المرصد

الرجلان صديقان من جديد

لم يكن طالب العلوم السياسية، ربيع عيد، من قضاء الناصرة، يدرك أنه عندما سيدخل إلى القاعة التي يقدم فيها الرئيس الأميركي، باراك أوباما، مؤتمراً صحافياً، أنه سيستمع منه لمحاضرة عن تاريخ الحركة الصهيونية وعن أحقية إسرائيل في الوجود على أراضي فلسطين، وهو الأمر الذي لم يتحدث به أي من أسلافه من رؤساء الولايات المتحدة.

لكن الشاب عيد وهو صحافي يعمل في موقع يطلق عليه «عرب ‬48»، لم يتحمل رؤية الرئيس الأميركي الذي بذل كل ما بوسعه لإرضاء الإسرائيليين، والتأكيد على التزامه حماية إسرائيل، وضمان أمنها وقوتها الاقتصادية، وتفوقها على جميع دول المنطقة، فانبرى له مقاطعاً ووجه إليه ثلاثة أسئلة مذكراً السيد أوباما بما اذا كان قد نسي سبب زيارته للمنطقة.

وقال عيد في أسئلته الثلاثة المتعاقبة «السيد الرئيس هل جئت للشرق الأوسط من أجل اقامة السلام في المنطقة أم من أجل رضا إسرائيل؟ هل شاهدت جدار الفصل العنصري الذي أنشأته إسرائيل على الأراضي الفلسطينية؟ ما رأيك في من قتل الناشطة الأميركية، راشيل كوري، عن طريق دهسها بجرافة؟».

واندفعت قوات الأمن الإسرائيلية، المعتادة قمع الفلسطينيين والتنكيل بهم حتى لو كانوا يحملون الجنسية الإسرائيلية، لمنعه من إكمال بقية حديثه، وكبلت يديه وطردته إلى خارج القاعة أمام انظار الرئيس الذي تظاهر بأنه لم يسمع الأسئلة.

ولم يبدِ أي انزعاج، من الطريقة التي تعامل بها الأمن الإسرائيلي مع صحافي يريد التعبير عن رأيه. لكن اذا كانت هذه الديمقراطية الأميركية التي يعرفها الرئيس أوباما، فكيف يوافق على تكبيل صحافي وإخراجه من قاعة المؤتمر الذي يتحدث فيه، أمام نظره، من دون أن تظهر عليه أي ملامح تنم عن استيائه من الفعل الذي قامت به شرطة القمع الإسرائيلية.

وربما يكون أوباما قد تغاضى عن طريقة التعامل مع الصحافي عيد لأنه من أصول عربية على الرغم من أنه مواطن إسرائيلي، ولذلك فإن ديمقراطية العم سام لا تنطبق عليه، ولا بأس بجره بهذه الطريقة المهينة إلى خارج قاعة المؤتمر، حتى لا يفسد على الرئيس مؤتمره الذي خصصه برمته للتذلل للإسرائيليين وخطب ودهم على نحو مثير للاستهجان، متناسياً أنه رئيس الدولة الأعظم في الوقت الحالي، ومتناسياً انه جاء من اجل السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

ومن الواضح أن الرئيس الأميركي، الذي لم يأتِ بجديد، وكانت زيارته تماماً كما توقعها الجميع، لم يكن موضوع السلام في الشرق الأوسط هو ما يهمه، حتى إنه تغاضى عن اعتقال صحافي وإهانته امام ناظريه، حتى لا يشوش على الهدف الذي جاء من اجله، وهو تحسين علاقته مع اسرائيل، ورئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، ما جعل الصحافة الغربية تختصر موضوع الزيارة بعبارة: «إن الرجلين صديقان من جديد».

تويتر