المرصد

التلاعب بالصور يضع صدقية الإعلام على المحكّ

قد يظن البعض أن هذا الموضوع أصبح قديماً ومستهلكاً، لكنه في واقع الأمر قديم حديث كما يقولون، ولا يتوقف الكلام عنه طالما أن هناك قنوات تلفزيونية تواصل ارتكاب المخالفات، والتلاعب بصور الأخبار والتقارير الإخبارية، مخترقة بذلك ضوابط العمل الإعلامي، واعتبارات صدقيته ونزاهته ومهنيته، في إيصال الرسالة الإعلامية المطلوبة منه.

وربما كان أحدث وآخر مثال على التلاعب بالصور، هو الاتهامات المتبادلة بين قنوات تلفزيونية تبث باسم حركة الحوثيين في اليمن، وأخرى تغطي الفعاليات والأحداث اليومية لعاصفة الحزم، التي يقوم بها تحالف عربي بقيادة السعودية ضد الحوثيين في اليمن. كما سبق لقناة الجزيرة أن تبادلت الاتهام بالتضليل وفبركة الصور، مع محطات تلفزيونية سورية، وغيرها.

وبما أن وسائل الإعلام تسعى في معظمها إلى الربح والإثارة، واستقطاب أكبر عدد من المشاهدين، فإنها لهذه الاعتبارات وغيرها تلجأ إلى تزوير الصور، والتلاعب بها مراهنة على ضعف ذاكرة المشاهد.

كما أن التقاء المصالح بين الإعلاميين والحكومات تجاه قضية معينة لاعتبارات الأمن القومي، والمصلحة الوطنية العليا، يدفع الإعلاميين إلى التنسيق مع الجهات الرسمية كالخارجية والدفاع، وتطبيق تعليمات سياستهما العامة، خصوصاً في أوقات الحرب، كما ينشط هؤلاء الإعلاميون لإقناع الرأي العام بصدق وصحة توجهات السياسة الرسمية، واعتماد المؤسسات الإعلامية على المال، وإيمانها بأن الأغلبية العظمى من دخلها تأتي عن طريق الإعلانات، ‏يدفع محطات التلفزيون والصحف إلى تطبيق سياسة إخبارية، تأخذ بعين اعتبارها الإعلانات، لتضمن دخلاً مالياً كبيراً يكفل لها الاستمرار على قيد الحياة، والصمود في حلبة المنافسة.‏ وهكذا فمن الطبيعي ألا يقوم المعلنون برعاية برامج، أو نشرات، أو تقارير إخبارية، لا تصب في مصلحة منتجاتهم، أو طريقة إدارتهم، وقد يعتمدون وسيلة إعلامية أخرى.‏ ‏

ويدرك الصحافيون والإعلاميون يقيناً أن فبركة الصور وتزويرها واستبدالها، هي أمور مناقضة لكل مواثيق الشرف والأخلاقيات الإعلامية، ومع ذلك فهم يقومون بهذه المخالفات، انطلاقاً من القول المأثور: «من أمن العقوبة أساء الأدب».

وما ينطبق على الصور ينطبق قبل ذلك على الخبر، صحيح أنه من غير الحكمة تصديق كل ما هب ّودبّ من أخبار،‏ لكن من غير المنطقي أيضاً التشكيك فيها.

 

تويتر