المرصد

أساليب غريبة لجذب مشاهدي برامج التلفزة

تتزايد المنافسة بين محطات التلفزة العربية الخاصة، ما يدفعها إلى البحث عن سياسات إعلامية وبرامجية جديدة، تهدف إلى رفع ما يعرف مهنياً بـ«ريتنغ»، أي نسبة إقبال المشاهدين على كل برنامج، حيث يكون الهدف النهائي من كل هذه العملية، هو كسب أكبر جزء ممكن من السوق الإعلانية، في دولة معينة.

لكن السعي وراء كسب مزيد من الإعلانات، لا يتم في كل الأحيان عبر وسائل صحية مقبولة اجتماعياً وثقافياً، وحتى إنسانياً، إذ تلجأ بعض المحطات إلى أي طريقة ممكنة، لجذب المشاهدين إلى برامجها، مهما بلغت من الإسفاف. ويمكن أن نرى بعض البرامج التلفزيونية قد انحدرت إلى درك من الانحطاط الأخلاقي، الذي يجعل المرء يشعر بالخجل من مشاهدتها، خصوصاً بوجود الأطفال أمام الشاشة الصغيرة، التي من المفروض أن تكون مثقِفة وتعليمية وليست مفسدة للأخلاق، ومصدراً لتعليم الكبار قبل الصغار الكلمات البذيئة التي تخدش الحياء.

وهناك أسلوب آخر يتبعه أصحاب البرامج، الذين يستخدمون وسائل متطرفة وغريبة في تقديم برامجهم، بهدف لفت الانتباه وزيادة حجم المشاهدة والتميز على جميع البرامج الأخرى، التي تبث على محطات التلفزة العربية. وهنا لابد من التطرق إلى أحد هذه البرامج، إذ يلجأ مقدمه إلى الإساءة لضيوف برنامجه، والتعامل معهم بأسلوب المحقق الذي يستجوب لصاً حقيراً، وليس شخصاً محترماً، له عائلة وأصدقاء يشاهدون البرنامج. والأنكى من ذلك أن مقدم البرنامج يدخل الضيف إلى قفص حديدي ويغلقه بالمفتاح، مهدداً ضيفه بأنه تجب عليه الإجابة عن كل سؤال يطرحه عليه دون تردد أو اعتراض، لأنه في وضع المتهم، وليس أمامه سوى الإجابة. ولطالما قام مقدم البرنامج بزجر ضيوفه، لأنهم أبدوا بعض التذمر إزاء سؤال اعتبروه غير لائق.

وإضافة إلى كل هذه الجلافة في طرح الأسئلة على الضيوف، فإنه يطلب منهم في النهاية التحدث عما سيكتبون في وصيتهم عند الموت، وهو أمر يكره معظم الناس الحديث عنه، لكنه يلح على الضيف للحديث عن ذلك. والأغرب من كل ما سبق أننى شاهدت، أخيراً، في هذا البرنامج مشهداً يثير الذهول، إذ إن مقدمه جلب معه إلى الاستديو تابوتاً، ويطلب من ضيوفه النوم فيه، وهم يتحدثون عن آخرتهم. ولا أدري ما العبرة أو الهدف من إدخال شخص إلى تابوت وهو حي، خصوصاً عندما طلب من تلك العجوز التي بلغت أرذل العمر الدخول إلى التابوت والحديث عن موتها، فأصيبت المسكينة بالهلع، وأجهشت بالبكاء من ذلك الموقف، ومقدم البرنامج غير مكترث.

وسيبقى السؤال الكبير، الذي يطرحه كل من يشاهد هذا النوع من البرامج: هل بلغنا حالة يائسة من التردي والإفلاس، كي نلجأ إلى هذه الأساليب لجذب المشاهدين إلى البرامج التلفزيونية وحصد المزيد من الشعبية، ألم يعد لدينا أي أساليب تنطوي على الابتكار والإبهار، دون اللجوء إلى الإسفاف؟

تويتر