نظراً إلى نقص المرافق الصحية والعاملين المؤهلين والاعتماد على أساليب قديمة

التكنولوجيا.. أمل غانا لعلاج نظم الرعاية الصحية

الهواتف المحمولة توفر وسيلة سريعة للوصول إلى الأمهات في غانا لتذكيرهن بمواعيد مراجعة العيادة قبل الولادة. أرشيفية

تُواجه العديد من دول القارة الإفريقية وغيرها من العالم النامي، مشكلات صحية مزمنة تتعلق بنقص المرافق الصحية، والعاملين المؤهلين، وضعف الوعي بين السكان، فضلاً عن اعتماد إدارة منشآت الرعاية الصحية على أساليب قديمة لا تضمن كفاءة العمل والتنسيق بين أجزائه المختلفة، ما يدفع كثيرين ليروا في الهواتف المحمولة ونظم الإدارة الحاسوبية وغيرها من التقنيات أملاً لتحسين الرعاية الصحية.

وتوفر الهواتف المحمولة وسيلة سريعة للوصول إلى الأمهات في دولة مثل غانا، لتذكيرهن بمواعيد مراجعة العيادة قبل الولادة، وغيرها من النصائح الصحية. وفي الواقع تُمثل صحة الأمهات وأطفالهن مشكلة خاصة في دول جنوب الصحراء في إفريقيا؛ إذا تُعد معدلات الوفيات هناك الأعلى في العالم، بحسب «منظمة الصحة العالمية».

ولا ينفي ذلك حدوث بعض التحسن؛ إذ تراجع معدل وفيات الأمهات في غانا بنسبة 49% بين عاميّ 1990 و2013، ليصل في عام 2013 إلى 380 وفاة لكل 100 ألف ولادة، إلا أنه لايزال يفصله الكثير قبل أن يبلغ الأهداف الإنمائية التي حددتها الأمم المتحدة برقم 185 حالة وفاة، وفق ما تناوله تقرير نشره موقع «بي بي سي».

ويُرسل نظام يُعرف باسم «موبيل ميدويف» Mobile Midwife، الذي يعني «محمول القابلة»، للنساء المشتركات، رسائل منتظمة عبر هواتفهن المحمولة، لتذكيرهن بمراجعة المراكز الصحية، كما يقدم معلومات حول الأطعمة المناسبة، ومتى ينبغي عليهن التوقف عن العمل اليدوي، واقتراب ميعاد الولادة، ما يدفعهن للاستعداد للولادة في العيادة بدلاً من المنزل.

وتُعالج هذه الرسائل مشكلة أخرى تواجه مجتمعات إفريقية، فبحسب مسؤولة صحة المجتمع في أحد المراكز، أليس جرانت يامواه، فإن حضور النساء للمتابعة الطبية قبل الولادة ليس بالأمر السهل؛ نظراً لأن معظم الأمهات أميات، وبالتالي لا يلتفتن إلى التاريخ المدون بميعاد الاستشارة أو ينسينه.

وأشارت «يامواه» إلى عائق آخر يتمثل في انتشار الإيمان بالخرافات، قائلة: «يُنقذ (موبيل ميدويف) حياة الأمهات، لأن المجتمع يعتقد بالخرافات، فإذا التقيت بأم في المنزل، ونصحتها بالحضور للمركز للرعاية السابقة على الولادة، تقول لك إنه إذا ذهبت، فإن عين الحسد ستنظر إليّها وستفقد الطفل، لأن هذا ما حدث معها سابقاً».

وباشتراك النساء في «موبيل ميدويف»، تحصل كل منهن على رقم مميز. وعقب كل مقابلة، تُحدّث الممرضات السجل الطبي للمريضة إلكترونياً بواسطة تطبيق للهواتف العاملة بنظام «أندرويد»، كما يُنتج النظام تقريراً رقمياً شهرياً، يمكن بمراجعته معرفة ما إذا كانت المرأة تلقت اللقاحات الصحيحة أم لا.

ومن بين فوائد «موبيل ميدويف»، وفقاً لمديرة منطقة الخدمات الصحية في منطقة «أوتو سينيا»، باتريشيا أنتوي، إسهامه في تحقيق انتشار أوسع للتطعيم؛ نظراً لتناول الرسائل فترة الحمل والأشهر الأولى من الحياة، إضافة إلى زيادة عدد النساء اللاتي يخترن الولادة في العيادات، ورفع وعي عدد أكبر من الأمهات بالمسائل الطبية.

وتُشكل منصة «موبيل ميدويف» جزءاً من مبادرة «موتيك غانا» Motech لاستخدام تكنولوجيا المحمول رعاية صحة المجتمع، وهي ثمرة تعاون بين مؤسسة «غرامين» غير الهادفة للربح ودائرة الصحة في غانا.

وحالياً، تستخدم سبع مناطق في غانا منصة «موبيل ميدويف»، لكن الأمر لا يخلو من تحديات تواجه المناطق النائية، بسبب ضعف التغطية، والافتقار إلى الكهرباء، وعدم وجود طريقة لشحن الهواتف المحمولة، إضافة إلى عدم انتشار الهواتف المحمولة بين النساء الفقيرات والريفيات، بحسب ما قال المسؤول عن تنفيذ منصة «موتيك» في مؤسسة «غرامين»، إيدي أدموزويا.

ولفت مدير الابتكار التكنولوجي في المؤسسة، ديفيد هوتشفول، إلى قيامهم بإعادة تصميم منصة «موتيك» لتقويتها وجعلها أوسع نطاقاً، ما يسمح بخدمة البلد بأكملها، وليس مجرد مناطق.

وتتاح حزمة «موتيك» حالياً بشكل مفتوح المصدر للتحميل عبر الإنترنت، ما يسمح باستخدامها في أي مكان آخر في إفريقيا وآسيا وأميركا الجنوبية، للاستخدام في أمورٍ عدة، منها رعاية صحة الأمهات، والتذكير بعلاجات فيروس نقص المناعة البشرية «الإيدز»، والإدارة الصحية العامة.

ومقارنةً بالمناطق الريفية في غانا، فإن الوضع يختلف في العاصمة «أكرا» الصاخبة والمزدهرة بطموحات منافسة المراكز التكنولوجية المتميزة في إفريقيا، مثل العاصمة الكينية نيروبي، ومدينة لاغوس في نيجيريا.

وتشهد المدينة مبادرة تكنولوجية خاصة لعلاج مشكلة الاعتماد على السجلات الورقية في المرافق الصحية، وما ينجم عنه من ضياع وقتٍ طويل، وضعف التنسيق بين أجزاء العمل، فضلاً عن وجد كم كبير من وثائق التأمين وغيرها تحتاج لإنهائها.

وتعمل في هذا المجال شركة «كليم سينك» الناشئة ClaimSync التي بدأت في «مدرسة ميلتووتر الريادية للتكنولوجيا» في أكرا. وقال الرئيس التنفيذي للشركة وأحد مؤسسيها، سيث أكوماني، إن الفكرة الأولية دارت حول بناء منصة تُسهل على المرضى الوصول إلى سجلاتهم.

ويُتيح برنامج «كليم سينك» إنشاء نظام إلكتروني متكامل للسجلات الطبية، يهدف إلى ربط كل قسم في مرفق للرعاية الصحية بقاعدة بيانات مركزية، ما يسمح للعاملين في الاستقبال والمختبر والصيدلية والأطباء بمتابعة تقدم المريض.

ويجمع «كليم سينك» بين المستشفيات وشركات التأمين؛ فيُنتج ويُرسل تلقائياً وثائق للمطالبة بالحصول على تأمين، وفي حال استخدام الشركات للمنصة نفسها، يمكنها تلقي الوثائق بشكل فوري تقريباً.

ويرى مدير الخدمات الطبية في إحدى عيادات «أكرا»، أوسي أنتروب، أن برنامج «كليم سينك» حقق مستوى أفضل من السرية والكفاءة، إذ يمنح العملاء،الأذون وتفاصيلهم الشخصية لمرة واحدة فقط، بدلاً من الحاجة إلى تقديمها في كل مرة يزورون فيها مرافق الرعاية الصحية.

وحظي نهج شركة «كليم سينك» بإعجاب أطراف أخرى، فاستحوذت عليها شركة «جين كي» الهولندية المتخصصة في إدارة الهوية البيومترية أو الحيوية.

تويتر