خطة لإقامة مطار بمساحة ضعفي مساحة «هيثرو» تلتهم مئات المزارع

التنمية الحضرية والتصحر والتلوث تلتهم الأراضي الزراعية الصينية

مزارعة صينية تقوم بجمع ثمار أحد المزروعات في منطقة تشونغتشينغ. غيتي

الخطة الصينية لإقامة مطار جوي تبلغ مساحته ضعفي مساحة مطار هيثرو ستلتهم مئات المزارع المنتجة بالقرب من العاصمة بكين، ويحذر المراقبون من أن التوسع في التنمية الحضرية دون رادع سيؤثر بالتالي في إنتاج الغذاء.

فعلى بُعد ساعة بالسيارة إلى الجنوب من وسط بكين، توجد مجموعة من المنازل المشيدة من «الآجر»، والميادين التي تمتد لأميال، وخضراوات الملفوف المتراكمة على أعتاب المنازل، والأغنام التي ترعى على الطرقات. هذه قرية نانزوانغ الصغيرة، التي تقع على بعد نحو 30 ميلاً إلى الجنوب من المدينة المحرمة، وسوف تخضع بعد فترة قصيرة للإزالة مع 10 قرى أخرى لتشييد واحد من أكبر المطارات في العالم.

وستختفي أميال من حقول الذرة، والقمح، والفجل، والملفوف تحت مدارج المطار وصالاته، وخطوط سككه الحديدية وشوارعه. ويقدر مسؤولون أن المشروع سيكتمل بحلول عام 2018. وعلى الرغم من أن هذا المطار لايزال مجهول الاسم، إلا أن مساحته ستكون ضعفي حجم مطار هيثرو، وسيسافر عبره ما يصل إلى 72 مليون شخص سنوياً.

قصة نانزوانغ هي في نواحٍ كثيرة قصة تعكس حالة الريف الصيني، فعلى مدى العقود الثلاثة الماضية قضت التنمية الحضرية، والتصحر، والتلوث على العديد من المزارع الصغيرة. ويطرح هذا التحول أسئلة مختلفة، حيث يتساءل سكان نانزوانغ عما سيفعلونه بعد التهام المطار أراضيهم الزراعية، وتتساءل حكومة بكين عن كيفية إطعام مواطنيها. وتقول الخبيرة في الأمن الغذائي الصيني بمركز ويلسون بواشنطن، سوزان تشان شيفليت «إذا ركزت الحكومة على التنمية الحضرية، فإن السكان سيغيرون وجباتهم الغذائية، فقد تضاعف استهلاك اللحوم أربع مرات على مدى السنوات الـ 30 الماضية».

وفي الوقت نفسه، يتعين على الصين إطعام سكانها، المقدر تعدادهم بخمس سكان العالم، بما تبقى من نحو 7% من أراضيها الصالحة للزراعة، وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، إلا أن ما يقرب من نصف تلك الأرض تعرض للتدهور بفعل عقود من التنمية الحضرية التي لا يردعها رادع. «إنها لعبة محصلتها صفر»، كما تقول شيفليت «سيكون لديك موارد أقل فأقل، وسكان أكثر فأكثر يحتاجون إلى الطعام».

ويبدو أن واضعي السياسات الريفية في الصين بدأوا في التحرك نحو البراغماتية - وبعيداً عن الأيديولوجية - لمعالجة هذه المشكلة. ويقول خبراء إن مشكلات سلامة الغذاء، والأمن الغذائي في البلاد هي مسألة مستعصية، وإن الخطاب الحكومي لن يقدم أي ضمانات، وإن إجراء إصلاح واسع، أو أي تغيير أو تبديل في النظام الزراعي يتطلب التغيير والتبديل في أنظمة أخرى، كما يقول الزميل بمركز الصين المعاصرة بجامعة ولاية بنسلفانيا، جون ياسودا.

ويقول ياسودا إن الزراعة الصناعية على نطاق واسع ستخلق العديد من المشكلات، فبسبب نقص الأراضي الصالحة للزراعة، يضطر العديد من المزارعين إلى فلاحة فدانين أو أقل من الأراضي، ولأنهم يريدونها أن تنتج أكثر يستخدمون الأسمدة الكيميائية بشكل مكثف، وعلى الرغم من أن الضرر من هذه «المدخلات السامة» يمكن تلافيه في الزراعة على نطاق واسع، إلا أن استخدامها على النطاق الضيق يمكن أن يحولها من مشكلة محلية إلى واحدة من المشكلات الوطنية.

وتشهد البلاد في السنوات القليلة الماضية عدداً لا يعد ولا يحصى من المشكلات التي فاقمت الأمن الغذائي، بما في ذلك الفواكه الغارقة في المبيدات الحشرية، ولحم الخنزير الفاسد، وثمار البطيخ المنفجرة، والحليب الملوث بمادة الميلامين، الذي أدى إلى مقتل ستة أطفال في عام 2008، وتسبب في مرض 300 ألف شخص.

تويتر