تجار التجزئة يخشون الأسعار المنخفضة عبر الإنترنت

منافسة بمليارات الدولارات على سوق التجارة الإلكترونية في الهند

صورة

مع تزايد عدد مستخدمي الإنترنت في الهند، تتجه أنظار شركات محلية وخارجية إلى السوق الواعدة للتجارة الإلكترونية التي لاتزال في مهدها، ولا تُشكل حتى الآن سوى 0.5% من إجمالي مبيعات التجزئة في البلد الضخم الذي يتجاوز تعداد سكانه مليار نسمة.

ويؤشر ذلك إلى منافسة مستعرة بين عدد من الشركات، فضلاً عن تغيرات جارية في سوق تجارة التجزئة التقليدية التي تتخوف من إقبال المستهلكين على الشراء عبر الإنترنت بسبب رخص الأسعار، وفق ما تضمن تقرير لموقع «بي بي سي».

وتضم سوق التجارة الإلكترونية الهندية شركة «سناب ديل» التي تحظى بدعم من «إي باي» الأميركية التي تتمتع بسوقها الخاصة في الهند، كما يقترب دخول متاجر «وولمارت» إلى السوق الهندية الناشئة. ومن بين أهم المتنافسين «فليبكارت» التي تُعد أكبر شركة لتجارة التجزئة على الإنترنت في الهند.

وتضاعف الاهتمام بالشركة في 29 يوليو الماضي عقب الكشف عن حصولها على تمويل بقيمة مليار دولار (3.67 مليارات درهم)، ما يجعله إحدى أكبر عمليات التمويل في تاريخ شركات الإنترنت، ويتجاوزها فقط قليل من الشركات، مثل «فيس بوك» و«أوبر».

لكن سرعان ما خطف منافس آخر الأضواء في اليوم التالي مباشرةً، حين أعلنت شركة «أمازون» الأميركية عن استثمار ملياري دولار (7.35 مليارات درهم) في أعمالها داخل الهند.

وقال الرئيس التنفيذي للشركة، جيف بيزوس، في بيان: «نرى فرصة هائلة في الهند»، لافتاً إلى أن الهند في طريقها لتكون أسرع البلدان تحقيقاً لمليار دولار، مبيعات إجمالية.

وكانت «أمازون» أطلقت أعمالها في الهند عام 2013، ما يجعل أمامها الكثير من الأهداف. إلا أن رئيس الشركة في الهند، أميت أجاروال، لم يحدد جدولاً زمنياً للاستثمار، أو لبلوغ هدف مليار دولار من المبيعات، وهو الرقم الذي حققته «فليبكارت» بالفعل عام 2013.

وأسس «فليبكارت» Flipkart في عام 2007 موظفان سابقان في «أمازون»؛ هما ساشين بانسال، وبيني بانسال. وبدأ المؤسسان ببيع الكتب، وانتقلا منها إلى الإلكترونيات وغيرها من السلع.

ووصل عدد المستخدمين المُسجلين لدى الشركة إلى 22 مليون مُستخدم، كما تتعامل مع أكثر من 150 ألف عملية شحن يومياً. ومع ذلك، حققت «فليبكارت» خسائر صافية بلغت 2.82 مليار روبية (46 مليون دولار) من إيراداتها البالغة 11.8 مليار روبية على مدى عام انتهى في مارس 2013.

لكن التمويل الأخير منح الشركة مليار دولار، وهو رقم ليس بالقليل، ما دفع المؤسس المشارك في بوابة السفر «ميك ماي تريب»، ديب كالرا، لإبداء إعجابه الشديد بتجارة التجزئة الإلكترونية، والنطاق الواسع الذي تعمل فيه، معتبراً أن الأمر بمثابة بناء صندوق لتمويل المعركة المُقبلة للشركة.

ويدفع ذلك للتساؤل عن خطط «فليبكارت» للاستفادة من التمويل، وبحسب ألوك ميتال، الذي يرأس قسم الهند في شركة التمويل المُغامر الأميركية «كانان بارتنرز»، فربما سُتوجه «فليبكارت» جانباً كبيراً منه إلى التسويق وتطوير السوق، فضلاً عن شراء شركات أخرى.

وكانت «فليبكارت» استحوذت في مايو الماضي على منافستها «مينترا»، ما أدى إلى أكبر عملية اندماج في تاريخ التجارة الإلكترونية في الهند بقيمة تزيد على 300 مليون دولار.

وفي تعليق عبر البريد الإلكتروني للمُؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة «فليبكارت»، ساشين بانسال، فقد أشار إلى تركيز الشركة على بناء نظام للتجارة الإلكترونية في الهند؛ إذ يُتوقع أن يتجاوز عدد مستخدمي الإنترنت نصف مليار مستخدم في غضون السنوات الخمس المقبلة. وقال بانسال إن «جذب عشرات الآلاف من رواد الأعمال إلى الإنترنت يتطلب حل المشكلات اللوجستية، والخاصة بالدفع، وغيرها من المشكلات». وقدرت جولة التمويل الأخير لشركة «فليبكارت» قيمة الشركة بما تراوح بين ستة وسبعة مليارات دولار، بما يتجاوز شركة «دي إل إف»، التي تُعتبر الأكبر في مجال العقارات في الهند. ولفت المُستثمر ماهيش مورثي، من شركة «سيد فَند» للتمويل، إلى حديث «فليبكارت» مع كل جولة تمويل عن امتلاكها ما يكفي من النقد لجعلها قابلة للاستمرار، ثم تتجه بعدها للحصول على تمويل آخر أكبر.

وعلى الرغم من الحديث عن مليارات الدولارات، حققت مبيعات تجارة التجزئة على الإنترنت خلال العام الجاري 2.3 مليار دولار، أي 0.4% من إجمالي مبيعات التجزئة، ويُتوقع أن ترتفع إلى 32 مليار دولار، ما يُعادل نسبة 3% بحلول عام 2020، بحسب شركة «تكنوباك».

ووفقاً لتحليلات شركة «كريسيل»، فإن تجارة التجزئة على الإنترنت في الهند لا تشكل سوى نسبة 0.5% فقط من إجمالي تجارة التجزئة التي بلغ حجمها، العام الماضي، 23 تريليون روبية (378 مليار دولار).

ومع ذلك، حققت التجارة الإلكترونية نمواً بنسبة 56% سنوياً على مدى السنوات السبع الماضية، كما يُتوقع أن تُحقق 5.5 مليارات دولار، خلال العام المالي الجاري، لتصل إلى 8.3 مليارات دولار في العام المقبل.

ويُثير النمو المُطرد قلق تجارة التجزئة التقليدية في العديد من القطاعات، لاسيما تجار منتجات التكنولوجيا والاتصالات؛ نظراً لأن عملاءهم تقليدياً من الماهرين في استخدام التقنية ويجذبهم الشراء عبر الإنترنت. ويُشير البعض منهم إلى خسارة 35% من حجم أعمالهم لمصلحة المنافسين على الإنترنت.

وبدأ العاملون في مجال تجارة التجزئة بالانتباه إلى تأثير المشكلة ومحاولة إيجاد حل يحفظ مكانتهم، وشهد السبت الأول من أغسطس الجاري، تجمعاً كبيراً في أحد الفنادق، جنوبي مدينة دلهي، حضره كبار الباعة المحليين لمنتجات التكنولوجيا، وناقشوا فيه المصدر الأكبر لخوفهم؛ وهو الأسعار المخفضة المعروضة على الإنترنت مقارنةً بالموزعين، ويبحثون حالياً في تأسيس بوابة على الإنترنت على مستوى الهند لمنتجات التكنولوجيا.

ويُمثل رخص أسعار الشراء عبر الإنترنت واحداً من أهم العوامل التي تجذب المستهلكين في الهند إلى مواقع التجارة الإلكترونية.

وإضافة إلى السعر، يتخوف تجار التجزئة التقليدية من المعارض باهظة الثمن التي يأتيها المستهلكون لرؤية البضائع وتفحصها، ثم يتجهون إلى شراء السلع بسعر أقل عبر الإنترنت، وأحياناً يشترون السلع نفسها عبر تطبيقات الهواتف الذكية قبل مغادرتهم المعرض.

تويتر