المرصد

اعتذار مردوخ وحرية التعبير

قدّم قطب الإعلام، روبرت مردوخ، اعتذاره الأسبوع الماضي، عن رسم كاريكاتيري رسمه الفنان جيرالد سكارف من صحيفة «صنداي تايمز» البريطانية التي يملكها، يصور رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وهو يبني جداراً يتخلله أشلاء الفلسطينيين وباستخدام اسمنت ممزوج بالدم، بعد إعراب الجماعات اليهودية عن غضبها بسبب هذا الرسم الذي ترافق نشره مع ذكرى المحرقة النازية.

وقال مردوخ في موقعه على «تويتر» إن رأي سكارف لا يعكس آراء الصحيفة «لكننا مدينون باعتذار كبير عن الرسم الغريب والعدائي».

وقال الصحافي في صحيفة «جويش كرونكل اليهودية»، ستيفن بولارد «أعتقد انه ثمة فرقاً بين حق النشر وبين الإساءة للآخرين».

ولكن عند مقارنة هذه القصة بالعدد الكبير جداً من رسوم الكاريكاتير التي استهدفت بصورة فجة أثارت غضب مليار ونصف المليار مسلم، كالتي نشرت في الصحافة الدنماركية وغيرها من الصحافة الغربية عن النبي محمد، فإننا نجد ردة فعل الصحيفة الناشرة (صنداي تايمز) يختلف كثيراً عما فعله ناشرو تلك الصحف، فلم تلجأ إلى تكرار تعويذة حرية التعبير التي برر من خلالها الإعلام الغربي كل أعماله المسيئة للإسلام والمسلمين، وانما اعتذرت بشدة على الرغم من أن الصحيفة أكدت انها لا تقصد الشعب الإسرائيلي وإنما نتنياهو فقط، الذي بالطبع لن يؤدي رسم كاريكاتير عنه الى اثارة غضب اليهود في العالم، فهو قتل الكثير من الفلسطينيين بلا ذنب ارتكبوه، وانما لمجرد انه أراد زيادة شعبيته باعتباره احد قادة اسرائيل الذين ولغوا في الدم الفلسطيني، وهي سمة كفيلة بأن تجعله بطلاً قومياً بين جماعته.

وحتى الجدار نفسه المقصود في الرسم الكاريكاتيري فقد اعتبرته محكمة العدل الدولية غير قانوني، واعتبرته اطراف كثيرة شبيهاً بما كان يوجد في جنوب افريقيا إبان نظام الفصل العنصري.

ومختصر القول ان كاريكاتير «صنداي تايمز» لا يتضمن أي إساءة لما هو مقدس لأي شعب، ومع ذلك تعالت الأصوات لشجبه.

لكن الصور التي أساءت للنبي محمد، اعتبرت من قبل الملايين تمس أقدس ما لديهم، ناهيك عن الفيلم المسيء الذي ظهر أخيراً، والذي قالت الممثلة الرئيسة فيه إنه مقزز، ومع ذلك لم يُكلف أصغر عامل في شركة انتاج الفيلم الاعتذار للمسلمين، باعتبار أن ذلك حقها في التعبير، ونشر الفن، وان معارضي الفن هم من المتشددين الذين يكرهون الفن ويعملون على هدمه.

ويبدو من خلال المقارنة أن المقدسات في عصرنا اختلفت عما هو مألوف بالنسبة للإنسان العادي، وأنها اصبحت تتمحور على عدم المساس بكل ما هو مزعج لإسرائيل، أو توجيه أي انتقاد لها مهما كان واهياً، وما عدا ذلك فإنه مباح ويعد مجرد وجهة نظر.

 

تويتر