«المفوضية الأوروبية» أكّدت توافر 97 ألف تطبيق في القطاع حالياً

البيانات الصحية عبر الأجهزة المحمولة تحسّن الصحة العامة وتوفر مليارات الدولارات

صورة

في نهاية أكتوبر الماضي، كشفت شركة «مايكروسوفت» عن سوار «مايكروسوفت باند»، كأول إسهاماتها في مجال التقنيات القابلة للارتداء ذات الاستخدامات الصحية، في إضافة إلى العديد من المنتجات لشركات مثل «سامسونغ» و«غوغل»، فضلاً عن ساعة «أبل ووتش» المُقرر طرحها للبيع مطلع العام المقبل.

ويستخدم ملايين الأشخاص مثل هذه الأدوات لمتابعة لياقتهم البدنية وضربات القلب وضغط الدم، وغيرها من وظائف الجسم.

ويتصوّر البعض دوراً للتقنيات القابلة للارتداء وما تجمعه من بيانات في تحسين الصحة العامة، وتوفير مليارات الدولارات من كُلفة الرعاية الصحية، وهو ما يبقى محل نقاش، إلى جانب تساؤل مهم عن مصير البيانات التي تُسجلها هذه الأدوات وسُبل استخدامها.

وسبق ازدهار سوق الأجهزة التكنولوجية القابلة للارتداء ذات الاستخدامات الصحية إدراك الشركات الكبيرة في مجال التكنولوجيا فرص روّاجها.

وبحسب تقرير أصدرته «المفوضية الأوروبية» في مارس الماضي تناول «الصحة المحمولة»، يتوافر حالياً 97 ألف تطبيق للأجهزة المحمولة تتصل بقطاع الصحة، تتضمن تطبيقات لتتبع اللياقة البدنية، وأخرى لتنظيم المواعيد مع الأطباء ومتابعة التزام المرضى بتناول الدواء.

وتوقع التقرير أنه بحلول عام 2017، سيستخدم التطبيقات الصحية ما يزيد على 1.5 مليار شخص في مختلف أنحاء العالم، كما سيصل إجمالي عائداتها المتوقع إلى 23 مليار دولار.

وقدر التقرير إمكانية أن تُسهم هذه التطبيقات والأجهزة في خفض كُلفة الرعاية الصحية في الاتحاد الأوروبي بمبلغ 123.9 مليار دولار.

وبعكس قطاعات أخرى، تحظى الشركات الناشئة بفرصٍ كبيرة في مجال الأجهزة القابلة للارتداء، إذ أدركت مُبكراً إمكاناتها قبل أن تُواجه حالياً منافسة من الشركات الكبيرة، ومثلاً تأسست شركة «ويذنجز» Withings الفرنسية قبل خمسة أعوام، وبدأت «ويذنجز» إنتاج موازين لاسلكية تُرسل البيانات إلى المستخدم، وتعرض بالرسوم البيانية التغيرات في وزنه مع مضي الوقت.

وبرر الرئيس التنفيذي للتسويق في الشركة، جوليان دي برامونت، الاتجاه في البداية إلى الموزاين باعتبار الوزن أحد الأبعاد التي سيكون من المنطقي أن يُفكر الناس في متابعته.

وأضاف أن «المنحنى البياني يكشف تأثير التغيرات في الحياة الشخصية على الوزن، كالطلاق أو اتباع حمية غذائية، أو الحصول على وظيفة جديدة».

وبعدما حققت «ويذنجز» نجاحاً مع الموازين اللاسلكية، اتجهت لتقديم أجهزة تقنية يُمكن ارتداؤها، وتتابع الحركة وضربات القلب، وأنماط نوم المستخدمين.

وفي الوقت الذي تُؤكد الشركة أن البيانات التي تجمعها تخص المستخدم وحده، سبق أن نشرت «ويذنجز» تقارير تناول أحدها أكثر المدن التي تشهد معدلات مرتفعة من السمنة المفرطة في فرنسا والولايات المتحدة، وتطرّق آخر إلى أنماط النوم عبر أوروبا، لكن الشركة تقول إنها لا تنتهك خصوصية بيانات الأفراد، نظراً لتجميعها البيانات وإزالة كل ما يُشير إلى هويات الأفراد منها.

وعلى غرار أعمال «ويذنجز»، التي توسعت خارج موطنها في فرنسا، تخطت أيضاً أعمال شركة «فِتبت» Fitbit، والتي تأسست عام 2007، حدود الولايات المتحدة، وتُوفر «فِتبت» موازين لاسلكية وأدوات وسوارات لتتبع اللياقة البدنية ترصد الحركة وضربات القلب، وضغط الدم والنوم.

وتُبدي «فِتبت» حماساً بشأن الدور القوي للبيانات والأهداف في تحفيز المستخدمين على العناية بصحتهم، وتُوفر أدواتها وبرمجياتها للتعاون مع الشركات.

وأطلقت الشركة بالفعل مخططاً للصحة في الولايات المتحدة، يُمكن للشركات استخدامه للحصول على خصومات على الضرائب، وتشمل قائمة متعامليها حتى الآن مؤسسات شهيرة مثل «بريتش بتروليوم» و«تيم وارنر».

ويُمكن لموظفي الشركات الاشتراك، كما يُمكن للأقسام المختلفة منافسة بعضها بعضاً في عدد الخطوات التي مشاها الموظفون أو صعودهم للدرج.

واعتبر المسؤول في شركة «فِتبت»، غاريث جونز، أن المفتاح يكمن في جعل المنتج جاذباً، وسبيل ذلك الاستفادة من أساليب الألعاب وخصائصها، أو ما يُطلق عليه Gamification.

وأضاف جونز أن «برنامج الشركة يتضمن مواجهات يومية ومحاربين لنهاية الأسبوع، ما يُحفز المستخدمين ويدفعهم للعودة مجدداً. لكن مثل هذه التطبيقات والمنافسات تُثير بعض المخاوف بشأن تسجيل جميع تحركات الموظفين على مدار ساعات اليوم».

في هذا السياق، أشار جونز إلى عدم امتلاكهم للبيانات، واعتماد الأمر على اختيار الفرد الاشتراك في البرنامج، بينما تفصل النتائج بشكل مجرد بين الأشخاص الذين وافقوا على المشاركة، وغيرهم ممن لم يوافقوا.

وتابع جونز أنهم «قد يتقاسمون مع مسؤول الشركة معلومات بخصوص توجيه الدعوة لـ50 شخصاً، وموافقة 45 منهم على الاشتراك»، مُضيفاً أن «كيفية استخدام كل شركة للبيانات أمر يرجع إليها. وفي الواقع، يُبشر كم البيانات التي يجري جمعها حالياً بفرص كبيرة أمام الشركات وهيئات الصحة العامة على حدٍ سواء، ومثلاً يُمكن تصوّر الوضع حين يتمكن الطبيب من الاطلاع على كم التدريبات التي أداها المرضى، ومقدار النوم الذي يحصلون عليه، والتغيرات في ضغط الدم طوال عام مضى». وبينما تستعين شركات التأمين في الوقت الراهن بتطبيقات الأجهزة المحمولة، لتنظيم المقابلات وتوفير المعلومات الصحية، فإنها لم تقبل تماماً على استخدام التقنيات القابلة للارتداء وما توفره من بيانات، على الرغم من أن مثل هذا التطوّر يُمكنه تغيير عملها جذرياً، حسبما يشير إليه العديد من الأوراق البحثية.

وحتى الآن، يظل استخدام البيانات الطبية في الأبحاث أمراً بعيداً إلى حدٍ كبير.

ويرغب البروفيسور في وكالة «الصحة العامة في انجلترا»، جون نيوتون، في الوصول إلى نهج أكثر تنسيقاً، وأشار إلى وجود عالم من التطبيقات واستثمارات كبيرة تضخها شركات التكنولوجيا، دون أن يربط بينها قطاع الرعاية الصحية.

وأوضح نيوتون أنه «في حال جرى الربط بين المستشفى كعيادة مرض السكري وبيانات الهاتف المحمول الخاص بالمريض، يُمكن حينها فوراً معرفة ما إذا كان (السكري) يُوشك على الخروج عن نطاق السيطرة»، مشيراً إلى أنه «يجب وضع البيانات بين أيدي الأشخاص الذين يُمكنهم استخدامها لإحداث فارق».

وكحال جميع البيانات التي يجري تسجيلها وتحليلها، تتوافر إمكانات كبيرة للاستفادة منها، وفي الوقت نفسه يُحيط استخدام المعلومات الشخصية الكثير من الإشكالات الأخلاقية، وأخرى تتعلق بالخصوصية، الأمر الذي يبدو أنه سيستمر لبعض الوقت.

تويتر