تواجه صعوبات الحصول على موافقات رسمية وشروط السلامة وتهديدها للخصوصية

طائرات من دون طيار و«روبوتات» ترسم مستقبل توصيل الطلبات

مؤسس «أمازون» يتوقع مشاهدة طائرات التوصيل، مثل رؤية شاحنات البريد على الطريق يومياً. المصدر: «أمازون»

كشف مؤسس شركة «أمازون» للبيع عبر الإنترنت ورئيسها التنفيذي، جيف بيزوس، في مطلع ديسمبر الجاري، عن نية شركته استخدام طائرات من دون طيار، لتوصيل الطلبات إلى المنازل في الولايات المتحدة في غضون 30 دقيقة من طلبها.

وراوحت ردود الأفعال حول خطة «أمازون»، بين من رأى فيها نوعاً من الخيال العلمي الهادف للدعاية للشركة، ومن رأى في تنفيذها خطراً وشيكاً، لتأثيراته المحتملة في الأمن والخصوصية، وبين من عدّد التحديات، التي تحول دون استخدام طائرات من دون طيار أو «درون» في التوصيل.

وأياً كان مصير فكرة «أمازون»، فإنه يمكن اعتبارها علامة على تحول جديد في مجال توصيل الطلبات، إذ قبل عقود عدة، كان من المعتاد الانتظار أياماً وأسابيع حتى تصل البضائع المطلوبة، وهو ما تغير في ما بعد خصوصاً في بعض الدول؛ فيتوقع المستهلكون وصول وجبات الطعام خلال نصف ساعة من طلبها، بينما يتطلب توصيل الكتب والملابس وغيرها فترة أطول، تبدأ من 24 ساعة وحتى فترة تراوح بين يومين وخمسة أيام عمل.

ويبدو أن هذا النظام سيتغير بفضل التجارة الإلكترونية، التي غيرت أسلوب التسوق، ورفعت سقف توقعات المشترين؛ فما يطلبونه خلال ثوانٍ معدودة عبر هواتفهم الذكية، يرغبون أن يصلهم خلال دقائق فقط، لذلك يتوقع كثيرون أن تعيد التقنيات الحديثة صياغة مجال الشحن، كما فعلت مع العديد من المجالات الأخرى.

ويرتبط التحول المرتقب بنمو التجارة الإلكترونية؛ فوفقاً لشركة «إي ماركتر» المتخصصة في أبحاث السوق، حققت مبيعات التجارة الإلكترونية تريليون دولار خلال عام 2012، ومن المتوقع أن تواصل صعودها حتى عام 2016 على الأقل، ما يدفع خبراء لتوقع تغيرات كبيرة في أعمال الشحن والتوصيل تتجاوز الأساليب التقليدية.

وفضلاً عن فكرة «أمازون»، أشارت تقارير إلى سعي شركة الطرود المتحدة الأميركية (يو بي إس)، إلى استخدام طائرات من دون طيار لتوصيل الطلبات، وتنقل الشركة التي يعود تاريخها إلى عام 1907، ما يزيد على أربعة مليارات طرد سنوياً، ويُضاف إلى ذلك تجارب «غوغل» للسيارات ذاتية القيادة.

وسبق أن اختبرت شركة «ماترنت» الناشئة استخدام طائرات من دون طيار، لتوصيل إمدادات الإغاثة لمخيمات اللاجئين في هايتي عام 2012، وتطمح الشركة، التي تتخذ من ولاية كاليفورنيا مقراً لها، إلى تطوير عملها ليضم محطات لإعادة شحن الطائرات للرحلات طويلة المدى، وإمكانية استخدامها لنقل الأدوية للمناطق النائية في البلدان النامية، إضافة إلى خطط مشابهة لشركات أخرى في أستراليا والصين.

ويتجاوز بعض الحالمين بالتطور استخدام الطائرات إلى «الروبوتات»، والسيارات ذاتية القيادة، على غرار سيارة «غوغل»، إذ يرى عضو مركز أبحاث النقل في جامعة «ستانفورد» الأميركية، بريانت ووكر سميث، أنه مع زيادة اعتماد المدن على «الأتمتة»، فستنشأ الحاجة إلى أنظمة توصيل شبيهة بعربات التوصيل الصغيرة، يمكنها توصيل ما يريده المشتري لأي مكان يختاره.

وأضاف بحسب ما نقل عنه تقرير لصحيفة «ذا نيويورك تايمز» الأميركية أنه «بدلاً من الذهاب إلى المتجر لشراء بعض اللبن، فإنه يمكن لـ(روبوت) أو طائرة من دون طيار أن تذهب إلى المستودع، لإحضاره وتوصيله إليك»، وأوضح أن «مثل هذه العربات ستتوافر بمختلف الأشكال والأحجام؛ إذ يمكن أن يسير بعضها في الطرق الضيقة لتجنب ازدحام المرور، وأن تتضمن ثلاجات لحفظ الطعام».

من جانبه، اعتبر المتخصص في الدراسات المستقبلية ومستشار فريق «غوغل»، المسؤول عن تصميم السيارة من دون سائق، براد تمبلتون، أن السيارات ذاتية القيادة خيار أسرع وأرخص كلفة لتوصيل الطلبات، مقارنة مع أنظمة التوصيل الحالية المرهقة وباهظة الكلفة بالنسبة للمتسوقين عبر الإنترنت، ويمكنها أن تنال نجاحاً لدى العديد من شركات التوصيل والشحن.

لكن الطريق نحو تطوير مجال التوصيل لا يبدو ممهداً، إذ ترفض إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية (إف إيه إيه) إلى الآن منح تصريحات لاستخدام طائرات من دون طيار لأغراض مدنية، وإن كان من المتوقع أن تمنح ترخيصات بذلك بحلول عام 2015.

ويتخوف البعض من فكرة وجود أسراب من طائرات من دون طيار، أو «أوكتوكوبتزر» كما تسميها «أمازون»، تحلق في أجواء المدن، لاسيما مع تزويدها بكاميرات تمثل تهديداً إضافياً للخصوصية، كما تنتظر الفكرة عقبات خاصة بتحقيق السلامة، وضمان ألا تصدم أثناء هبوطها طفلاً أو حيواناً، وأن تتلاءم مع الظروف الجوية المختلفة، إضافة إلى أسئلة حول كيفية توصيل الطلبات للمقيمين في شقق سكنية، والمسؤولية القانونية والمادية، في حال أسقط أحد الأشخاص طائرة، وكيف سيتم تعويض المشتري، أو إرجاع ما دفعه.

يُضاف إلى ذلك أن خدمة «برايم إير» من «أمازون»، لاستخدام طائرات من دون طيار للتوصيل، تتيح نقل الطرود التي يصل وزنها إلى خمسة أرطال (ما يعادل 2.3 كيلوغرام)، ما يعني أنها لا تُناسب جزءاً كبيراً من عمليات الشراء عبر الإنترنت.

إلا أنه ربما يمكن تجاوز هذه العقبة من الناحية التقنية، إذ يعمل الباحث المتخصص في تطوير طائرات من دون طيار، هال بينيت، على تطوير طائرات مُزودة بمحركات نفاثة بدلاً من الكهربائية، وقال إن بمقدورها حمل طرود يصل وزنها إلى نحو 22 أو 45 كيلوغراماً، كما يمكنها التحليق بارتفاع 45 ألف قدم، وبسرعة تصل إلى نحو 402 كيلومتر في الساعة.

وربما يعتبر البعض الفكرة برمتها نوعاً من الخيال العلمي، لكن الواقع أنه قد يحدث خلال سنوات قليلة أن تطير أسراب من طائرات من دون طيار، لنقل الأطعمة السريعة والبضائع، وعلى الأقل هذا ما يراه «جيف بيزوس»، عندما يقول: «يوماً ما، سيكون من المعتاد مشاهدة طائرات (برايم إير)، مثل رؤية شاحنات البريد على الطريق يومياً».

تويتر