رافق مانديلا في السجن وأمضى فيه 20 عاماً

غولدبيرغ يكافح لإقامة مركز الفنون «بيت الأمل»

صورة

دينيس غولدبيرغ أحد أبطال النضال ضد نظام الفصل العنصري «الأبارتايد» في جنوب إفريقيا، وقد دخل السجن مع الزعيم الافريقي الراحل نيلسون مانديلا. وقبل نصف قرن من الزمن دخل قفص الاتهام مع نيلسون مانديلا في محاكمة ريفونيا الشهيرة، وهي على اسم إحدى ضواحي جوهانسبورغ، حيث أدت هذه المحاكمة إلى تحويل جنوب إفريقيا إلى ما أصبحت عليه اليوم.

لطالما كان غولدبيرغ أشد المنتقدين لرئيس جنوب إفريقيا الحالي جاكوب زوما بالنظر إلى الاتهامات الكثيرة للرئيس وبطانته بالفساد.


الثقافة وسيلة لعلاج الجروح

تقدم المشاريع التي يعمل غولدبيرغ على إنشائها في مسقط رأسه هاوت باي وسيلة لإيجاد علاقات بين أفراد شعب جنوب إفريقيا الذين أمضى سنوات كثيرة في السجن من أجلهم.

وقال: «لدي عالم جديد من الأصدقاء في الأعمال الفنية والثقافة والموسيقى، وأنا أستمتع بها كثيراً، وهي تحررية». وهو يرى في الثقافة وسيلة لعلاج بعض الجروح العميقة الناجمة عن القمع الوحشي والفقر اللذين يعتقد أن بلاده سترزح تحتهما عقوداً مقبلة.

وكان مانديلا وغولدبيرغ يتوقعان أن يحكم عليهما بالإعدام، لأنهما كانا يقاومان الأبارتايد، لكن عندما أصدر القاضي عليهما حكماً بالسجن مدى الحياة اتصل غولدبيرغ بأمه مباشرة وقال لها فرحاً «إنها عقوبة السجن مدى الحياة، والحياة رائعة»، واعترف الرجل بأنه ولد متفائلاً منذ الصغر.

وأصبح غولدبيرغ الآن في الرابعة والثمانين من عمره، ويعاني سرطان الرئتين، وهو عدو أشد شراسة وقوة من الأبارتايد، وهو يأمل أن يهزم الموت مرة ثانية من أجل القيام بمشروع أخير بالنسبة له، ويتمثل في إنشاء مركز من أجل الفنون يطلق عليه اسم «بيت الأمل» بمسقط رأسه في هاوت باي.

ويأمل غولدبيرغ في أن يتألف «بيت الأمل» من غرف تعليمية لتقديم دروس الفن مجاناً للأطفال الفقراء في بلدته، إضافة إلى غرفة صغيرة لعرض الفنون ومجموعة غولدبيرغ الفنية. وينظر إلى المشاريع الفنية التي يرغب الرجل في القيام بها باعتبارها تغيراً غير متوقع من غولدبيرغ الذي كرس حياته للنضال السياسي الذي قام به على المستوى الدولي، إذ أصبح أحد القادة الرئيسين المدافعين عن الأخلاق في جنوب إفريقيا.

وكان غولدبيرغ الرجل الوحيد الأبيض في محاكمة ريفونيا مع مانديلا وآخرين من رفاقه، الذين ناضلوا لإنهاء حكم البيض، حيث أمضى نحو ربع عمره في السجن، وبعد إطلاق سراحه عمل في حزب المؤتمر الإفريقي في المنفى، ومن ثم في الحكومة. وهو يعترف بأن تكريس الوقت من أجل الفن كان في السابق يعتبر ترفاً غير منطقي. وقال «كوني ناشط سياسي لم يكن لدي وقت من أجل الفن والموسيقى».

ولطالما كان غولدبيرغ أشد المنتقدين لرئيس جنوب إفريقيا الحالي جاكوب زوما بالنظر إلى الاتهامات الكثيرة للرئيس وبطانته بالفساد، لكنه كان يقول دائماً إنه لن يصوت ضد حزب المؤتمر الإفريقي، وبعد سنوات من عمله كناشط يقول غولدبيرغ إن الفن والموسيقى أصبحا أكثر أهمية بالنسبة له من أي وقت مضى، وقال «أعتقد أن كل عملي في السياسة كان من أجل خدمة الناس، وليس للوصول إلى السلطة». وأضاف غولدبيرغ الذي تعلم اللغة الألمانية بنفسه بينما كان في السجن «نحن الذين نؤمن بصداقة الانسان مع أخيه الانسان، ليس دينا الوقت الكافي لإقامة صداقات».

وعلى الرغم من أن جسم غولدبيرغ أصابه الضعف نتيجة مرض السرطان، فإن ذهنه لايزال قوياً ونشيطاً، ويمتلك حس الفكاهة، حيث يسخر من نفسه ومن الآخرين.

ويبدو أن الموضوع الأقرب إلى قلبه هو مدرسة «بيت الأمل» في مسقط رأسه هاوت باي، التي رغم جمالها فإنها لاتزال تعيش حالة الفصل العنصري. وقال غولدبيرغ «تبدو هاوت باي كأنها نموذج مصغر لدولة جنوب افريقيا، وإن كان هناك تغير نحو الأفضل، إلا أنه لايزال في الأطراف فقط، ونحن بحاجة إلى التغلب على التمييز».

وعلى الرغم من التقدم البطيء الذي تحققه جنوب إفريقيا، والأحلام المتعثرة التي تعيشها، فإن غولدبيرغ لايزال يثق بالنظام الديمقراطي الذي ساعد على إيجاده في بلاده، ومقتنع بأنه سيبقى أكثر من القادة السيئين. وهو متحمس لشبان بلاده الذين يرى فيهم أمل جنوب إفريقيا. وقال «أنا متشجع بالشبان الذين يقولون (هذا يكفي!) للظلم والفساد». وأضاف «أدرك منذ صغري أنه إذا كانت تمطر اليوم فإن الشمس ستشرق غداً».

تويتر