تقدّم حلاً بديلاً عن الكلمات التقليدية والقياسات الحيوية للمستخدم للدخول إلى الحسابات

«الهالة الإلكترونية».. علاج واعد لمشكلة كلمات المرور

صورة

تتزايد أهمية الأمن الإلكتروني على المستوى الشخصي بدرجة تتفاوت من شخص لآخر، وربما تتأثر بعدد حسابات الشخص في مواقع الإنترنت، وأجهزته الإلكترونية، التي أحياناً ما يُحدد لكل منها كلمة مرور مميزة، فضلاً عن الحسابات المصرفية والبطاقات الائتمانية، وما يتبع ذلك من صعوبة تذكر عشرات كلمات المرور، الأمر الذي دفع باحثين لمحاولة تقديم بدائل لكلمات المرور من خلال استثمار القياسات الحيوية للمستخدمين كبصمات الأصابع، أو أجهزة مادية.

وفي مسعى مختلف، يعتقد المحاضر في مختبر الحاسب في جامعة كامبريدج البريطانية، فرانك ستاغانو، أن الحل يكمن في إنشاء هالة إلكترونية تحيط بكل شخص، بحيث تُقدم الإشارات المنبعثة من هذه الهالة تعريفاً فريداً ومميزاً للشخص، يسمح للأجهزة الإلكترونية الخاصة به بالعمل في نطاق هذه الهالة فقط، وفق ما تناول تقرير نشرته صحيفة «الغارديان» البريطانية.

ويرى ستاغانو أن الهالة الإلكترونية Electronic Aura لن يتجاوز نطاقها مسافة تراوح بين قدمين وثلاثة أقدام (من 0.6 إلى 0.9 متر) حول جسم الشخص، ويُمكن توليد إشاراتها بطريقة مماثلة لإشارات الاتصال اللاسلكي بالإنترنت (واي فاي) على مسافة قصيرة جداً.

وستسمح الهالة الإلكترونية للأجهزة الخاصة بالشخص بالعمل إذا ما وجدت في نطاقها، ما يعني وجود مالكها، وبالتالي فإن وجود أدوات كمفاتيح السيارة خارج نطاق الهالة سيجعلها عديمة القيمة، ما يعني أن فقدانها أو ضياعها لن يُمثل مشكلة كما هو حاصل حالياً.

وأكثر من ذلك، يعمل ستاغانو على تطوير جهاز محمول مُؤهل لتخزين وتذكر آلاف من أسماء الاستخدام وكلمات المرور، ويحمل الجهاز اسم «بيكو» Pico استلهاماً من اسم الفيلسوف الإيطالي، جيوفاني بيكو ديلا ميراندولا، الذي اشتهر بذاكرته المُذهلة.

ومن المفترض أن يتفاعل «بيكو» تلقائياً مع مواقع المصارف والمسارح ودور العرض وشركات السكك الحديدية وغيرها، بما يتيح للمستخدمين الوصول إلى حساباتهم بسهولة من خلال وضع الجهاز على الشاشة.

وسيضمن جهاز «بيكو» أمن المستخدم، نظراً لأنه سيعمل فقط داخل نطاق الهالة الإلكترونية الخاصة بكل شخص، ومن ثم لن يترتب على فقدانه تهديد لحسابات المستخدم أو ممتلكاته، كما يمكن استبداله بجهاز آخر.

وقال ستاغانو: «تُمثل كلمات المرور كارثة اليوم»، موضحاً أنه «يتعين على كل فرد تذكر العشرات من كلمات المرور، كما ينبغي أن تتضمن أرقاماً وحروف كبيرة وصغيرة، وألا تكون من الكلمات المعتادة التي يُمكن العثور عليها في المعاجم، كما لا يُسمح بتدوينها، وفوق ذلك على المستخدم تغييرها كل شهرين»، وتابع: «علينا أن نجد طريقة تجنبنا الحاجة إلى تذكر كلمات المرور طيلة الوقت».

واعتبر ستاغانو أن «علاج المشكلة يتمثل في جهاز (بيكو)، الذي يُمكنه تخزين عدد لا يُحصى من أسماء التسجيل وكلمات المرور، إضافة إلى الهالة الإلكترونية التي ستضمن له العمل بأمان».

وحصل ستاغانو على منحة بقيمة مليون جنيه إسترليني، أي ما يعادل 1.7 مليون دولار من الاتحاد الأوروبي، لتطوير نظام يعتمد على هذه الأفكار.

وفي ما يتعلق بكيفية إنشاء الهالة الإلكترونية، ذكر ستاغانو أن «ذلك سيتم من خلال أجهزة صغيرة يرتديها المستخدم على جسمه، وليس من المعتاد خلعها، مثل النظارة والساعة والأحذية، وأيضاً الملابس والمجوهرات، كما يُمكن أن تتخذ صورة أجهزة تُزرع تحت الجلد».

وقال ستاغانو إن المستخدم سيرتدي عدداً من هذه الأجهزة الصغيرة، التي يسميها «أشقاء بيكو»، حول جسمه، وفقط في حال وُجد العديد منها سيتم إنشاء الهالة الإلكترونية، وبالتالي يُمكن فتح جهاز «بيكو»، وأن يعمل وغيره من الأدوات كمفاتيح المنزل أو السيارة بأمان.

وتتواكب فكرة الهالة الإلكترونية مع اختبار باحثين آخرين سبلاً مختلفة تُحسّن من أمن الحاسب، ومن بين المناهج الشائعة استخدام الأنظمة البيومترية أو الحيوية مثل المسح الضوئي لشبكية العين أو بصمات الأصابع كبديل عن كلمات المرور.

من جانبه، اعتبر ستاغانو أن «مثل هذه الأساليب تظل عرضة لإساءة الاستخدام»، مشيراً إلى أن «النظم الحيوية تعمل على نحوٍ جيد في إدارات مراقبة الحدود أو في الأماكن الأخرى التي تتطلب حضور الشخص عند الفحص، لكن الأمر يختلف عند محاولة شخص تسجيل الدخول عن بُعد إلى حسابه المصرفي من خلال حاسبه المحمول، فعندها يُمكن اختراق الأمن بسهولة، مثل استخدام صورة لعين الشخص لخداع ماسح الشبكية أو صورة من بصمة الإصبع».

وعلى الرغم من أن مثل هذه السلبيات لن تؤثر في نظام «بيكو»، إلا أن ستاغانو يُقرّ بالحاجة إلى القيام بالكثير من العمل لتطويره، وضرب مثلاً بالحاجة إلى تصميم مواقع الإنترنت بشكل تستطيع معه التعرف إلى الإشارات الصادرة من نظام «بيكو»، وأشار إلى وجود مشاورات مع مزودي الخدمات الرئيسين حول هذه المسألة.

وفي الوقت نفسه، يبحث فريق ستاغانو في أنواع الأجهزة التي تستطيع توليد إشارات الهالة الإلكترونية، ويُمكن للأشخاص ارتداؤها من الشارات والمجوهرات والأحزمة والأساور.

وبين ستاغانو أن مشكلة كلمات مرور الحاسب تتطور إلى الأسوأ باستمرار، واعتبر أن مشروع جهاز «بيكو» يُمثل سعياً لإيجاد حل على المدى الطويل.

تويتر