سياسة الطفل الواحد تسببت في حدوث خلل كبير

عائلات صينية ترغب في إنجاب الإناث لتحقيق التوازن

صورة

كانت ليو مين ترقد بسلام على السرير في المستشفى، وهي تراقب وليدها، إنه ابنها الثاني. وعلى الرغم من سعادتها، تقول الأم إنها شعرت بضياع فرصة؛ لأنها لم تتمكن من إنجاب طفلة. قبل أربع سنوات، أنجبت ليو (31 عاماً) ولدها الأول. ولرعايته، استقالت من وظيفتها في الإدارة القانونية بشركة تأمين، لتضحي براتب سنوي قدره 26 ألفاً و700 يورو.

مشكلة ديموغرافية

حذر الباحثون من أن عدم التوازن الملحوظ في أعداد الجنسين في الصين، قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار لتراجع فرص زواج الرجال، الأمر الذي يزيد مخاطر الاضطرابات الاجتماعية والسلوك العنيف. ويقول محللون إن سياسة الطفل الواحد أدت إلى تقليص حجم العمالة في البلاد، ما يلحق الضرر بالنمو الاقتصادي. ووفقاً لتقارير رسمية، فإن عدد السكان في سن العمل انخفض مجدداً في 2013. ويأتي ذلك في وقت تزايدت فيه النداءات إلى الحكومة، للمطالبة بإلغاء القيود المفروضة على تنظيم الأسرة، في أكبر دول العالم من حيث عدد السكان، فيما يقول كثير من المفكرين إن الصين تواجه مشكلة ديموغرافية.

عندما تخلت الصين عن سياسة الطفل الواحد، العام الماضي، قررت ليو وزوجها إنجاب طفل آخر؛ وكان صبياً. وتقول الأم الشابة: «لقد جعل إنجاب طفل ثانٍ حياتنا صعبة ومتوترة، وكنا نريد دائماً أن تكون لنا فتاة».

وإذا كان «هوس» ليو بإنجاب فتاة «تحدياً لأيديولوجية السلطة الأبوية»، فإن ضغوط الحياة الحديثة هي مصدر قلق أكبر بالنسبة لها. ففي بكين، يصعب إيجاد مكان تعيش فيه العائلة، إذ إن متوسط أسعار المساكن يعد من بين الأعلى في البلاد «أنا قلقة بشأن تكاليف التعليم والزواج ونفقات السكن، وأولادي في المستقبل»، توضح ليو.

أواخر السبعينات، وفي محاولة لإبطاء النمو السكاني، فرضت السلطات الصينية سياسة الطفل الواحد وتم تطبيقها بصرامة، خصوصاً في المناطق الحضرية. ومع ذلك، ففي المجتمع الريفي، ظل العديد من العائلات تحت تأثير التقاليد وإنجاب الأطفال، لدعم آبائهم في شيخوختهم. وفقدت عائلات كثيرة كل ما لديها بعد دفع غرامات، لإنجاب المزيد من الأطفال خلافاً للسياسة المعلنة.

وتفاقم الوضع عندما انخفضت نسبة الإناث مقارنة بالذكور، فقد سجلت 113.5 فتاة مقابل 100 صبي، العام الماضي. وقد نتج عن ذلك اختلال في التوازن بين الجنسين، بوجود فائض من الرجال في سن الزواج في بعض المناطق، خصوصاً الريفية الفقيرة. وفي بداية العام، أدى نقص الفتيات في إقليم هينان بوسط البلاد إلى «مزايدة محمومة» في المهور وهدايا الخطوبة، التي تقدم للزوجات. وقبل ثماني سنوات، كان الزوج يدفع نحو 1300 يورو لعائلة العروس، وفق تقاليد الإقليم؛ أما اليوم فقد تضاعف المبلغ 10 مرات.

في المقابل، فعلت زيان زيانغ (28 عاماً) كل ما بوسعها لإنجاب ولد، لأن لديها بنتاً في الثانية من العمر. وتقول الأم إنها بحثت في شبكة الإنترنت عن وصفات طبيعية تساعد على إنجاب ذكر.

في 2003، أصدرت لجنة تنظيم الأسرة في وزارة الصحة وإدارة الرقابة على الأغذية والدواء، قوانين تتعلق بحظر معرفة جنس الجنين للأغراض غير الطبية، وإنهاء الحمل اصطناعياً لأسباب ترتبط بتفضيل جنس جنين على آخر، الأمر الذي يصل في الواقع لحظر الإجهاض، بناء على جنس الجنين.

لكن اليوم، كثير من الآباء يريدون معرفة جنس الطفل قبل الولادة. وفي عام 2014، بدأت السلطات في بعض أجزاء هينان ومقاطعة «جيانغسو»، حملة واسعة ضد محاولات معرفة جنس الأطفال الذين لم يولدوا بَعْد، وضد الإجهاض لأسباب غير طبية.

وكان الهدف من وراء ذلك، هو تحقيق توازن بين الجنسين عند الولادة؛ وأعلنت السلطات أن الآباء الذين حصلوا على إذن بإنجاب طفل ثانٍ، واختاروا الإجهاض بسبب تفضيلهم لجنس الطفل، سوف يتم إلغاء تراخيصهم. وفي فبراير الماضي، طرح موقع إلكتروني للأمومة، يزوره أكثر من 10 ملايين شخص، سؤالاً في سياق التحقيق: «هل تختار الإجهاض، إذا كان جنس الجنين غير ما تريد؟»، وأجاب أكثر من 90٪ من 1000 أم شاركت في الاستبيان: «أقبل قدري، أياً كان».

 

تويتر