يفضل بعضها حواسيب «كروم بوك» المحمولة لاعتمادها على الخدمات السحابية

مدارس أميركية تتجه إلى التخلي عن «آي باد»

صورة

منذ أن طرحت شركة «أبل» جهاز «آي باد» في عام 2010، وجد الحاسوب اللوحي سبيله إلى العديد من المدارس في الدول الغربية، في وقت تعالت فيه الأصوات الداعية إلى الاستعانة بالابتكار الجديد، واستبدال الكتب التقليدية بمناهج دراسية على الإنترنت، وإضافة تطبيقات تفاعلية إلى الفصول الدراسية.

ورحب بعض المعلمين بالتحول الذي أتاح لطلابهم استبدال الملصقات القديمة بمقاطع فيديو تدريبية، يمكنهم الرجوع إليها في أي وقت، كما سُمح لهم بتسجيل خطواتهم في إجراء تجربة ما أو الإجابة عن سؤال على الشاشة وعرضها أمام زملائهم.

لكن بعد أربع سنوات، تكثُر التساؤلات حول ما إذا كان «آي باد» بالفعل هو الجهاز الأنسب للفصول الدراسية، وسط اتجاه عدد غير قليل من المدارس الأميركية إلى بيع حواسيب «آي باد» وإلغاء طلبات شراء واستبدالها بحواسيب محمولة.

ويشهد قطاع التكنولوجيا التعليمية منافسة حامية، إذ في أميركا وحدها، يقدر أن يصل إنفاق المدارس على التكنولوجيا إلى 9.94 مليارات دولار، بزيادة قدرها 2.5% مقارنةً بالعام الماضي، وفق مدير أبحاث السوق في «مركز التعليم الرقمي» المعني باتجاهات التكنولوجيا في التعليم، جوزيف موريس، الذي أشار إلى أنه في المتوسط تنفق المدارس نحو ثلث ميزانيتها المخصصة للتكنولوجيا على الحواسيب.

وخلال السنوات الأربع الماضية، صار «آي باد» الجهاز المفضل للمدارس بصرف النظر عن تباين حالتها الاقتصادية، فاتجهت المدارس ذات الميزانيات الضخمة إلى شرائه لطلابها، في حين حصلت أخرى ذات ميزانيات محدودة على منح حكومية سخية على أمل أن يسهِم «آي باد» في تحسين مستوى التعليم ومعدلات نجاح الطلاب.

وشهد شهر سبتمبر من العام الماضي الإعلان عن مبادرة «هيئة المدارس الموحدة» في لوس أنجلوس، التي تعد ثانية أكبر المناطق التعليمية في أميركا، لتوفير حاسوب «آي باد» لكل تلميذ. لكن في نهاية العام الدراسي، أعلنت الهيئة عن استعادة 2100 أجهزة «آي باد» من تلاميذها.

وقالت في الوقت نفسه إنها ستسمح للمدارس بالاختيار بين ستة أجهزة مختلفة منها حاسوب «كروم بوك» Chromebook، وأجهزة هجينة تجمع بين سمات الحاسوب المحمول واللوحي.

ولا تعد خطوة مدارس لوس أنجلوس الأولى من نوعها، ففي بداية العام الدراسي 2013-2014 أوقفت مدارس مدينة جيلفورد، في ولاية نورث كارولينا، برنامجاً سخياً لتوفير الحواسيب اللوحية، كما ألغيت في تكساس مبادرة مشابهة.

واتبعت مدارس مدينة هيلزبورغ في ولاية نيو جيرسي نهجاً مختلفاً بعض الشيء، وألغت في العام الدراسي 2012-2013 مبادرة بتقديم حواسيب «آي باد» اللوحية لـ200 تلميذ، وتقديم حواسيب «كروم بوك» لعدد مماثل. واتبعت طريقاً أكثر حذراً من خلال تجربة تستهدف معرفة ما إذا كان «آي باد» هو الجهاز الأفضل فعلاً للتعليم التفاعلي، واستعانت بالمعلمين للمساعدة في اتخاذ القرار الصائب.

وبعد دراسة آراء الطلاب والمعلمين، قررت هيلزبورغ بيع حواسيب «آي باد» وتعمل على توزيع 4600 حاسوب «كروم بوك»، الذي يعمل بنظام تشغيل «غوغل كروم»، ويعتمد أساساً على الخدمات السحابية والإنترنت، بحلول خريف العام الجاري. وظهر «كروم بوك» للمرة الأولى في عام 2011، وصارت المدارس المستهلك الأكبر للجهاز في العام التالي مباشرة.

وكانت المعلمة جينيفر هارمسن ضمن من اختبروا استخدام «آي باد» في فصلها الدراسي، وعلى الرغم من شعورها ببعض من خيبة الأمل مع القرار باختيار «كروم بوك»، إلا أنها خلال عام من استخدامه قالت إنها لمست فوائد الحاسوب المحمول. وتوصل معلمون آخرون ممن شاركوا في التجربة إلى الرأي نفسه.

أما عن الأسباب التي رجحت «كروم بوك» عن «آي باد»، فقال مدير التكنولوجيا في مدارس هيلزبورغ، جويل هاندلر، إنه في حين لا يكره أحد حواسيب «آي باد» على أي وجه، لكن الطلاب يرونها بيئة ممتعة للعب، في الوقت الذي ينظرون فيه إلى حواسيب «كروم بوك» كمساحة للعمل.

وأضاف هاندلر أنه بقدر ما يحب الطلاب القراءة وكتابة الملاحظات على أجهزة «آي باد»، تمثل لوحة المفاتيح في «كروم بوك» نفعاً إضافياً.

كما دعم اختيار «كروم بوك» قسم الدعم التكنولوجي الذي رأى أنه من الأسهل إدارة ما يقرب من 200 جهاز «كروم بوك» مقارنة بالعدد نفسه من حواسيب «آي باد» اللوحية، نظراً إلى اعتماد «كروم بوك» أساساً على التخزين السحابي ومتصفح «كروم»، ما يتيح للطلاب الاتصال السريع بالإنترنت في حال تعطل أجهزتهم وكذلك نقل الملفات والتطبيقات إلى جميع الأجهزة ببضع نقرات.

ونظراً إلى تأكيد مسؤولي التعليم في هيلزبورغ على التعاون، فقد وجد المعلمون أن «حزمة تطبيقات (غوغل) للتعليم»، التي تعمل على «آي باد» وغيره، كان من الأيسر استخدامها في حواسيب «كروم بوك» المحمولة. وقال هاندلر إن الهدف لم يكن التوصل إلى أي الأجهزة أفضل، بل التوصل إلى الجهاز الذي يلبي أهداف التعلم.

وتوقعت شركة «جارتنر» للأبحاث أن تصل مبيعات «كروم بوك» إلى 5.2 ملايين وحدة خلال العام الجاري، ويرجع ذلك أساساً إلى إقبال المدارس الأميركية عليها، نظراً إلى وظائفها البسيطة، وإمكانية إدارتها عن بعد، وتوافرها على لوحة مفاتيح، إضافة إلى السعر التنافسي.

وحسب بيانات «جارتنر»، وصل عدد الوحدات المباعة من «كروم بوك» خلال عام 2013 إلى 2.9 مليون حاسوب، منها 2.4 مليون حاسوب في أميركا الشمالية أي بنسبة 82%، واستحوذ قطاع التعليم على 85% منها.

وعلى الرغم من اطمئنان بلدة هيلزبورغ لاختيارها، فلايزال الموضوع محل نقاش واسع على مستوى الولايات المتحدة. وقال محلل السوق في شركة الاستشارات «فيوتشرسورس» Futuresource، فيل مادوكس، إن الإقبال في سوق التعليم ينقسم بالتساوي تقريباً بين الحواسيب المحمولة واللوحية، لكن في حين تتنوع الخيارات والمنافسة في الحواسيب المحمولة، يمثل «آي باد» أغلب الأجهزة اللوحية المستخدمة في المدارس.

وفي تجربة مغايرة، يجد المدير والمعلم في مدرسة «فرانكلين أكاديمي» في ويك فورست في نورث كارولينا، ديفيد ماهلي، أن استخدامه لحاسوب «آي باد» اللوحي في التدريس منذ أربع سنوات، سهّل مهمته، كما وفر لطلابه فرصاً أكثر للإبداع.

وما يزيد صعوبة اتخاذ القرار باختيار الحواسيب اللوحية أو المحمولة في المدارس، تَتابُع المنتجات الجديدة وتحديث الشركات لمنتجاتها الحالية. وقررت مدارس مدينة بالتيمور في ولاية ميرلاند تجربة حواسيب هجينة، تجمع بين وظائف الحواسيب المحمولة واللوحية، في 10 مدارس ابتدائية خلال سبتمبر الجاري.

وقال مدير قسم التكنولوجيا المعلومات، لويد براون، إنه خلال العام الماضي أتيحت الفرصة للمعلمين والطلاب لتجربة ما يزيد على 10 أجهزة مختلفة. وبسؤال المعلمين عما إذا كانوا يرغبون في حواسيب محمولة أم لوحية، كانت الإجابة:«نريد كليهما».

تويتر