المرصد

عن التحرش الإعلامي

«التحرش الإعلامي» عبارة حديثة مشتقة من اللغة الإنجليزية، شأنها شأن العبارات الأخرى مثل «الإرهاب الفكري» و«الاستقطاب الفكري». والتحرش في اللغة العربية بسياق آخر هو مضايقة شخص ما بالقول أو بالعمل، وتنتمي هذه العبارة إلى «عشيرة» العبارات الحديثة الطارئة على اللغة العربية، بفعل العولمة أو الترجمة، التي اقتضت الظروف تخليقها. أكثر المتحرشين إعلامياً هم الصحافيون بالطبع، ولكن قد تتحرش بهم جهات مثل الدولة أو الاجهزة، وهذا النوع من التحرش قد يفضي في بعض الدول إلى ما لا يحمد عقباه من سجن، وأيضاً تعذيب وسحل، وتغييب في أسوأ الاحوال. وكثيراً ما يتحرش الصحافيون والمصورون الصحافيون بالمشاهير، وهذا النوع من الاحتكاك قد يعرض الصحافي في أفضل الظروف إلى لكم وصفع وضرب بالنعال، وفي أحلكها تكسير للكاميرا أو العظام. وأدت مثل هذه المواقف إلى ظهور عبارات جديدة لم تكن من قبل في قاموس الصحافة، مثل ما حدث لأحد الصحافيين، الذي ضربته رئيسة الوزراء البريطانية مارغريت تاتشر بحقيبة يدها لأنه حشر أنفه أكثر من اللازم، فخرجت عبارة «handbagged»، أي الضرب بحقيبة اليد.

قد يحدث التحرش الإعلامي بين دولة وأخرى، كما هو الحال بين أميركا وكوريا الشمالية، إذ تكيل كل من الدولتين لبعضهما التهم والادعاءات وأقذع النعوت. وكما هو الحال أيضاً ببريطانيا، ممثلة في صحفها التي تستهدف زمبابوي، أو بالأحرى، شخص رئيسها روبرت موغابي، حيث لا تكاد تخلو صحيفة بريطانية واحدة من القدح في ذمة الرجل «الذي كان ثورياً» في يوم من الأيام. التحرش أيضاً قد يحدث بين شخص وجهة اخرى، عن قصد أو عن غير قصد، وربما أفضل مثال على ذلك ما تعرض له النائب السابق لرئيس تحرير «نيوز أوف ذي وولد»، نيل واليس، المتهم بالتآمر على التنصت على الرسائل الصوتية لبعض المشاهير والسياسيين، وأفراد من العائلة المالكة البريطانية، التي أدت إلى إغلاق الصحيفة عام 2011.

ويروي واليس، بعد تبرئته من التهم المسندة اليه قبل فترة قصيرة، كيف أن الشرطة والادعاء العام نظماً حملة «بغيضة مسيسة» ضده، خلال فترة إطلاق سراحه المشروط، وضد الصحافيين في قضية التنصت الشهيرة، التي أطاحت بعدد من كبار المسؤولين في الصحيفة، من ضمنهم رئيسة التحرير السابقة ربيكا بروكس. ويروي واليس أن تلك المضايقات حطمت حياته بالكامل. يقول «استطعت أخيرا، بعد أربع سنوات من اعتقالي، ان أخرج من هنا ــ في إشارة إلى المعتقل ــ رجلاً حراً، إلا أن ذلك كلفني وعائلتي معظم مدخراتنا، وحطم حياتي بسبب الحملة الشريرة ضد الصحافيين، التي نظمها المدير السابق للنيابة العامة كير ستارمر».

 

تويتر