يُستخدم في 30 بلداً ويضم 155 ألف سائق و7 ملايين مستخدم

«إيزي تاكسي».. تطبيق برازيلي لحل مشكلات المرور

صورة

شهد الاقتصاد البرازيلي نمواً ملحوظاً خلال السنوات الـ10 الأخيرة، وبالتالي ازداد عدد السيارات، وارتفعت ملكيتها بأكثر من الضعف خلال تلك الفترة، لكن العدد الكبير من السيارات يعني ازدحام الطرق وتكدس المرور، ما دفع تاليس جوميز، أحد رواد الأعمال الشباب، إلى ابتكار تطبيق «إيزي تاكسي» الذي حقق نجاحاً ملموساً في البرازيل، كما وصل إلى 30 دولة حول العالم.

ويعتمد تطبيق «إيزي تاكسي» Easy Taxi للهواتف الذكية، المتوافر لأنظمة تشغيل مختلفة منها «آي أو إس» و«أندرويد» و«ويندوز فون»، على مساعدة الأشخاص الراغبين في الحصول على سيارة أجرة بسرعة وأمان، وفي الوقت نفسه توفير متعاملين لسيارات الأجرة.

وبحسب ما تناول تقرير لموقع «بي بي سي»، فإن شركة «إيزي تاكسي» لا تعد المشروع الأول لـ«جوميز»؛ فقد بدأ شركته الأولى في عمر الـ14، وفي تلك الفترة شارك مع أصدقائه في فرقة موسيقية، ورغبوا في شراء مجموعة من الطبل، وبسبب افتقارهم إلى المال اللازم، اقترح «جوميز» البدء في مشروع تجاري.

ومثّل هذا الاقتراح تحدياً في ظل عدم توافر ما يكفي من المال لبدء أي مشروع، حتى توصل «جوميز» إلى فكرة استفاد فيها من اهتمام سكان مدينة «ميناس جيرايس»، حيث كان يعيش، بالهواتف الذكية المزودة بالكاميرات، في وقت لم تتوافر فيه متاجر لبيع الهواتف.

وعند ذلك لجأ الفتى «جوميز» إلى طبع معلومات عن الهواتف الذكية من شبكة الإنترنت، ومن ثم عرضها على أفراد العائلة والأصدقاء، وحين موافقة أحدهم على الهاتف، كان «جوميز» يشتريه عبر الإنترنت، وهكذا بدأ شركته الأولى من دون أي تكاليف للتشغيل.

وحين بلغ جوميز الـ23 من عمره، كان قد خاض مزيداً من المشروعات، كما ترك الجامعة وعمل في مجال التسويق مع شركات معروفة منها «يونيليفر». وخلال مشاركته في إحدى مسابقات المشروعات الناشئة في مدينة ريو دي جانيرو، سعى للتوصل إلى فكرة مشروع، ورأى في البداية تطوير تطبيق يُوفر مواقع وتوقيتات الحافلات المحلية في الوقت الحقيقي.

لكنه عدل عن الفكرة، بعدما أخبره البعض أن شركة «غوغل» الأميركية تعمل فعلياً على تطويرها، وخلال عودته إلى المنزل، أخفق في العثور على سيارة أجرة، كما أثبتت فكرة الاتصال بشركة لسيارات الأجرة فشلها، ومدفوعاً بهذا الموقف وصل جوميز إلى فكرة «إيزي تاكسي» التي تجمع بين سائقي سيارات الأجرة الراغبين في العمل، والأشخاص الراغبين في إيجاد سيارة، وقدم تطبيق «إيزي تاكسي» وفاز في المسابقة.

وأشار «جوميز» إلى الفائدة المجتمعية لشركته، التي تأسست في عام 2011 وتتخذ من مدينة «ساو باولو» البرازيلية مقراً لها، وقال: «أردت أن أفعل شيئاً للمجتمع، أطلقت ثلاث شركات قبل (إيزي تاكسي)، لكنها كانت لكسب المال. قررت أن أفعل شياً لحل مشكلة حقيقية».

ويتيح تطبيق «إيزي تاكسي» للمستخدمين عبر بضع لمسات على شاشات هواتفهم الذكية، التواصل مع سيارات الأجرة، وتحديد مكانها، والوسيلة التي يرغب المستخدمون في استخدامها في دفع المال. وفي المقابل يستلم السائقون الموجودون في منطقة قريبة رسالة، ويمكنهم قبول المهمة، والوصول مباشرةً إلى مكان العميل في غضون دقائق.

ويُوفر «إيزي تاكسي» نوعاً من الأمان للسائقين والركاب؛ فمن ناحية يطلع السائق مُسبقاً على معلومات حول الركاب المسجلين، ومن ناحية أخرى يرى الراكب صورة السائق، ومعلومات منها رقم هاتفه المحمول، وطراز السيارة، وتفاصيلها المسجلة.

ولفت «جوميز» إلى هذا الجانب في إشارة إلى سمعة البرازيل في ما يتعلق بالعنف، ما يجعل من غير الآمن قبول سائق سيارة الأجرة توصيل شخص يقف على الطريق، والأمر نفسه بالنسبة للركاب، وهو الوضع الذي يختلف مع «إيزي تاكسي»، نظراً إلى تسجيل كلٍ من الركاب والسيارات في التطبيق.

وعلى الرغم من الفكرة البسيطة للتطبيق، إلا أن الأمر لم يكن كذلك في البداية؛ إذ واجه «جوميز» أولاً مسالة إقناع سائقي سيارات الأجرة بالتسجيل، فضلاً عن تشجيع العديد منهم على شراء هواتف ذكية للمشاركة في الخدمة، ومع بداية «إيزي تاكسي» عام 2011، كانت الهواتف الذكية في البرازيل حكراً على الأثرياء فقط.

واعتمد «جوميز» في مساعيه لإقناع السائقين على توطيد علاقاته معهم بقضاء الوقت في مواقف سيارات الأجرة، والمشاركة في لعب كرة القدم. لكن توسع «إيزي تاكسي» أضاف تحديات جديدة، منها مواجهة المنتجات المنافسة التي ظهرت خلال السنوات القليلة الماضية. وتضمنت التحديات الجديدة الحاجة إلى تغيير نموذج العمل الذي تتبعه شركة «إيزي تاكسي» في البرازيل؛ ففي البداية كانت تحصل على رسوم من السائقين نظير كل راكب يوصلونه عبر الخدمة، لكن ظهور منافسين جدد قدموا ذلك مجاناً، دفع «إيزي تاكسي» للتخلي عن الرسوم، والبحث عن سبل أخرى للربح مثل توفير الدفع عبر المحمول في سيارات الأجرة، وإنشاء حسابات للشركات، ما يُسهِل عليها إدارة سيارة الأجرة.

ووصل عدد السائقين المسجلين في «إيزي تاكسي» في البرازيل إلى 50 ألف سائق، و3.5 ملايين مستخدم، وصل التطبيق إلى 30 بلداً منها الأرجنتين، والإكوادور، وتايلاند، وتايوان، وماليزيا، وغانا، ونيجيريا، والسعودية، ومصر، وباكستان، والهند والمكسيك. وبلغ عدد السائقين المُسجلين في «إيزي تاكسي» على مستوى العالم 155 ألف سائق، إضافة إلى سبعة ملايين مستخدم.

وما أسهم في النمو السريع لشركة «إيزي تاكسي» الدعم الذي حصلت عليه من مستثمرين مثل «روكيت إنترنت» حاضنة الإنترنت في ألمانيا، فضلاً عن نجاح تاليس جوميز في تأهيل شركته وتكييفها مع التغيرات الناتجة عن التوسع في بلدان مختلفة، وانضمام موظفين من خلفيات متنوعة وصل عددهم حالياً إلى 1300 موظف.

وفي ذلك، أشار جوميز إلى اختلاف الحال مع عملهم في آسيا، فتحظى الألقاب والمسميات فيها بأهمية خاصة، وقال: «كان علينا القول إذا وفيت بهذا وذاك، فستصبح مديراً إقليمياً»، وأضاف أن الوضع يختلف الأمر تماماً في أميركا اللاتينية، وتحتل العلاقات الأهمية الأكبر، فمن المهم أن يصل إلى الناس الشعور بالصداقة، بينما الشرق الأوسط أكثر انغلاقاً، وهو ما يتطلب احترام الناس عند الحديث معهم، بحسب ما قال.

وسبق أن أطلق جوميز ثلاث شركات قبل «إيزي تاكسي»، إحداها تخصصت في الإعلام الاجتماعي وفشلت، لكنه تعلم الكثير من تلك التجربة. وقال جوميز: «يُمكن أن تمتلك منتجاً رائعاً، لكن إذا لم يكن الوقت ملائماً لإطلاقه فستفشل».

وأكد جوميز أهمية التوقيت، ففي حال إطلاق المنتج مبكراً جداً لن يستخدمه أحد، أما التأخر في إطلاقه فيعني مواجهة الكثير من المنافسين، وبالتالي الفشل مرة أخرى. لكن شبح الفشل بعيد عن ذهن جوميز حالياً الذي يُركز على تنمية «إيزي تاكسي»، وإطلاق فكرته المُقبلة.

 

تويتر