المرصد

ترامب يغذي العنف على مواقع التواصل الاجتماعي

فيما أثنت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة، نيكي هالي، على خطوة الرئيس دونالد ترامب، والاعتراف الرسمي بالقدس عاصمة لإسرائيل، وبدء العمل من أجل نقل السفارة الأميركية إلى المدينة المقدسة، لم تكن تعلم أن غلياناً شعبياً ورفضاً شعبياً يتنامى بسرعة في بلدان عدة. لم يقتصر الأمر على العالم العربي والإسلامي، فقد عمت التظاهرات مدناً أوروبية يسكنها آلاف المهاجرين. المحرك وراء هذا الحراك الشعبي هو مواقع التواصل الاجتماعي، التي باتت تعج بالتنديد والغضب، وحتى الوعيد.

بعد الإعلان «الشجاع»، كما تصفه نيكي هالي، باتت الشبكة العنكبوتية ملغمة بالفعل، إذ كثرت الدعوات المناهضة للولايات المتحدة وإسرائيل، وقد تشهد الأيام المقبلة أحداثاً عدة. صحيح أن زخم التظاهرات قد تراجع، خصوصاً في العالم العربي، بسبب الظروف الاستثنائية التي يعيشها منذ أكثر من ست سنوات، لكن القضية الفلسطينية تبقى محور اهتمام الشعوب العربية، وهذا ما يؤكده التفاعل الكبير مع ما ينشر على «فيس بوك» و«تويتر»، وغيرهما من المواقع.

وفي أعقاب إعلان ترامب الأخير، وقراره الاعتراف بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، خلافاً لأسلافه الذين فضّلوا عدم فعل ذلك، حفاظاً على مصالح بلادهم ومواطنيهم، انتشرت نداءات على موقع «تويتر» تطالب بالتصدي لإسرائيل. وقد تم نشر هذا النداء على صفحة ترامب نفسه، وتضمنت التغريدات أيضاً شعارات مثل «الموت لأميركا». ومع أن القائمين على صفحة ترامب لم يزيلوا، بعد، الردود العنيفة من على صفحة الرئيس، فالموقع التفاعلي يتيح الإبلاغ عن التغريدات «المسيئة والمؤذية»، مع توضيح أسباب كونها كذلك.

في الواقع، لقد استبق ترامب الأحداث، فقبل نحو أسبوعين أعاد الرئيس الأميركي نشر مقاطع فيديو عبر «تويتر»، تظهر «عنف المسلمين». واتضح لاحقاً أن المقاطع قديمة، والتعليق عليها غير صحيح. الأمر الذي دفع بالكثير من السياسيين الأميركيين للمطالبة بسحب المقاطع الثلاثة، لأنها تعتبر «إساءة» للمسلمين. في غضون ذلك، حاول بعض المحافظين في الحزب الجمهوري تبرير ما قام به ترامب، بأن الأخير أراد «تسليط الضوء على إرهاب الإسلام الراديكالي»، لكن المقاطع منتهية الصلاحية لم تخدمه في هذه المهمة.

اعتراف أميركا «الأحادي منافٍ للقانون الدولي، وجرس إنذار أخير للمجتمع الدولي بأسره وللعرب والمسلمين بأن الوضع الملتهب بفلسطين يضع المنطقة بأسرها على حافة الانفجار». وزعم مسؤولون في البيت الأبيض أن قرار ترامب «اعتراف بواقع حالي وتاريخي»، وليس موقفاً سياسياً، وإنه لن يغير الحدود الفعلية أو السياسية للقدس.

بعد عام من توليه السلطة، يصر الرئيس الأميركي على «صب الزيت على النار» كلما كان ذلك ممكناً. وترامب لا يهتم كثيراً بما يقال في حقه داخل بلاده، وبالتالي فإن الانتقادات العربية أو الدولية، قد لا تكون ضمن مجال اهتمامه. ومهما يكن، فإن ترامب لم يقدر الأمر جيداً في ما يخص القدس، والتعبئة على مواقع التواصل ما هي إلا البداية. والاتجاه هذه الأيام واحد لا يقبل آخر: «القدس عربية»، وعلى ترامب أن يسحب اعترافه. وفي انتظار استدراك الأخير لخطئه، يبدو أن تحدياً أمنياً جديداً قد أضيف إلى المنطقة المثقلة بالمشكلات.

تويتر