» الفارق الزمني القصير بين البث وإمكانية إرسال المشاهدين ردوداً نصية على الفيديو، ما يسمح بالتفاعل الفوري في الوقت الحقيقي تقريباً. وفضلاً عن ذلك، يستفيد التطبيق من متابعي مستخدميه في «تويتر» في تقديم جمهور محتمل بشكل سريع، كما يقترح المستخدمين النشطين لمتابعتهم، ويسمح «بيرسكوب» بتخزين مقاطع الفيديو لإعادة تشغيلها أو مشاركتها لاحقاً.

وعلى الرغم من عمل «بيرسكوب» بشكلٍ مستقل عن «تويتر»، على غرار شركة «فاين» Vine المالكة لتطبيق يحمل الاسم نفسه لنشر مقاطع الفيديو القصيرة، إلا أن بإمكانه الاستفادة من الإمكانات المادية والدعم الفني من «تويتر».

ويُواجه «بيرسكوب» منافسة شديدة من تطبيق «ميركات»، ونال شعبيةً واسعة بين المستخدمين العاديين والمشاهير. وتصاعد استخدامه خلال أيام من طرحه، ووفقاً لشركة «آب آني» لتحليلات المحمول، يحتل «ميركات» حالياً المرتبة 177 بين أكثر التطبيقات تنزيلاً في الولايات المتحدة، والمركز 22 بين أكثر تطبيقات الشبكات الاجتماعية شعبية. كما يُستخدم فعل meerkating الذي يصف تصوير الفيديو ونشره عبر التطبيق. ويرجع الفضل في جانب كبير من شعبية «ميركات» إلى استخدامه على نطاقٍ واسع خلال مهرجان «الجنوب والجنوب الغربي» للتكنولوجيا والموسيقى، الذي أقُيم خلال الشهر الجاري في مدينة أوستن في ولاية تكساس الأميركية.

وعلى الرغم من عمل شركة «بيرسكوب» على تطوير التطبيق منذ عام، إلا أن «تويتر» أخفقت في إطلاقه وتسويقه سريعاً بعد شرائها الشركة في يناير الماضي، بحسب ما نسب التقرير إلى مصادر على صلة بشركة «تويتر». وأتاح ذلك المجال لانطلاق «ميركات» وما ناله من شعبية كبيرة. وقبل نحو أسبوعين، حدت «تويتر» من وصول تطبيق «ميركات» إلى الرسم البياني الاجتماعي الخاص بها، ما حرمه من ظهور مُتابعي المستخدمين في «تويتر» آلياً.

وفي الواقع، لا يُعد نجاح مُؤسس «ميركات»، بن روبين، وليد عشيةٍ وضحاها، فسبق وأسس تطبيق «ييفو» Yevvo للبث المباشر لمقاطع الفيديو في عام 2012، لكنه لم يجتذب كثيرين حينها، وأعاد روبين لاحقاً تقديم التطبيق باسم Air، إلا أنه أخفق مُجدداً.

ويتمتع «ميركات» بوضعٍ مختلف، ويتحمس الكثير من المستثمرين لتمويله. وأفادت الشركة أخيراً بأنها حصلت على تمويل بقيمة 14 مليون دولار من شركة «جريلوك بارتنرز» للاستثمار المخاطر وغيرها، كما تتضمن قائمة المُساهمين المؤسس المشارك في «يوتيوب»، تشاد هيرلي، والممثل جاريد ليتو. وأرجع الشريك في «جريلوك»، جوش إيلمان، إقدامه على الاستثمار في «ميركات» إلى شعوره بأننا نشهد فجر عصر جديد من البث الحي للفيديو، بحسب ما قال في منشور على الإنترنت. ولفت روبين إلى الوضع الراهن، منبهاً إلى ثقافة التقاط صور «سلفي»، والاعتياد على الكاميرات وارتياح المستخدمين لتصوير الفيديو. وتتعدد تطبيقات البث الحي للفيويو في الواقع، ومنها نشر الأخبار في الوقت الحقيقي. وخلال الحريق الذي شب في بناية سكنية في حي «إيست فيلدج» في مدينة نيويورك الأميركية أخيراً، نشر العديد من مستخدمي «تويتر» فيديو مباشراً للحريق عبر «بريسكوب» و«ميركات».

وتحول البث المباشر لمقاطع الفيديو إلى نشاط يومي لبعض المستخدمين، ومنهم ريان هوفر مُؤسس «برودكت هنت» في مدينة سان فرانسيسكو، والمعنية بعرض المنتجات الجديدة من الشركات الناشئة. ولفت هوفر إلى إعجابه بالطبيعة العشوائية والعابرة للبث الحي. ويستخدم شخصياً تطبيق «ميركات» لبث فيديو شخصي مرتين أو ثلاث مرات أسبوعياً، كما يُتابع آخرين منهم جيف نيدلز الذي بث أخيراً عرضاً بعنوان «ميراثونز»، يُمثل حياته على مدار الساعة. ولم يكن النجاح حليفاً لبعض التجارب السابقة لخدمات البث المباشر للفيديو، ومن ذلك تجربة جاستن كان في شركة «جاستن. تي في» Justin.tv التي بدأها ببث مقاطع فيديو طوال الـ24 ساعة وعلى مدار أيام الأسبوع لحياته. وقال كان: «عجزنا عن الاحتفاظ بالجمهور، لأننا حقيقةً لم نكن نُثير الاهتمام». ولاحقاً حظي كان بالنجاح حين باع خدمة «تويتش» للبث المُباشر لألعاب الفيديو إلى شركة «أمازون» في أغسطس من العام الماضي، مُقابل نحو مليار دولار.

ولا يخلو البث المباشر للفيديو من تحديات، منها رغبة بعض الأشخاص في ألا يتم تصويرهم وتسجيل مقاطع فيديو لهم دون استئذان مُسبق، وهو أمر صعب التحقيق مع انتشار الهواتف الذكية وسهولة نشر الفيديو مباشرة.

 

 

تويتر