موقع إلكتروني يتوافر بـ 30 لغة للباحثين عن أفكار لتجديد منازلهم وحدائقهم ومحبي الأشغال اليدوية

«بنترست» يسعى إلى علاج الفجوة بين مستخدميه من النساء والرجال

صورة

بعد نحو أربع سنوات على انطلاق موقع «بنترست»، حقق نجاحاً ملحوظاً باعتباره مقصداً على الإنترنت للباحثين عن أفكار وإلهام لتجديد منازلهم وحدائقهم، ومحبي الأشغال اليدوية، والطهي، والفنون. لكن نجاحه يعتمد أساساً على مستخدميه من النساء، في حين يُواجه مشكلة في اجتذاب النصف الآخر من المجتمع؛ أي الرجال.

ويكتسب الأمر أهميةً متزايدة مع اتجاه «بنترست» لنشر الإعلانات يناير الجاري، ما يدفعه إلى تعزيز جهوده لتسهيل وصول الرجال للمحتوى الذي يهمهم، وتغيير السمة الشائعة عن الموقع، وجهةً مُفضلة للنساء، وهو ما يُرجعه البعض إلى طبيعة المحتوى الغالب على الموقع، في حين يراه آخرون على صلة بتصميم الموقع الذي لا يُلائم طريقة معالجة الرجال للمعلومات، كما جاء في تقرير نشرته صحيفة «ذا وول ستريت جورنال» الأميركية.

 

للنساء فقط

تعتمد فكرة «بنترست» Pinterest على نشر المستخدمين لصورهم المفضلة وترتيبها، أو تثبيتها Pin بحسب مصطلحات الموقع، على ألواح افتراضية Boards تندرج ضمن فئات مختلفة مثل الطهي، والتزيين، والأزياء والهوايات، ما يسمح للآخرين بزيارتها، والإعجاب بها، وإعادة تثبيتها أو إضافتها لمجموعاتهم الخاصة، ما يجعل من الموقع أداةً رقمية للاكتشاف البصري.

وأظهرت دراسة أجراها «مركز بيو للأبحاث» في الولايات المتحدة، ونُشرت في يناير الجاري، أن نحو 42% من مستخدمات الإنترنت الأميركيات يستخدمن «بنترست»، ما يُمثل قوة شرائية فعالة تتطلع إليها الشبكات الاجتماعية المنافسة، ولا يحظى بها سوى موقع «فيس بوك» الذي يجتذب نسبة أعلى من النساء الأميركيات على الإنترنت.

لكن شعبية «بنترست» بين النساء لا تكفي لتحقيق طموحات الموقع ليصبح الوجهة الأفضل للاكتشاف على الإنترنت؛ إذا يصعب عليه بلوغ هذه المكانة مع بقائه بعيداً عن النصف الآخر من المجتمع.

وقال رئيس قسم التسويق في الشركة، ديفيد روبين: «نحاول حقاً تفكيك وفهم الأمر، بحيث يُمكننا أن نوصل للرجال أن (بنترست) بالتأكيد لهم». وانضم روبين إلى «بنترست» في يوليو الماضي قادماً من شركة «يونيليفر»، وتركز عمله فيها على مستحضرات تجميل النساء وساعد في إطلاق مزيل العرق للرجال «أكس».

وأظهرت دراسة «بيو» أن 13% فقط من مُستخدمي الإنترنت الرجال في الولايات المتحدة يستخدمون «بنترست» مقارنة بنسبة 8% في عام 2014. وتقدر شركة «كوم سكور» للتحليلات الرقمية أن النساء شكلن نحو 71% من مُستخدمي الموقع البالغ عددهم 72.5 مليون شخص في ديسمبر الماضي.

ويجعل ذلك «بنترست» الشبكة الاجتماعية الأكثر تفضيلاً لدى النساء. وتبدو تجربة الرجال في الموقع أشبه بزيارة القسم المخصص للنساء في المتاجر، ما يدفع الشركة لمحاولة جعل إيجاد الرجال للمحتوى الذي يريدونه في «بنترست» أكثر سهولة.

 

نشر الإعلانات

ويزداد أهمية هذا المسعى بالنظر إلى إتاحة الموقع نشر الإعلانات ابتداءً من يناير الجاري. وكانت شركات استثمار رأس المال المخاطر قيّمت «بنترست» بخمسة مليارات دولار في عام 2014، على الرغم من غياب الدخل الذي يُؤهله لمنافسة الشبكات الاجتماعية الأخرى مثل «تويتر» و«فيس بوك» و«غوغل» في إيرادات الإعلانات.

وسابقاً أبدت جهات منها متاجر «تارغت» ومجلات متخصصة اهتمامها بموقع «بنترست»؛ إذ يُوفر لهم معلومات ثمينة عن تفضيلات المستهلكين من خلال المحتوى الذي ينشرونه. وحتى الآن، نشر أو ثبت مستخدمو «بنترست» ما يزيد على 30 مليار مادة فريدة.

وتسمح الخدمة الإعلانية الجديدة من «بنترست»، Promoted Pins، بتوجيه الإعلانات للمستخدمين بناءً على سمات محددة مثل اهتماماتهم والموقع الجغرافي ونوع المحتوى الذي بحثوا عنه. وتظهر الإعلانات ضمن نتائج البحث أو ضمن المحتوى الخاص بمجال محدد.

ويُفضل مديرو شركة «بنترست»، التي تتخذ من مدينة سان فرانسيسكو الأميركية مقراً لها، تحديد هدف الشركة بالعبارة التالية: «نريد أن نُقدم للاكتشاف ما قدمه (غوغل) للبحث»، ما يشير إلى رغبة موقع «بنترست» في أن يكون الوجهة الأولى التي يقصدها شخص يرغب مثلاً في البدء بتغيير ديكور منزله، أو يبحث عن وصفات طعام سهلة الإعداد للعشاء، بهدف الوصول إلى أفكار جديدة.

لكن الواقع يقول إن جانباً كبيراً من المستخدمين، وهم الرجال، لا يبحثون في الموقع، ما يحرمه من جمهور كبير للإعلانات. وترى شخصيات تنفيذية في «بنترست» أن غياب التوازن بين الجنسين نشأ منذ البداية. وأسس «بنترست» في عام 2010 الرئيس التنفيذي الحالي، بن سيبرمان، ورئيس التصميم، إيفان شارب، فضلاً عن بول سكيارا الذي غادر الشركة في عام 2012.

 

حلول «بنترست»

كان الهدف أن يُمثل «بنترست» كتاباً رقمياً للقصاصات يُتيح للمستخدمين جمع المحتوى الذي يُفضلونه من مواقع مختلفة على الإنترنت، وتحول عن غير قصد إلى عالم للمرأة، وتوسعت قاعدة مستخدميه من محبي الفنون والأعمال اليدوية إلى الأمهات من محبي التدوين، ومتخصصين في ديكورات المنازل، والطهاة، ليُصبح بعدها الوجهة المفضلة لمجلات مثل «أل» و«ريال سمبل»، وتعنى كلٌ منهما بشؤون المرأة.

واعتبر أستاذ التسويق في كلية الأعمال في «جامعة يورك» في مدينة تورنتو الكندية، روبرت كوزينتس، أن الصورة النمطية السائدة عن «بنترست» باعتباره مساحة للنساء، ليست فعالة عند محاولة جذب الرجال إلى الموقع، لافتاً إلى أن «الوصمة الناشئة عن وجود رجل في موقع للنساء تفوق العكس، ويسود تصور أن ذلك يُقلل من المركز الاجتماعي للرجل».

ويكمن جانب من الحل في تسهيل اكتشاف الرجال للمحتوى الذي يهتمون به، إذ أشار مديرون تنفيذيون في «بنترست» إلى تركيزهم على جعل الموقع أكثر حيادية فيا يتعلق بجنس المستخدمين.

وتهم بعض من أكثر الموضوعات شعبية في الموقع، مثل الطهي والعناية بالحدائق والسفر، كلاً من الرجال والنساء. وقال «بنترست» إنه أضاف تغييرات طفيفة على عرض المحتوى ليشمل مزيداً من وصفات «التاكو» المكسيكي والبيتزا، فضلاً عن أصناف مخبوازات رائجة ووجبات عائلية عند البحث عن أفكار لوجبات الطعام. وعدل «بنترست» عملية التسجيل، ليقترح اهتمامات للمستخدمين الجدد بحسب الجنس، وأطلق نتائج بحث مُخصصة تختلف بحسب جنس المستخدم.

وعلى سبيل المثال، فإذا ما بحث المستخدم عن كلمة «تدريبات» workouts، ستختلف النتائج المُقدمة بحسب الجنس، وستظهر نصائح للياقة البدنية للرجال وأخرى تخص صحة النساء. وفي الماضي كانت النتائج الخاصة بالرجال تمزج بين نظم التدريبات الرياضية للجنسين. وقال «بنترست» أن هذه الميزة المُتاحة حالياً لجميع مستخدميه ساعدت في زيادة المشاركة.

 

محتوى الموقع

وتُظهِر بيانات شركة «كوم سكور» تفوق النساء في وقت استخدام «بنترست»، إذ أمضين 4.94 مليارات دقيقة في استخدام الموقع في ديسمبر 2014 بزيادة نسبتها 42% عن العام الماضي، كما يزيد عن أربع أضعاف الوقت الذي قضاه الرجال وبلغ 1.59 مليار دقيقة.

ومع ذلك، شهد عام 2014 زيادة في محتوى «بنترست» المتصل بالمستخدمين من الرجال، وارتفع محتوى السيارات والدراجات النارية بنسبة 134%، وأزياء الرجال بنسبة 122%، و«الجيك» أو محبي التكنولوجيا بنسبة 175%. ولفت «بنترست» إلى أن تسجيل المستخدمين الجدد من الرجال ازداد بنسبة 54% خلال الأشهر الستة المنتهية في نوفمبر 2014، ليفوق عدد المشتركات الجدد.

تويتر