يضحي بنفسه لحماية الآخرين من خطر «إيبولا»

كوندو.. حارس المقبرة الأكثر رعباً في العالم

صورة

يشرف أندرو كوندو على مقبرة كينيما، في سيراليون، أكثر مقابر العالم رعباً، حيث يتم فيها كل يوم دفن أكثر من 50 جثة مغلفة في أكياس بلاستيكية بيضاء هم ضحايا وباء إيبولا المرعب، ما يجعلها أكثر مقابر العالم خطورة.

قبل 20 عاماً، وعندما كان في الـ 13 من عمره، أخذ كوندو على عاتقه حراسة كومة من الجثث، قتل أصحابها على أيدي الثوار خلال الحرب الأهلية التي اجتاحت البلاد عام 1991، وكان يحمي هذه الجثث من الكلاب الضالة، وظل يضطلع بهذه المسؤولية عندما توسعت المقبرة خلال السنوات الثلاث اللاحقة. وعندما انتهى ذلك الصراع، قطع كوندو عهداً على نفسه ألا يعمل مرة أخرى مع الموتى. ثم اندلع وباء إيبولا في البلاد. يقول كوندو «وجدت نفسى أعود من جديد لمهنتي السابقة، وفي هذه المرة لم أعد أرى وجوه الموتى لأنها مخفية داخل الأكياس البلاستيكية، ولكنني أتخيل وجوههم».

بدأت الحرب الأهلية، عندما كان كوندو في الـ 11 من عمره، وانتهت عندما بلغ الـ 22. وقضت الحرب على عدد من الموتى يصل ما بين 10 إلى 50 ألف شخص. وفي الحي الشرقي في مدينة كينيما، كان الثوار يقتلون المتعاطفين مع الحكومة ويتركون الجثث في العراء، واضطر الجيش إلى دفن الجثث في زقاق بالقرب من المشرحة المغلقة. وكان كوندو يشاهد من منزله، على بعد 400 ياردة، الجثث وهي تتحلل. ولم يستطع أن يتحمل هذا المنظر، فأخذ حبلاً، كان والده الجزار يستعمله لتعليق الماشية، وصنع به حاجزاً حول المكان المدفون فيه الجثث. وظل يقضي نهاره يعتني بالمنطقة، وعين بعض الصبية لمساعدته.

يقول كوندو «لم أكن أفعل ذلك فقط من أجل احترام الموتى، ولكنني أشعر بالقلق من انتشار المرض والعدوى»، ويضيف «عندما كنت أرى جثث الأطفال أو النساء الحوامل، أشعر أن حربنا كانت أسوأ حرب في تاريخ العالم بأسره».

وعندما انتهت الحرب، وهدأت الأحوال، هبطت معدلات الوفيات. ولكن في مايو الماضي، انتشر «إيبولا» في سيراليون، وفي سبتمبر، رأى كوندو إعلاناً عن وظيفة «مشرف للمقبرة»، فبعث بسيرته الذاتية، ويقول عن ذلك «لم أكن أرغب في ممارسة هذه الوظيفة مرة أخرى، لكنني شعرت بأنه مطلوب مني أن أكون في الخطوط الأمامية».

بدأت فصول جديدة من الرعب تتكشف وسط ذكريات الماضي الأليم، فقد قضى أكثر من 2000 مواطن سيراليوني جراء ايبولا. وكانت مراسم الدفن في هذا البلد عادة ما تضم تجمعات كبيرة من أقارب المتوفى وأصدقائه، الذين يغسلونه ويقبلونه، علامة على الاحترام. وفي شهر أغسطس الماضي، وفي محاولة منها لوقف سلسلة انتقال المرض، أمرت حكومة سيراليون دفن جميع المتوفين في أكياس حتى ولو لم يكونوا حاملي فيروس إيبولا، ويمكن لأقارب المتوفي حضور مراسم الدفن على أن لا يقتربوا من الجثة.

ويقول كوندو إن الكثير من أسر الموتى تهاجم أعضاء فريق الدفن لأنهم يعتقدون أن الفريق يعطل ممارساتهم الدينية. وتعرضت خمس من الشاحنات التي يستخدمها كوندو وفريقه للتحطيم جراء الأهالي الغاضبين. ويقضى كوندو معظم يومه في سباق بسيارة الإسعاف وسط العاصمة فريتاون، ويتفحص الثقوب التي ربما تتعرض لها ملابس فريقه الواقية، كما يتفحص أي علامات إعياء أو عدوى يصاب بها أفراد الفريق. يقول أحد أعضاء فريقه، مامادو جالا، إن كوندو دائماً ما يستفسر منهم عن حالهم، إنه مثل الأخ الأكبر. وتساعده زوجته في تغيير ملابسه خارج المنزل عند عودته لأنها تعلم انه يشكل خطراً كبيراً على العائلة.

تويتر