المنافسة بين «غوغل» و«أبل» تنتقل من الهواتف الذكية إلى الأجهزة المتصلة بالإنترنت

سهولة الاستخدام والأمن والخصوصية من ضرورات نجاح المنازل الذكية

صورة

يتسابق المصنّعون على إضافة الاتصال بالإنترنت إلى الأجهزة المنزلية، وتكثر الوعود بمستقبل قريب تنتشر فيه المنازل الذكية التي تتواصل أجهزتها معاً وتتعلم نمط حياة سكان المنزل لتتوافق وفق احتياجاتهم، كما تتيح للمستخدمين التحكم فيها عن بعد عبر الإنترنت، إلا أن الواقع أن الأجهزة الذكية ينقصها الكثير لبلوغ حلم «المنزل الذكي»، خصوصاً في ما يخص توفير سهولة الاستخدام، والأمن في مواجهة القرصنة.

وحالياً تتحول المعركة بين شركتي «أبل» و«غوغل» شيئاً فشيئاً من الهواتف الذكية إلى الأجهزة المتصلة بالإنترنت، وتتنافس كلتاهما على توفير بنية أساسية لربط الأجهزة والمرافق المنزلية ومعدات الترفيه. وكانت «أبل» أعلنت خلال مؤتمرها السنوي للمطورين في يونيو الماضي عن إطار برمجي جديد باسم «هوم كيت» HomeKit يربط منتجاتها مع الأجهزة المنزلية.

وتسير في الاتجاه نفسه شركة «نست» التي تُوفر أجهزة لضبط درجات الحرارة «ترموستات» وللإنذار من الحريق، واستحوذت عليها «غوغل» في يناير الماضي في صفقة بقيمة 3.2 مليارات دولار، وأطلقت «نست» أخيراً برنامج «ووركس وِز نست» Works with Nest الذي يُتيح للمطورين بناء تطبيقات لمنتجاتها، وكذلك للعديد من منتجات الشركات الأخرى.

وتكشف نظرة أولية على الأفكار الأولى في موقع «ووركس وِز نست» مدى الترابط الذي نتجه إليه مستقبلاً من خلال سيارات ذكية تتواصل مع أجهزة ضبط درجات الحرارة لتخبرها بميعاد وصول سكان المنزل، ومصابيح تُومض باللون الأحمر عند استشعار جهاز «نست» لروائح الدخان أو أول أكسيد الكربون.

ومع الوعود المستقبلية بأجهزة متصلة معاً وبشبكة الإنترنت، وهو ما بدأ بالفعل جزئياً بتوافر أجهزة الكمبيوتر المكتبية والمحمولة والهواتف والتلفزيونات الذكية وأجهزة البث، إلا أن ذلك لا ينفي المشكلة الكامنة في كيفية عمل هذه الأجهزة معاً بشكلٍ صحيح.

وفي الواقع تتطلب رؤى «غوغل» و«أبل» ما هو أكثر من الأطر البرمجية ومؤتمرات المطورين ليكون بمقدورها حقاً إحداث تحولات حقيقية في هذا المجال، ومن ذلك ما تفتقده حتى الآن من مستويات الموثوقية والأمن وسهولة الاستخدام، ومن دون ذلك ربما تكون الأجهزة المتصلة محبطة وربما خطرة أيضاً.

ومن بين العوامل الأساسية في الوصول للمنزل الذكي إتاحة الاتصال اللاسلكي بالإنترنت (واي فاي)، الذي يتوافر حالياً لدى أكثر من 61% من المنازل الأميركية، إلا أن العديد من المنازل تُعاني نقص التغطية.

وبالمثل، يتطلب الأمر تحسين خدمات إنترنت النطاق العريض لتصبح بموثوقية شبكات الطاقة الكهربائية حالياً، فمثلاً من المهم أن يُصبح «مودم الكابل»، الذي يُستخدم لتوفير إنترنت الكابل، أسهل كثيراً مما هو عليه حالياً من ناحيتيّ التركيب والصيانة.

ويُضاف إلى الأسس اللازمة لعمل المنزل الذكي على نحوٍ جيد توفير نظم مُحسنة لتصويب الأخطاء؛ فحالياً غالباً ما يلجأ المستخدمون عند تعطل الإنترنت إلى إعادة تشغيل «المودم» أو الكمبيوتر المحمول أو التلفزيون الذكي أو الثلاثة جميعاً، في حين أنه أحياناً ما تكون المشكلة خارجية ولا تتعلق بالأجهزة نفسها. وفي سبيل اعتبار هذه الأجهزة ذكية فعلاً، يتوجب تطويرها لتتمكن من تقييم العطل، ومن ثم المساعدة في إصلاحه.

كما يُمثل ربط الأجهزة بشبكة «واي فاي» تحدياً إضافياً؛ نظراً لحاجة الأجهزة إلى معلومات مصادقة، مثل اسم مستخدم وكلمة مرور في «غوغل» أو «أبل»، وبالتالي إعادة ضبط الأجهزة عند تغيير كلمة المرور مثلاً، وإلا ستتوقف عن العمل.

وفي حين قد يكون أسلوب ربط الأجهزة الذكية بالحسابات الشخصية قراراً سهلاً اليوم، إلا أنه يصعب مواصلة الاعتماد عليه مع زيادة عدد الأجهزة المنزلية المتصلة التي تهم مختلف أفراد الأسرة، ومثلاً سيكون على الأسر الاختيار بين ربط غسالة الأطباق بالحساب الشخصي للوالد أو الوالدة.

وبدلاً من ذلك، فمن الأفضل أن يكون لكل منزل هويته الخاصة مع إتاحة مستويات مختلفة من الوصول استناداً إلى تفاوت احتياجات أفراد الأسرة، وهو ما يحمل أهمية خاصة بالنظر إلى تنوع الترتيبات الرسمية وغير الرسمية التي يحتاجها المنزل، مثل وجود جليسات للأطفال وعمال النظافة والصيانة، وبالتالي ينبغي توفير طريقة تتيح لهؤلاء الأشخاص الاتصال بالأجهزة المنزلية الذكية دون إطلاعهم على اسم المستخدم وكلمة المرور، مع تمكين أفراد الأسرة من مراجعة ما اتخذوه من إجراءات بعد انتهاء مهمتهم. وفي الوقت نفسه يجب أن تكون مثل هذه المراجعات والتفويضات يسيرة الضبط والاستخدام دون أن تستلزم قراءة دليل إرشادي أو مشاهدة فيديو للشرح.

وبجانب مسألة سهولة الاستخدام، يُمثل الجانب المتعلق بالأمن أولوية أخرى، خصوصاً مع اعتبار المنزل الذكي هدفاً جذاباً للقراصنة والبرمجيات الخبيثة، وحتى إذا نجحت الأجهزة نفسها في صد المهاجمين، فتشمل نقاط الضعف الممكنة البرمجيات الخبيثة التي تجتاح الحواسيب والهواتف المحمولة، ما يعني أن الأجهزة الذكية تنتظرها هجمات متنوعة بطرق لا يمكننا توقعها حالياً.

كما قد تُسفر الحوادث البسيطة في تسريب البيانات عن مشكلات كبيرة في حال تمكن المهاجمون من جمع البيانات وتحليلها بطريقة منظمة، إذ ربما يتمكن اللصوص من تحديد الأوقات التي لا يوجد فيها أحد الأشخاص في منزله، وقد يخترق المتلصصون كاميرات المراقبة المنزلية.

وبالتزامن مع الجهود الحثيثة لكلٍ من «أبل» و«غوغل» للاتجاه نحو مجال الأجهزة المنزلية المتصلة بالإنترنت، تُشكل مسألة التوافق بين هذه الأجهزة سبباً إضافياً للقلق.

وفي ما يتعلق بمطوري تطبيقات الطرف الثالث، فيحاولون البقاء بمأمن عن المنافسة المستعرة بين الطرفين بتقديم تطبيقات تعمل على نظاميّ «آي أو إس» و«أندرويد»، أو يمكن التحكم فيها من خلال واجهة على الإنترنت. وفي حين يُمكن أن تُجدي هذه الاستراتيجية في ما يتعلق بالمصابيح المنزلية، فإنها تصبح أصعب كثيراً بالنسبة لمُصنعي الأجهزة الأكبر، وإذا ما اختارت إحدى الشركات نظاماً دون الآخر، سيتعسر على المستهلكين التحول من أجهزة تدعمها «أبل» إلى أخرى تتمتع بدعم «غوغل».

وعموماً ففي ما يتعلق بالمنازل الذكية مستقبلاً، فإنه يبدو من غير المرجح وجود فائز يُهيمن على معظم السوق قريباً، ما يعني توافر قدر أقل من المرونة للمستخدمين. ويُشير ذلك كله إلى حاجة الشركات المُصنعة لتوجيه قدر أكبر من التركيز على الأمن والخصوصية وسهولة الاستخدام؛ لتكسب قبول المستخدمين وثقتهم.

دبي ـــ الإمارات اليوم

تويتر