محركات كهربائية خفية تهدّد بإفساد اللعبة

«منشطات آلية».. وافد جديد على عالم «الدرّاجات الهوائية»

صورة

شهد تاريخ الدرّاجات الهوائية على سقوط الكثير من النجوم التاريخيين للعبة بسبب المنشطات، لعل أبرزهم على الاطلاق، الشهير ارمسترونغ، إلا أنه في الفترة الأخيرة ليس تنشطاً كيميائياً، بل تكنولوجياً فائقاً.

واللافت في الأمر أن رئيس الاتحاد الدولي للدراجات البريطاني مايكل براين كوكسون، كشف العام الماضي ان «عائلة اللعبة تواجه عدواً خفياً». وكان يعني في ذلك محركات كهربائية دقيقة تجهز بها دراجات، ما يمنح متسابقين أفضلية ومساعدة غير مرئية.

وقد شهدت بطولة العالم لاختراق الضاحية (سيكلو كروس) في زولدر (بلجيكا) اخيراً انسحاب بطلة اوروبا للشابات البلجيكية فيمكه فان دن دريسشه (19 سنة)، واتضح لاحقاً انها كانت تخوض سباقاً على دراجة مزودة بمحرك كهربائي. وهي تقنية معقدة قليلاً تولد قوة قوامها ما بين 10 و20 واطاً، فتحدث فارقاً كبيراً بالنسبة للمحترفين.

ابتكار مجري

ابتكر المحرك الكهربائي الخفي المهندس المجري شتيفان فارغاش عام 1998، مطلقاً «درّاجة هوائية» تصل سرعتها بفضل هذه التقنية إلى 80 كلم في الساعة. ويعتقد على نطاق واسع أن المحرك نفسه تقريباً يستخدم من قبل الكثير من نجوم اللعبة. ومن الخطوات المتوقع أن يعتمدها الاتحاد الدولي لضبط الوضع، استخدام اجهزة تصوير طبقي «سكانر» لكشف التحايل. وكان اختبر هذا الإجراء لدى انطلاق دورة فرنسا من مدينة روتردام الهولندية عام 2010. كما اجرى فحصاً دقيقاً كاملاً على درّاجات في سباق ميلانو - سان ريمو الإيطالي عام 2014.

وقبل نحو ستة أعوام اثيرت شكوك عدة حول انجازات محققة، منها ناجم عن فوز السويسري فابيان كونسيلارا في «تور دي فيلاندر»، والبلجيكي طوم بونن في غرامون، بفضل «سبرنت» غير مألوف.

فكان جائزاً ان يتساءل كثر عن استخدام دراجات «ملغومة» بمحرك خفي. ولم يسلم من هذه «الهجمات والتصويبات» البريطانيون الفائزون في دورة لندن الأولمبية عام 2012، ومواطنهم كريس فروم والاسباني البرتو كونتادور، اللذان تميزا في مراحل جبلية خلال دورتي فرنسا وإيطاليا.

وكانت همسات وشكوك حول تقنيات لا يمكن ضبطها أو كشفها، علماً ان فروم نفسه (بطل دورة فرنسا مرتين) حذر اخيراً من امكان وجود وسائل غش آلية، مطالباً بتكثيف الكشف عن الدراجات لضبط المخالفين. وفي حين تجزم دن دريسشه انها بريئة، وقد استخدمت خطأ دراجة شبيهة بدراجتها يبدو أنها «ملغومة آليا»، يؤكد فروم انه سمع احاديث عن وجود وسائل غش آلية، وإنه نقل ما سمعه الى الاتحاد الدولي للدراجات، ناصحاً ان يطبق «الاتحاد» المعنيون معايير للانضباط واجراءات للبدء في الكشف عن الدراجات في شكل أكثر انتظاماً. وضبط المتسابقة الشابة لا يعني اكتشافاً جديداً وفق خبراء، لأن المحرك «موضوع التهمة» متداول استخدامه منذ سنوات ومتوافر بأسعار متهاودة (نحو 4000 آلاف يورو). حتى إن دراجات مزودة به وتستخدم في رحلات الترفيه والنزهات والرياضة العادية اليومية.

غير أن سابقة دن دريسشه اظهرت امكانية استخدام هذه التقنية في السباقات والمنافسات وبصورة خفية، علماً ان مجرد معاينة أي دراجة من ناحية الوزن على الأقل، تكشف التلاعب في حال وجوده، باعتبار أن الاتحاد الدولي يسمح بـ8 .6 كلغ كوزن اقصى لدراجات السباقات. وبالتالي، فإن «اخفاء آثار أي تلاعب تكنولوجي وآلي» يتطلب تقنيات متقدمة للتضليل وعدم الشك بتخطي الوزن المسموح به. ما يعني ان منظومة هذا العمل تتخطى الدرّاجين الى ميكانيكيي الفرق.

ويؤمل أن تفضي تحقيقات الاتحاد الدولي والشرطة البلجيكية الى كشف اسرار قريباً. فليست دن دريسشه هي «المجرمة المطلقة» وبطلة القضية من دون منازع، فقد وقعت في مصيدة جرتها الى هذا المصير، واطاحت بآمالها ومستقبلها الرياضي ربما. ما سيفرض اعتماد سياسة مختلفة تضيف الى اجراءات كشف المنشطات تدقيقاً تقنياً صارماً، ما يحتم رصد موازنات لهذه الغاية باتت أولوية، وسترهق كاهل كثيرين.

ووعد الاتحاد الدولي للدراجات بالتعامل مع هذه المستجدات «المزعجة» بمنتهى الجدية وزيادة وتيرة الفحوص الخاصة بوسائل الغش الآلية، لا سيما على أبواب دورة ريو دي جانيرو الأولمبية.

وأوضحت مصادر أن ضبط دراجة المتسابقة دن دريسشه تم «على الطريقة البوليسية»، بعد ورود معلومات من مصدر التصنيع والتجهيز وعملية رصد واستقصاء ومتابعة ومطاردة.

تويتر