ثالث موجة من اللاجئين نجمت عن حربين نشبتا في تسعينات القرن الماضي

آلاف الشيشانيين يهاجرون إلى ألمانيا

شيشينيان ينصبان خيمة بعد طلبهما حق اللجوء إلى ألمانيا. غيتي

عندما غادر آدم إلى المانيا، تمنت له أمه التوفيق في رحلته، وأوصته بألا يعود مرة ثانية إلى الشيشان، وكان هذا الرجل يعيش في غروزني عاصمة جمهورية الشيشان، وهي تشكل جزءاً من روسيا، وهو يسافر حاملاً معه كمية قليلة من المتاع، عبارة عن قميصي «تي شيرت» وبعض البطاطا المهروسة، ودجاجة مشوية طعاماً من أجل رحلته، هو وأطفاله الخمسة، ويحمل آدم وثيقة من أجل السلطات في برلين، وهي عبارة عن رسالة من طبيب أحد السجون، يصف فيها الأورام والانتفاخات، وهي الآثار التي خلّفها السجانون على جسده، بعد اتهامه بالعمل مع المتمردين الشيشان وإجباره على الاعتراف بذلك تحت ظروف وحشية.

وأخذ آدم زوجته سميرة من عيادة الطبيب، حيث أجرى لها تنظيراً صوتياً لكونها حاملاً في شهرها التاسع، وهي تتمنى ألا يأتيها المخاض قبل الوصول إلى ألمانيا. واستقلت العائلة سيارة متجهة إلى محطة القطار، حيث عبرت شارع «بوتين بروسبكت»، وهو الاسم الذي أطلقه رئيس الشيشان رمضان قديروف، اعترافاً منه بالجميل للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الذي يدعمه مالياً ويمنحه الحرية المطلقة في حكم البلد.

وهناك الآلاف أمثال ادم يقومون بهذه الرحلة الى الغرب، بهجرات جماعية من الشيشان، وهذه ثالث موجة من اللاجئين التي نجمت عن حربين نشبتا في الشيشان في تسعينات القرن الماضي.

وفي الشهور السبعة الاولى من هذا العام قدم نحو 10 آلاف شيشاني طلباتهم في مكاتب الحكومة الالمانية، من أجل الحصول على اللجوء، اي ثلاثة اضعاف ما كان عليه الحال في عام 2012، وأصبحت هذه الجمهورية الصغيرة التي لا يزيد تعداد سكانها على مليون نسمة، في قمة طالبي اللجوء في المانيا. ويفوق تعداد الشيشان القادمين إلى المانيا ما يأتي اليها من أفغانستان وسورية مجتمعتين، إذ تعاني الدولتان الحرب الاهلية، وحسب تقديرات جهاز الامن الروسي فقد غادر نحو 600 عائلة من ضاحية ارغون التي يبلغ تعداد سكانها 30 الف نسمة، ويملك قديروف مباني من الحديد والزجاج، وهي مخصصة جلها من أجل المكاتب، وهذا ما يشابه الضاحية التجارية في لندن.

وينظر الرئيس بوتين الى قديروف بعين التقدير، لأنه تمكن من تهدئة الشيشان بعد ان شنت موسكو حربين مدمرتين لمنع انشقاق هذا البلد عن الاتحاد الروسي، لكن قديروف وحده هو الذي تمكن من القضاء على المتمردين الشيشان، وإن كان بطرق وحشية. في المقابل، يقدم الكرملين دعما لقديروف يبلغ 2.14 مليار دولار سنويا، وتدفع موسكو ايضاً تكاليف خاصة بمشروعات قديروف مثل مزرعة خيول تقدر بملايين الدولارات وبناء مسجد كبير في غروزني والذي بناه تكريماً لوالده.

لكن الرئيس قديروف يقول إن هذه المعلومات عن الهجرة هي محض افتراء وخيال. وقال المتحدث باسمه إن التقرير الذي تحدث عن أعداد المهاجرين في ألمانيا هو «اختراع الصحافيين الالمان»، وقال قديروف إن «الشيشان أكثر أمناً من بريطانيا العظمى»، مشيراً الى أن الاقتصاد الشيشاني هو الأكثر نشاطاً في روسيا.

وتمكن آدم من العبور الى الاتحاد الاوروبي في بداية أغسطس الماضي بالقرب من مدينة بريست في بلروسيا على الحدود مع بولندا، ودفع كل المبلغ الذي كان يملكه لسائق السيارة الذي اوصله الى برلين، وهو 1000 يورو. ولاتزال زوجته سميرة لم تنجب بعد، لكن 8.3% فقط من اللاجئين القادمين من القوقاز تسمح لهم المانيا بالبقاء على أراضيها، أما الآخرون فترفض تحمل مسؤولية بقائهم، استناداً الى اتفاقية دبلن التي تنظم استقبال اللاجئين.

وبينما كانت والدة آدم تجلس في بيتها، أبلغها أحد أفراد الشرطة أن ابنها كذب عليها عندما قال إنه اراد الهجرة الى ألمانيا، لأنه في حقيقة الامر إرهابي وذهب يمارس نشاطه في سورية، لكن شاءت الأقدار أن يطمئن قلب الأم فقد، وصلتها بعد خبر الشرطي بوقت قصير رسالة من ابنها وكانت قادمة من ألمانيا، وفيها رقم هاتف متحرك من برلين.

تويتر