«الجندي المجهول» منح إيطاليا الجمالية والإبداع وقهــر الإنجليز

بيرلو.. قائد صامت يتـــحدّث بقدميه

بيرلو يسدد ركلة ناجحة بكل برود أعصاب على طريقة «بانينكا». أ.ب

أثبت اندريا بيرلو مجددا أن انتقاله من ميلان الى يوفنتوس قد افاده كثيرا، لأنه استعاد الحياة مجددا، وقد ترجم هذا الامر بقيادة «السيدة العجوز» إلى لقب الدوري الايطالي للمرة الاولى منذ ،2003 ثم بقيادة منتخب بلاده الى الدور نصف النهائي لكأس اوروبا للمرة الاولى منذ عام .2000

بالامكان القول إن بيرلو لم يأخذ حقه على الاطلاق من ناحية التسليط على اهمية الدور الذي لعبه مع ميلان، منذ 2001 حتى ،2011 لأن الاضواء كانت دائما مسلطة على لاعبي الاموال الطائلة وآخرهم البرازيلي كاكا، أو السويدي زلاتان ابراهيموفيتش.

«بيرلو قائد صامت، انه يتحدث بقدميه»، هذا ما قاله مدرب ايطاليا السابق مارتشيلو ليبي عن بيرلو الذي قدم، أول من أمس، أمام انجلترا في الدور ربع النهائي من كأس اوروبا مباراة رائعة اظهر من خلالها انه ورغم تقدمه بالعمر (33 عاما)، لايزال القلب النابض والعقل المفكر في أي فريق يلعب فيه، وقد توج جهوده المميزة بالركلة الترجيجية التي نفذها على طريقة «بانينكا».

هيمنت ايطاليا، أول من أمس بشكل تام، على مباراتها مع الانجليز وذلك بفضل تحركات وتمريرات ودهاء بيرلو، اذ نجح نجم يوفنتوس الجديد في 117 تمريرة امام «الاسود الثلاثة» من اصل 815 تمريرة ناجحة لمنتخب بلاده، فيما اكتفى منتخب المدرب روي هودجسون بـ320 تمريرة ناجحة وهذا الامر يظهر مدى الهيمنة الايطالية، وهو امر لم يعتد عليه «الآزوري» في السابق لكن المدرب تشيزاري برانديلي اراد في البطولة القارية ان يكسر التقليد، وأن يقدم فريقه اداء هجوميا يكون بيرلو ركيزته الاساسية.

الارقام التي حققها بيرلو في مباراة الامس مذهلة، حتى إن لم تتمكن ايطاليا من ترجمة افضليتها المطلقة الى اهداف خلال الدقائق الـ،120 اذ مرر لاعب يوفنتوس 31 تمريرة ناجحة في الربع الهجومي الاخير، كما كان خلف 19 فرصة تسجيل لمنتخب بلاده في المنطقة الانجليزية.

لم يكن هناك أي شك حول هوية اللاعب الذي يستحق جائزة افضل لاعب في مباراة الامس، وقد انصفه الحظ من خلال فوز بلاده بالمباراة عبر ركلات الترجيح، إذ قال: «أنا سعيد جدا لحصولي على هذه الجائزة، لكن الامر الاهم هو اننا في نصف النهائي، نستحق هذا الامر»، هذا ما قاله بيرلو بعد تسلمه جائزة افضل لاعب في المباراة.

وعن الركلة الترجيحية، التي نفذها أول من أمس ببرودة أعصاب على طريقة التشيكوسلوفاكي انتونين بانينكا، في مرمى المانيا الغربية خلال نهائي كأس أوروبا ،1976 رغم انه كان تحت ضغط كبير، لأن ايطاليا اضاعت ركلتها الثانية عن طريق ريكاردو مونتوليفو، قال بيرلو: «جاءت وليدة اللحظة (لم يكن يفكر بتسديدها بهذه الطريقة)، رأيت حارس المرمى، كان يتحرك بشكل مبكر بعض الشيء، فقررت ان اسددها بهذا الاسلوب».

لقد انتقل بيرلو الى يوفنتوس من دون ان يكون لعامل المال اي دور، لأنه كان في نهاية عقده مع ميلان، وكل ما أراده لاعب بريشيا وانتر ميلان السابق، هو ان يحظى بفرصة انعاش مسيرته بعد «الملل» الذي اصابه في ميلان.

«إنها صفقة القرن»، هذا ما قاله حارس يوفنتوس وقائد المنتخب جانلويجي بوفون عن انضمام بيرلو إلى «السيدة العجوز»، بعد 10 اعوام امضاها في «سان سيرو»، وتوج خلالها بلقب الدوري المحلي مرتين، ولقب الكأس مرة واحدة، ومسابقة دوري ابطال اوروبا مرتين، وكأس السوبر الاوروبية مرتين، وكأس العالم للاندية مرة واحدة.

اما رئيس الاتحاد الاوروبي لكرة القدم الفرنسي ميشال بلاتيني، الذي تألق ايضا في صفوف يوفنتوس، فيقول عن بيرلو: «اذا كان بيرلو بخير، فكل شيء بخير»، اما الاسطورة الهولندية يوهان كرويف، فيقول عن النجم الايطالي: «يستطيع بيرلو ان يفعل ما يشاء، عندما تكون الكرة بحوزته، إنه ساحر».

وتحدث بيرلو عن السبب الذي دفعه إلى ترك ميلان، في حديث سابق لموقع الاتحاد الاوروبي، قائلا «انتهى عقدي مع الفريق، وكنت ابحث عن تحديات جديدة كالفوز بالالقاب مع ناد جديد، كان يتعين علي البحث عن فريق اخر، فبعد تسعة او 10 مواسم في صفوف ناد واحد، يمكن لأي لاعب ان يفقد الحافز، وألا يتمتمع بالرغبة ذاتها، كنت اريد ان اعيش تجربة جديدة».

وواصل بطل مونديال 2006 «منذ اللحظة التي وصلت فيها الى يوفنتوس، شعرت بهذه الرغبة في الفوز، بالوصول بسرعة الى القمة، المدرب والنادي واللاعبون يفكرون في الاتجاه ذاته، بفضل خبرتي الطويلة اعتقد أننا نملك جميع الاسلحة لكي ننجح».

وبالفعل تمكن بيرلو بفضل حنكته من قيادة يوفنتوس إلى لقب غاب عنه منذ عام ،2003 وهو أنهى الموسم أفضل ممرر للدوري بـ13 تمريرة حاسمة.

ويدين بيرلو بالمستوى الذي وصل اليه الى مدرب ميلان السابق كارلو انشيلوتي، الذي قرر ان بالامكان الاستفادة من قدرات هذا اللاعب بشكل افضل، من خلال وضعه امام المدافعين مباشرة عوضا ان يكون صانع الالعاب الموجود خلف المهاجمين.

وتحدث بيرلو عن هذه المسألة، قائلا: «أعتقد أني من أوائل اللاعبين الذين شغلوا هذا المركز على أرض الملعب، لست ادري ما اذا كنت من الرواد في هذا المجال، لكن ما هو اكيد ان هذا المركز يسمح لي بضبط ايقاع الفريق، وانسيابية اللعب، يجب الاعتراف بأني اشعر بالراحة في هذا المركز، صحيح انه في بداية مسيرتي، كان لدي ميل للرجوع الى الوراء من اجل الاستحواذ على الكرات، ربما لهذا السبب اشعر بالارتياح لشغل هذا المركز».

ويرد بيرلو على سؤال حول ما اذا كان هناك رابط بين شغله لهذا المركز المتأخر وشخصيته الوحداوية بعض الشيء، في حين ان الاضواء تسلط بشكل اكبر على اللاعب رقم ،10 قائلا لموقع الاتحاد الدولي: «أنا بكل بساطة انسان عادي، مجالي هو الملعب وغرف الملابس، اما الامور الاخرى فلا تجذب اهتمام الناس، انا محظوظ لأني امارس اكثر مهنة احبها في العالم، لكن في الوقت ذاته، انا ابقي قدمي على الارض بمساعدة اهلي وأصدقائي». لقد غير بيرلو بالفعل وجه الكرة الايطالية، ومنحها الجمالية والابداع، وتجلى ذلك بكل وضوح أمس على الملعب الاولمبي في كييف، إلا أن لاعب يوفنتوس لا يتخلى عن تواضعه، رغم كل ما يقدمه لأنه يرى ان ليس باستطاعة لاعب بمفرده ان يغير اسلوب لعب الفريق، مهما كان موهوبا، لأن الامر يتطلب مجهودا جماعيا.

تويتر