المرصد

ازدواجية في تغطية أحداث سورية والعراق

تعيش المنطقة العربية، منذ سنوات، صراعاً دموياً لا ينتهي. وتنقل لنا وسائل الإعلام العالمية ما يجري بطريقتها، ووفقاً لما تراه؛ إلا أن القوة الكبيرة للإعلام الغربي فرضت نفسها على مجريات الأمور في الشرق الأوسط. في سورية والعراق، توجد مدينتان محاصرتان، من قبل قوات حكومية تدعمها أخرى أجنبية. في شرق حلب لايزال ربع مليون شخص محاصرين، من بينهم بضعة آلاف مسلح، وفي الموصل يوجد مليون شخص تحت الحصار منهم 5000 مقاتل من تنظيم «داعش» المتطرف. وبينما يوجه الإعلام الغربي اللوم إلى المتحصنين في الموصل، يحمل الإعلام ذاته المهاجمين في حلب المسؤولية عن المجازر.

تشبّه وسائل إعلام غربية ما يحدث في حلب من دمار، بما جرى في غروزني (عاصمة الشيشان)، قبل 16 عاماً.

وتشبه وسائل إعلام غربية ما يحدث في حلب من دمار، بسبب القصف الروسي، بما جرى في غروزني (عاصمة الشيشان)، قبل 16 عاماً. في المقابل، لا يوجد تشبيه مماثل لما جرى في الرمادي، التي دمرت بنسبة 80% في 2015 بقصف أميركي وحشي. ويتهم الإعلام الغربي المدافعين عن الموصل بالإرهاب، ويلقي عليهم باللوم في تعريض حياة المدنيين للخطر، وهذا صحيح، كما أنه يتهمهم باستخدام المدنيين كدروع بشرية، ومنعهم من مغادرة المدينة، في المقابل لا يذكر شيئاً عن وجود دروع بشرية في حلب، كما يحدث في الموصل، رغم أن معظم المدنيين في شرق حلب يرغبون في مغادرتها، لكن الأمم المتحدة تعتبرهم ضحايا للوحشية الروسية فقط. والواقع أن المحاصرين في المدينة يخشون بطش الأمن النظامي، في حال غادروا عبر نقاط تفتيش تديرها قوات بشار الأسد.

هذا هو نمط التغطية الإعلامية للحرب في سورية والعراق، على مدى السنوات الخمس الماضية. لا شيء تغير منذ 2003، عندما أقنعت المعارضة العراقية لنظام صدام حسين الحكومات ووسائل الإعلام الأجنبية، على حد سواء، بأن الجيوش الغازية، الأميركية والبريطانية سوف يتم استقبالها بحفاوة من قبل الشعب العراقي. وبعد عام من ذلك، أصبح الغزاة يقاتلون من أجل حياتهم.

ولأنهم وقعوا ضحية التضليل الذي مارسته المعارضة العراقية، وأيضاً ضحية الاعتقاد بصحة هذه المزاعم، فقد أساء المسؤولون والصحافيون الغربيون قراءة المشهد السياسي في الشرق الأوسط. ويعتقد المحلل البريطاني باتريك كوبيرن أن التحيز الكبير في تغطية وسائل الإعلام للحرب، في سورية والعراق، يوفر «ما يكفي لتدريس هذه الازدواجية لطلاب الجامعات وطلاب الدكتوراه والماجستير» في تأثير وسائل الإعلام والتغطية المنحازة. انتهاكات حقوق العراقيين والسوريين ومصادرة أحلامهم، يجب ألا تتم بتزكية ودعم من الآلة الإعلامية الغربية، في غياب وعي عربي وتغطية إعلامية محلية منافسة.

تويتر