«بتر ووركس» تستعين بمفاهيم ألعاب الفيديو وبعض سمات الإعلام الاجتماعي في مجال الإدارة

برمجيات لزيادة اهتمام الموظفين بالعمل ورفع الإنتاجية

صورة

تتجاوز الألعاب نطاق المنتجات الترفيهية إلى الإسهام في التعليم والعلاجين النفسي والسلوكي، وصولاً إلى الاستعانة بمفاهيم وسمات من ألعاب الفيديو في مجال الإدارة، للإسهام في الهدف الذي تشترك فيه مختلف المجالات والمؤسسات، وهو تحسين إنتاجية الموظفين وتحقيق أهدافها.

ويعكس هذا الاتجاه تغير الإدارة والأفكار القديمة حول تحقيق الكفاءة من خلال الساعات، وجداول الإنتاج، والسجلات المكتوبة، إلى منح أهمية متزايدة للبيانات وتحليلاتها في اتخاذ القرارات بشأن الموظفين، وتوفير أفضل الظروف للعمل.

ومن ذلك تقديم شركة «بتر ووركس» BetterWorks الأميركية الناشئة، برمجيات للشركات تستعير بعض سمات الإعلام الاجتماعي، وأدوات متابعة تمرينات اللياقة البدنية، وألعاب الفيديو، وتمزج بينها في نظامٍ يرمي إلى زيادة اهتمام الموظفين بالعمل وتفاعلهم مع بعضهم بعضاً.

 

برمجيات «بتر ووركس»

تُتيح برمجيات «بتر ووركس» للموظفين والمشرفين، تحديد أهداف تتباين بين القصيرة والطويلة الأجل، وتسجيل تقدمهم في إنجاز كل هدف على لوحة تحكم رقمية يُمكن لجميع الموظفين في الشركة رؤيتها والتعليق عليها.

وتعتمد «بتر ووركس» على الحوسبة السحابية، ما يسمح للموظفين باستخدام برمجياتها عبر أجهزة متنوعة، كما تدرس أفكاراً مختلفة لتطبيقها الجديد لساعة «أبل ووتش»، المُقرر طرحها أبريل المُقبل.

ويُمكن لموظفي إحدى الشركات تحديد هدف مثل «ضم 10 مستهلكين جدد في مايو»، ومن ثم إضافته إلى نظام داخلي يطلع عليه زملاؤهم، ويتطابق تقريباً مع لوحة التحكم التي تُرافق سوارات «فِت بت» لمتابعة أداء اللياقة البدنية. ويُشجع الموظفون بعضهم بعضاً من خلال أدوات تُشبه الشبكات الاجتماعية والألعاب مثل صيحات الاستحسان. كما يُظهر الملف الشخصي لكل موظف شجرة رقمية تنميها إنجازاته، وتذبل مع ضعف مستوى الإنتاجية.

ومن بين أهم داعمي «بتر ووركس»، جون دوير، وهو أحد أشهر مستثمري رأس المال المغامر والشريك في شركة «كلينر باركينز كوفليد آند بايرز» التي قدمت أخيراً تمويلاً لشركة «بتر ووركس» ضمن جولة جمعت فيها الأخيرة نحو 15.5 مليون دولار.

ويرى دوير، الذي أرسى مفاهيم مماثلة في العديد من شركات التقنية، أن هذه المبادئ ستتجاوز «وادي السيليكون» إلى مجالات أخرى. وقال: «أعتقد أننا في سبيلنا لرؤية مزيد ومزيد من النظم في هذا المجال من العمل المُقاس كمياً أو علم الأشخاص People Science التي سترفع كفاءة أغلى مواردنا قيمة، أي فريق العمل».

ولفترة طويلة، أسهم دوير في دعم نظام للإدارة في شركات وادي السيليكون يُعرف اختصاراً بـ«O.K.R» أي «الأهداف والنتائج الرئيسة»، وهي فكرة بدأت في شركة «إنتل» التي استهل فيها مسيرته المهنية، واعتمدت على وضع الموظفين لأهداف محددة وقابلة للقياس، وذلك في نظام مفتوح يُمكن لجميع العاملين الإطلاع عليه.

وعلى الرغم مما يُعرف عن شركات وادي السيليكون من قبولها بالملابس غير الرسمية للموظفين، وتوفيرها امتيازات سخية مثل وجبات الغداء المجانية وخدمات تنظيف الملابس، إلا أنها تتقاسم مع غيرها من الشركات الأميركية، العقائد الثابتة، والولع بالاختصارات، لكنها برعت في تحويل ذلك إلى أشياء نافعة.

وأشار الرئيس التنفيذي لشركة «بتر ووركس»، كريس دوجان، إلى ارتباط الأمر كله بمنح دور أكبر للبيانات. وأسس دوجان سابقاً شركة «بادجيفيل» Badgeville التي حولت برمجياتها مهام العمل إلى شارات، وأتاحت لوحة تحكم في مسعى لجلب بعض سمات الألعاب إلى العمل. وتجمع شركته الجديدة بين الألعاب والمقاييس المحددة.

 

تجارب سابقة

وفي الواقع، لا يُعد البحث عن سبل لدفع اجتهاد العاملين أمراً مُستحدثاً، إذ استعان مُؤسس شركة «فورد موتور» لصناعة السيارات، المتوفى عام 1947، هنري فورد، بفرقٍ من المحققين لملاحظة العمال، والتعرف إلى إفراطهم في المشروبات الكحولية. وأرست المصانع والمشرفون على العمال، من ذوي الياقات الزرقاء أو أصحاب العمل اليدوي، تقاليد قديمة لحث العاملين على التنافس مع بعضهم بعضاً، ودفعهم إلى مزيد من العمل من خلال الجمع بين ضغط منافسة الأقران والطموح.

وفي مجالٍ قديم مثل النقل بالشاحنات، استفادت الشركات على مدار العقدين الماضيين من تقنية تحديد المواقع الجغرافية، وغيرها من التقنيات لقياس مدى سرعة السائقين في القيادة واستخدامهم المكابح بشكل مُفاجئ، وذلك بهدف دفع السائقين لتوصيل البضائع سريعاً، والتأكد من عدم إهدارهم الوقود.

كما اتجهت شركات لعرض لوحات تُظهر سجل كل سائق في غرف الاستراحة، وإرسال شيكات بالنقاط الإضافية إلى زوجات السائقين، ليُسهِم المنزل، فضلاً عن العمل، في دفعهم إلى المنافسة والجد.

وأخيراً، أتمت الزميلة في «معهد أبحاث البيانات والمجتمع» في نيويورك، كارين ليفي، دراسة استمرت ثلاث سنوات حول متابعة أداء العاملين في مجال النقل بوساطة الشاحنات. وقالت ليفي إن إحدى وسائل زيادة إنتاجية السائقين، الاستفادة من الأوقات التي يتوقفون فيها عن العمل، لافتة إلى أن الكثير منهم أنجزوا أموراً مثل تحميل الشاحنات خلال فترات التوقف التي تفرضها السلطات الحكومية.

 

تحدي الأهداف

وتسعى شركة مثل «بتر ووركس» وغيرها مثل «وورك داي»، و«وورك بورد»، و«سكسس فاكتورز»، إلى تقديم برمجيات تساعد في تحديد الأهداف ومتابعة تحقيقها، فضلاً عن نقل مفاهيم الوظائف اليدوية إلى الأعمال المكتبية التي طالما ظل تقييم الأداء فيها أمراً خاضعاً للآراء الشخصية.

واستهلت «بتر ووركس»، التي تأسست مع نهاية عام 2013، عملها ببيع منتجاتها من البرمجيات إلى الشركات القريبة المتخصصة في التكنولوجيا، لكنها اجتذبت لاحقاً مجموعة متنوعة من المتعاملين منهم شركة «فياكوم» لوسائل الإعلام، ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية الأميركية. وتتضمن قائمة المتعاملين شركة «بلو نوز» Bluenose الناشئة المتخصصة في البرمجيات في مدينة سان فرانسيسكو. وتستعين بأدوات «بتر ووركس» لمتابعة إنجاز الموظفين عبر لوحة تحكم رقمية يُمكن لجميع العاملين الاطلاع عليها. وتحصل «بتر ووركس» على رسوم شهرية تبلغ 15 دولاراً نظير كل مستخدم لبرمجياتها.

وبحسب الرئيس التنفيذي لـ«بتر ووركس»، كريس دوجان، فإن عائداتها تجاوز مليون دولار. ويُخطط دوجان لتوسيع عملها، إذ أشار في مقابلة حديثة إلى خطته توظيف 50 شخصاً بحلول نهاية العام الجاري، ما يُضاعف من عدد موظفيها الحاليين. ويدفع عمل «بتر ووركس» والتقييم الكمي للعمل عموماً للتساؤل حول التأثيرات السلبية المحتملة للإفراط في القياس. ويقع هذا السؤال في صميم عمل شركة «كلشر أمب» Culture Amp الأسترالية الناشئة التي جمعت تمويلاً بقيمة 6.3 ملايين دولار من شركة «فليسيز فنتشرز» لرأس المال المخاطر.

ويتمثل العمل الأساسي لشركة «كلشر أمب» في تقديم استطلاعات رأي للموظفين على نحوٍ متواصل، ما يُتيح للشركات التعرف على مشاعر موظفيها، ومقارنتهم بنظرائهم في الشركات الأخرى، ويتضمن ذلك استنتاج توجه بعض الموظفين إلى التفكير في الاستقالة.

تويتر