المرصد

أزمة عالمية تهدد حرية الصحافة

يعتبر العمل الصحافي من المهن الصعبة في أوقات السلم، ويزداد صعوبة وخطورة في زمن الحرب. وتذكر البيانات غير الرسمية تزايد عدد الضحايا في صفوف الصحافيين بسبب عملهم، حول العالم. وقد شهدت السنوات الأخيرة احتقاناً سياسياً وارتفاعاً في عدد الصراعات المسلحة، خصوصاً في منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي جعل عمل الصحافيين محفوفاً بالمخاطر.

وللسنة الثانية على التوالي، تصدرت تركيا والصين قائمة البلدان التي اعتقلت أكبر عدد من الإعلاميين بسبب عملهم.

ويتهم نشطاء وحقوقيون المجتمع الدولي بالفشل في التصدي لأزمة عالمية تهدد حرية الصحافة. وعوضاً عن عزل الدول التي تقمع الحريات، عمدت بلدان غربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى تمتين علاقاتها مع زعماء يمتلكون سلطات واسعة ومثيرة للجدل. وفي الوقت نفسه، أدى الخطاب المتطرف الذي تبناه الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وتركيزه المبالغ فيه على التطرف في العالم الإسلامي، واتهامه وسائل الإعلام المحلية بنشر الأخبار الزائفة، إلى تعزيز المزاعم واستخدام الوسائل القانونية في تلك العواصم لسجن الصحافيين.

ويواجه معظم الموقوفين حول العالم اتهامات بمناهضة الدولة، ويستند العديد من هذه الاتهامات إلى قوانين لمكافحة الإرهاب، في حين ارتفع عدد الصحافيين السجناء بتهمة نشر أخبار كاذبة إلى عدد قياسي. وقد أشارت تقارير منظمات غير حكومية إلى أن 2017 كان سيئاً للغاية بالنسبة للصحافيين، فيما أفادت التقارير بأن تراجع حرية الصحافة حول العالم وصل إلى مستوى غير مسبوق، ليقترب من نقطة كارثية.

إلا أن الدول الغربية تبدو مختلفة حول هذه النقطة الكارثية، ففي وقت وجهت فيه انتقادات لاذعة إلى أداء وسائل إعلامية بريطانية، بسبب تغطية منحازة لعملية خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بركسيت)، تشهد الولايات المتحدة معركة غير مسبوقة بين وسائل الإعلام، وإدارة الرئيس ترامب. وفي وقت لم يسجل فيه جديد، في ما يخص تردي حرية الصحافة، وتعرض الإعلاميين للسجن بسبب عملهم، في بلدان عربية وآسيوية، تلفت المنظمات الحقوقية إلى تراجع الحريات في بلدان رائدة بهذا المجال، مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وكندا ونيوزيلاندا. وتتهم هذه البلدان وغيرها بالتضييق على الصحافيين، في وقت تعم فيه أجواء المعلومات غير الموثوقة.

وفي هذه الأثناء، حذرت وسائل إعلامية غربية رائدة من ظهور مراكز اقتصادية جديدة، لا تدعم حرية التعبير بشكل كامل، ومن شأن ذلك أن يهدد حرية الإعلام في القرن الحادي والعشرين. وأشارت تلك الوسائل إلى أن عالم اليوم لا يعتبر حرية التعبير جزءاً أساسياً من التنمية الاقتصادية.

ويأتي ذلك، في وقت نشهد فيه صعود قوى اقتصادية في الشرق الأقصى، مثل الصين وفيتنام، التي ليست لها قيم لحرية التعبير، جنباً إلى جنب مع التنمية الاقتصادية. لذا يسود الاعتقاد أن هذه مشكلة حقيقية، لأنه إذا كان القرن الحادي والعشرون ينتمي إلى تلك الاقتصادات، فإن ذلك سيشكل خطراً على مستقبل العالم.

وتحاول الصين بسط نفوذها في إفريقيا ومنطقة الكاريبي، من خلال استثمارات شملت وسائل الإعلام المحلية، إلى جانب الإنفاق الهائل على تحسين البنية التحتية. واتضح أن الصينيين لا يهتمون فقط بالاستثمارات في البنية التحتية، لكن أيضاً بإنفاق المال على المشهد الإعلامي في تلك المناطق.

وقد تغيرت المعطيات منذ بداية القرن الحادي والعشرين، وعلى العاملين في المجال الإعلامي إدراك التحديات الجديدة والمتغيرات.

 

تويتر