نسبة المسنين في القرية 48.5%.. وعدد سكانها لم يتغير منذ عام 1948

«سوأوشيما».. رمز الشيخوخة في اليابان

صورة

تقع قرية «سوأوشيما» الجميلة في سهول خلابة بين جبال مقاطعة ياماغوشي، جنوب اليابان، وتشتهر بإنتاج الفواكه والزهور، إلا أن الزائر للقرية يلاحظ منذ وصوله إعلانات عن وفيات بشكل شبه يومي، وفي كل مكان تقريباً. والسبب يعود إلى كون القرية التي تضم نحو 18 ألف ساكن، تفتقر إلى الشباب، إذ تبلغ نسبة المسنين فيها 48.5% من عدد السكان، ويزيد أعمار هؤلاء على الـ65 عاماً، ويعتبر ذلك رقماً قياسياً في بلد ارتفعت فيه الشيخوخة بشكل لافت في السنوات الأخيرة. وخلال العام الماضي سجلت القرية 470 وفاة مقابل 70 ولادة فقط.

تراجع المواليد

سجلت اليابان العام الماضي انخفاضاً ملحوظاً في عدد السكان، وتضاءل عدد المواليد بنحو 6000 مقارنة بعام 2012، في حين ارتفعت نسبة الوفيات بشكل غير مسبوق منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وفي غضون ذلك تراجع عدد الأيدي العاملة، وبات الشباب عملة نادرة في بعض المناطق.

ويقول عمدة «سوأوشيما»، تاكومي شيكي، «في عام 1948، السنة التي ولدت فيها، كان هناك 64800 ساكن في القرية». ويضيف أنه «حسب الإحصاءات الرسمية، فإن قريتنا لم تشهد زيادة في عدد السكان منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ومما زاد الأمر سوءاً هجرة الكثير من السكان إلى الولايات المتحدة قبل الحرب. ويتردد الشباب في الذهاب إلى القرية لأن مناصب العمل مقصورة على وظائف الحكومة أو الزراعة. أما الطلاب الذين يذهبون للدراسة في طوكيو أو أوزاكا فلا يعودون إلى مسقط رأسهم في الغالب. ويعبر المسؤولون اليابانيون عن قلقهم من ظاهرة الشيخوخة السريعة في بلادهم، إذ تتوقع الدراسات أن يبلغ عدد المسنين، الذين تفوق أعمارهم 65 عاما، 40% من عدد السكان بحلول العام 2060. ويقول كبير الرهبان في معبد هاكوسوجي، شيزو نياما، إن «القرية باتت مثالاً لظاهرة الشيخوخة». ويشير نياما إلى أن عددا كبيرا من المنازل بات خالياً، وأحياناً تندثر بعد المنازل بفعل الزلازل أو التقلبات الجوية فتغطيها الأعشاب وتختفي نهائياً.

وتنفق اليابان أكثر من 65 مليون يورو على رعاية المسنين في القرية وحدها، ما يجعل المسألة مرهقة على الصعيد الوطني. ويوجد في «سوأوشيما» 76 مركزا للرعاية بما في ذلك استراحات ودور استقبال خلال النهار، وكذلك مراكز العلاج وإعادة التأهيل. وتجند السلطات 1350 موظفاً لهذا الغرض. ويقول مسؤولون في القرية إن هناك حاجة للمزيد. ويرفض المتقاعدون من المزارعين والصيادين قبول الإعانات الحكومية بدافع الكرامة ويفضلون العيش بدخولهم البسيطة (بين 353 و464 يورو شهرياً)، ومنهم من يعتمد على مدخراته الشخصية.

ترتاد السيدة هارويو هارا مركزاً للرعاية وسط القرية، وعادت هارا، (97 عاماً) من أوزاكا إلى مسقط رأسها بعد أن قضت هناك معظم سنوات عمرها. وتقول العجوز، لقد فوجئت بعدم وجود أطفال هنا، وأخشى أن ينقرض الناس تماماً. ويرعى بعض المسنين آخرين أكبر منهم وأكثر حاجة للرعاية. وتشرف زوجة عمدة المدينة البالغة من العمر 64 عاماً على مجموعة من المتطوعين يقومون برعاية 25 منزلاً يسكنها معمرون. وقرر إبي سوزاكي، (75 عاماً)، العودة إلى مسقط رأسه. ويقول «أردت أن أزرع بعض الخضراوات وأقرأ الكتب». ويضيف «فضلاً عن ذلك انضممت إلى مجموعة من الإطفائيين المتطوعين وأعمل دليلاً للسياح في القرية، أنا مشغول جداً». ويقول معمر آخر كان يجفف الطحالب على الصخور الشاطئية، إنه لا وقت فراغ لديه طوال اليوم. وعاد الأخير بعد تقاعده لأنه «حان الوقت لمساعدة الآخرين»، بحسب رأيه. وتحاول قرية «سوأوشيما» أن تجذب المزيد من السكان في الوقت الذي يزورها نحو مليون شخص للسياحة. ويحذر الراهب نياما من أن «زوال القرية يعني اختفاء اليابان من الوجود». ويدعو حكومة بلاده للتحرك سريعاً.

 

تويتر