شملت 403 طلاب.. صنفتهم حسب درجة إقبالهم على الاستخدام المتزامن للإعلام

دراسة: مراهقون ينجزون بشكل أفضل مع «التشتيت الإلكتروني»

صورة

يفضل بعض الطلاب المذاكرة وإنجاز فروضهم المدرسية أثناء الاستماع إلى الموسيقى أو مشاهدة التلفزيون، إلى جانب متابعة الشبكات الاجتماعية على الإنترنت، وربما أيضاً الدردشة عبر تطبيقات التراسل الفوري والمكالمات الهاتفية. وفي حين يبدو من الصعب التركيز وسط كل ذلك، انتهت دراسة حديثة إلى أن البعض منهم قد ينجز بصورة جيدة مع أدائه لمهام متعددة في الوقت نفسه.

وتلفت الدراسة الاهتمام، لتركيزها على المراهقين من ناحية، ومن ناحية أخرى لأن فريق البحث فيها يتألف من طالبتين في المرحلة الثانوية في «مدرسة أوريغون إبيسكوبال» في مدينة بورتلاند الأميركية. ودعيت الطالبتان لعرض ملخص دراستهم أمام المؤتمر السنوي للأكاديمية الأميركية لطب الأطفال في مدينة سان دييغو، أخيراً، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية.

وأشارت النتائج إلى أنه على الرغم من أداء معظم المراهقين بصورة أفضل عند تركيزهم على مهمة واحدة فقط، إلا أن أداء بعضهم الذين يستخدمون أكثر من وسيط للإعلام في الوقت نفسه، وبلغت نسبتهم نحو 15%، كان أفضل مع عناصر التشتيت كإرسال البريد الإلكتروني والموسيقى، وفاق أداءهم عند الاقتصار على نشاط واحد.

وتمثل النتائج مفاجأة بالنظر إلى أبحاث سابقة توصلت عموماً إلى أن الأشخاص الذين يعتقدون بإجادتهم أداء أكثر من مهمة في الوقت نفسه يؤدون بشكل أسوأ من غيرهم، ممن يحاولون التركيز على عملٍ واحد. وتتميز الدراسة الأخيرة باعتبارها واحدة من الأبحاث القليلة التي تطرقت إلى القدرة على أداء مهام متعددة، وركزت على مرحلة عمرية معينة. وأشارت الطالبتان إلى أن التركيز على المراهقين ربما يفسر اختلاف النتائج.

وقالت الباحثة الطالبة، ألكسندرا أولمر، التي تبلغ من العمر 18 عاماً، إن «ما يشير إليه بحثنا أنه ربما تكون أدمغتنا كمراهقين ومعتادين على العالم الرقمي قد تأقلمت مع هذا التأثير لوسائل الإعلام، ونظراً لنشأتنا معها، نستطيع التعامل مع كل هذه المنبهات المختلفة».

وأشارت أولمر، وزميلتها سويري كولفيلد، إلى أنهما لا تقبلان كثيراً على أداء مهام عدة في الوقت نفسه. وأجرت الطالبتان الدراسة ضمن برنامج أبحاث العلوم في «مدرسة أوريغون إبيسكوبال». وحل المشروع، الذي استغرق إنجازه عامين، ثانياً في فئة العلوم السلوكية في «معرض إنتل الدولي للعلوم والهندسة» الذي انعقد في مدينة لوس أنجلوس في مايو الماضي، ويعد المسابقة العلمية الأكبر في العالم لمرحلة ما قبل الجامعة. وعرضت الطالبتان البحث خلال فصل الصيف في «المعهد الوطني لتعاطي المخدرات» في واشنطن كجزء من «المعاهد الوطنية للصحة».

وأعربت مديرة «المعهد الوطني لتعاطي المخدرات»، نورا فولكو، عن إعجابها بالدراسة. وقالت إن «الدراسة بحثت في ما إذا كانت تجربة القيام بمهام متعددة تؤثر في السلوكيات التي يتحكم فيها قشرة الفصل الجبهي، وهي المنطقة المسؤولة عن ضبط النفس».

وأضافت فولكو أنه «مع نشر المزيد من الدراسات، كالتي أنجزتها أولمر وكولفيلد بنجاح بالغ، وتعرض المزيد من الشباب لهذه الأشكال المعرفية الجديدة، فربما يتبين أن القيام بمهامٍ متعددة ليس بالضرورة أمراً سيئاً في جميع الأحوال».

وصنفت الدراسة الطلاب المشاركين ضمن ثلاث فئات بحسب شدة إقبالهم على إنجاز مهام عدة في الوقت نفسه، معتمدة على اختبارٍ قياسي طوره باحثون في جامعة «ستافورد» الأميركية. وتضمنت الفئات الثلاث من يقبلون بشكلٍ مكثف على استخدام أكثر من وسيط للإعلام في الوقت نفسه، وأشار هؤلاء إلى قضائهم متوسط ثلاث ساعات يومياً في القيام بأكثر من مهمة، يكون ما لا يقل عن نصفها خلال أداء الواجبات الدراسية. أما الطلاب ذوو الإقبال المنخفض على القيام بمهام متعددة، فأشاروا إلى قضائهم 20 دقيقة يومياً في إنجاز مهام متعددة قلما تشمل الوقت المخصص للواجبات الدراسية.

ومن بين 403 طلاب شاركوا في الدراسة، ضمت فئة الإقبال الكثيف على أداء مهام متعددة 60 طالباً، و50 طالباً للمجموعة ذات الإقبال المنخفض، ويندرج الباقون ضمن المجموعة ذات الإقبال المعتدل على أداء مهام متعددة في الوقت نفسه.

وضمن الدراسة، طلبت الباحثتان من الطلاب، الذين بلغ متوسط أعمارهم 14 عاماً ونصف العام، بصورة عشوائية الدخول إلى واحدة من غرفتين لأداء مجموعة متنوعة من الاختبارات المعرفية على الحاسوب للاستفادة من ذاكرتهم العاملة أو قصيرة الأمد.

وكانت إحدى الغرفتين لتعدد المهام، فسُمح للطلاب فيها بإتمام الاختبارات أثناء الاستماع إلى الموسيقى، وفعل ما يحلو لهم على هواتفهم أو الحاسوب، وانتظار رسالة أو أكثر عبر البريد الإلكتروني ينبغي عليهم الرد عليها في أسرع وقتٍ ممكن، لكن لم يتلقَّ جميع المشاركين رسائل البريد الإلكتروني.

وبالنسبة للغرفة الثانية، فطُلب من الطلاب استكمال الاختبارات على الحاسوب، لكن في غياب أي عوامل لتشتيت الانتباه.

وقالت أولمر «ما توصلنا إليه أنه في المتوسط يعمل أكثر الأشخاص على نحوٍ أفضل عند التركيز على مهمة واحدة». ومع ذلك، لفتت أولمر إلى مجموعة من الطلاب يكثرون من استخدام أكثر من وسيط للإعلام في الوقت نفسه مع أداء مهام أخرى، وكان أداؤهم أفضل حين كانوا في بيئة تتضمن مهام متعددة، وامتازوا بالفعل في غرفة المهام المتعددة.

وكان من بين النتائج اللافتة للنظر للدراسة التأثير الضار والمشتت لانتظار وصول رسالة بالبريد الإلكتروني، فكان أداء المشاركين الموجودين في غرفة تعدد المهام ولم يتلقوا الرسالة أسوأ من غيرهم. وبحسب أولمر «كان توقع رسالة البريد الإلكتروني أكثر إضراراً بأدائهم من استقبال الرسالة بالفعل».

وتضمنت الاختبارات مهام بسيطة كملاحظة حركة مستطيل ملون أثناء تغير المشاهد على شاشة الحاسوب، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت النتائج تنطبق على مواقف أخرى تتطلب مزيداً من الانتباه كإنجاز واجب دراسي في مادة التفاضل والتكامل.

وتبحث أولمر وكولفيلد عن دورية علمية تهتم بنشر دراستيهما، كما أشارتا إلى نيتهما الاستمرار في إجراء البحوث العلمية بعد الالتحاق بالجامعة. وخلال الدراسة تلقت الطالبتان توجيهاً من أستاذ الاتصالات في جامعة «ستانفورد» والباحث البارز في موضوع تعدد المهام، كيلفورد ناس.

وكان ناس أجرى بالاشتراك مع باحثين آخرين دراسة شملت 100 طالب في سن الجامعة، وتوصلت الدراسة، التي أجريت في عام 2009 ونشرت في «دورية الأكاديمية الوطنية للعلوم»، إلى أن ذوي المعدلات العالية في استخدام أكثر من وسيط للإعلام مع مهام متعددة أقل كفاءة من غيرهم ممن يقومون بمهمة واحدة فقط، في ما يتعلق بوظائف مثل التحكم في الذاكرة والانتباه والانتقال من نشاط إلى آخر.

تويتر