نظراً لعدم انتشار البطاقات الائتمانية وتقبل الأفارقة للطرق الجديدة لتحويل الأموال

إفريقيا.. أرض خصبة لنمو عملة «بيتكوين»

صورة

يعمل أكثر من 30 مليون إفريقي خارج أوطانهم، وخلال عام 2014، أرسلوا نحو 40 مليار دولار إلى بلدانهم، وهو رقم من المُرجح أن يتزايد كثيراً خلال السنوات المُقبلة، وفي حين تستحوذ بلدان الشمال الإفريقي مثل المغرب والجزائر ومصر على الحصة الكبرى من ذلك، فإن بلدان شرقي إفريقيا بشكلٍ خاص تعتمد على التحويلات المالية.

ومع ذلك، تتكلف عملية إرسال الأموال الكثير، ووفقاً لبيانات «معهد التنمية فيما وراء البحار»، وهو مؤسسة بحثية تتخذ من العاصمة البريطانية لندن مقراً لها، يدفع المهاجرون الأفارقة 12.3% إلى الجهات المعنية بتحويل الأموال، لتحويل 200 دولار إلى أوطانهم، كما ترتفع كلفة إرسال الأموال بين البلدان الإفريقية وبعضها بعضاً، وبحسب المعهد، فإن إجمالي الرسوم السنوية تصل إلى 1.4 مليار دولار.

 

عملة بيتكوين

ومن بين أسباب ارتفاع التكاليف: غياب المنافسة، إذ تتحكم كلٌّ من «ويسترن يونيون»، و«موني غرام»، في نصف سوق التحويلات المالية أو أكثر من ذلك، في أغلبية البلدان الإفريقية الواقعة جنوب الصحراء الكبرى، إلا أن عملة «بيتكوين» الرقمية Bitcoin قد تُقدم حلاً سهل المنال، وإن كان غير تقليدي لهذه المشكلة.

انطلقت عملة «بيتكوين» عام 2009، ويُمكن استخدامها للشراء، وتحويلها إلى العملات التقليدية، إلا أنه يجري تداولها عبر الإنترنت فقط، ولا تتوافر بصور مادية ملموسة مثل العملات الأخرى، كما لا تخضع لسيطرة جهة مركزية. ونالت «بيتكوين» تغطيةً سلبية في وسائل الإعلام الغربية، لاسيما في أعقاب انهيار سوق الأوراق المالية (إم تي جوكس) Mt. Gox المخصص لها في فبراير 2014، وتقلب قيمتها، إلا أن هذا لا يمنع مراهنة عدد من الشركات على القارة الإفريقية باعتبارها وجهة ممكنة لازدهارها.

 

غياب الخيارات

ومن بين هذه الشركات «بيت بيسا» BitPesa، التي تُتيح للعاملين في الخارج إرسال الأموال إلى ذويهم في كينيا وغانا نظير الحصول على نسبة ثابتة قدرها 3%. وقالت الرئيسة التنفيذية للشركة، إليزابيث روسيلو، إن قاعدة المتعاملين معها تتزايد بنسبة 60% من شهرٍ إلى آخر، بحسب ما تضمن تقرير نشره موقع «بي بي سي».

وتعتقد روسيلو أن غياب تعدد خيارات الدفع في إفريقيا يجعل منها أرضاً خصبة لنمو عملة «بيتكوين»، مشيرة إلى توافر البطاقات الائتمانية لنسبة تقل عن 3% من سكان دول جنوب الصحراء الكبرى، ومنع استخدام موقع «باي بال» في العديد من البلدان، وارتفاع كلفة استخدامه في الدول الإفريقية القليلة التي يتوافر فيها، فضلاً عن ارتفاع كلفة التحويلات المالية عبر المصارف وغيرها بما يُعادل ضعفيّ أو ثلاثة أضعاف سعرها في الأماكن الأخرى.

وقالت روسيلو: «لذلك من ناحية الحاجة إلى شكلٍ بديل للدفع رخيص وسريع وعملي، فإن لدى (بيتكوين) فرصة أكبر في بلدان جنوب الصحراء في إفريقيا».

شعبية «بيتكوين»

ويتفق معها في ذلك المؤسس المُشارك في بورصة «بيت إكس» BitX تبادل لعملة «بيتكوين» في جنوب إفريقيا، تيموثي سترانكس، الذي يرى أن عملة «بيتكوين» قد تكون أول وسيلة لدفع الأموال عبر الإنترنت تُتاح للكثير من الأشخاص، بالنظر إلى الانتشار المحدود للبطاقات الائتمانية.

وتوقع سترانكس أن تحظى «بيتكوين» بإقبال تجار يأملون قبول مدفوعات من المتعاملين الأجانب. وقال إنه في ظل تزايد ارتباط العالم ببعضه بعضاً، تتنامى أهمية المدفوعات الدولية، مؤكداً أن «بيتكوين» توفر طريقة أكثر يسراً للشركات، ولمستهلكين، للمشاركة في الاقتصاد العالمي بما يفوق النظم التقليدية.

من جانبه، اعتبر المؤسس المُشارك في بورصة «إيغوت» Igot لعملة «بيتكوين» في إفريقيا، ريك داي، أن العملة الرقمية تنال شعبية في القارة السمراء ببطء، ولكن بمعدل ثابت. ومنذ تأسيسها في مطلع عام 2014، أحصت «إيغوت» أكثر من 200 ألف تحويل.

وأضاف أن المزيد والمزيد من الأشخاص يفطنون لقيمة «بيتكوين» وسرعة تحويلها، والكلفة اليسيرة لذلك، متوقعاً نمو مجال «بيتكوين» في إفريقيا خلال فترة تراوح بين الستة والـ12 شهراً المُقبلة بالتزامن مع دخول مزيد من رواد الأعمال إلى السوق.

 

تقبل إفريقي

وفضلاً عن توفير «بيتكوين» حلاً لكلفة التحويلات المالية، فإن مؤسسي المشروعات المرتبطة بها يستمدون بعض الأمل في نجاحها في إفريقيا، ما اتضح سابقاً من استعداد مواطني القارة لتقبل الأشكال البديلة لتحويل الأموال، وهو مجال مزدهر بالفعل في أكثر من دولة، إذ تُشير أرقام البنك المركزي في كينيا إلى تحويل مواطني كينيا وحدهم ما يزيد على 11 مليار دولار بوساطة خدمات تحويل الأموال عبر الهواتف المحمولة خلال النصف الأول من عام 2014.

وتُقدر شركة «سفاريكوم» للاتصالات العاملة في كينيا، التي أسهمت في تقديم منصة «إم- بيسا» الناجحة، تدفق نسبة تصل إلى 43% من الناتج المحلي الإجمالي في كينيا عبر قنواتها لتحويل الأموال عبر الهواتف المحمولة.

ويُشير سجل الأفارقة في تبني الخيارات الجديدة لدفع الأموال، إلى إمكانية إفريقيا لتصبح مكاناً مثالياً لنجاح عملة «بيتكوين»، بحسب ما يرى الرئيس التنفيذي لخدمة «بيم» Beam في غانا، نيكونج هاندا، وهي خدمة لتحويل عملة «بيتكوين» نظير نسبة 3% من التحويل.

وأوضح هاندا أن الأفارقة أكثر اعتياداً من نظرائهم في القارات النامية الأخرى على مفهوم المدفوعات والأموال الرقمية، وأنه من خلال التكامل الصحيح بين مُقدمي خدمات تحويل الأموال عبر الهواتف المحمولة وبرمجياتها، فإنه يُمكن أن تجري عمليات اقتناء عملة «بيتكوين» وتسييلها وحمايتها بسلاسة وسهولة ليتقبلها الجمهور الإفريقي.

ويتفق تيموثي سترانكس من «بيت إكس»، على أن نجاح منصة «إم-بيسا» لتحويل الأموال عبر الهواتف المحمولة، التي انطلقت في عام 2007، والخدمات المماثلة، بيّن إمكانية نجاح النظم البديلة للمدفوعات في إفريقيا.

وقال سترانكس إن متطلبات نجاح البدائل الجديدة، تشمل أن تكون أرخص، وأسرع، وأكثر راحة من الأساليب الحالية، كما ينبغي أن تستفيد من «المحمول»، لافتاً إلى أن «بيتكوين» أضافت إلى ذلك التخلص من شرط توافر وسطاء لتقديم الخدمات.

تويتر