المرصد

انتكاسة فريد زكريا

أثار الكثير من الدهشة والاستهجان ذلك الخطأ الذي ارتكبه الإعلامي الاميركي الهندي المولد، فريد زكريا، الحاصل على الدكتوراه من جامعة هارفارد، والمتخصص في السياسة الخارجية، والذي أصبح أحد نجوم الإعلام في الولايات المتحدة.

فقد تعرضت المسيرة المهنية لزكريا لانتكاسة مفاجئة بعدما اكتشف مدونون أخيراً عموداً منشوراً له في مجلة «تايم» يضم مقاطع شبه كاملة منقولة من مقال للمؤرخة الاميركية، جيل ليبور، نشرته في مجلة «نيويوركر» في أبريل الماضي.

وهرع زكريا الى الاعتذار عن هذا الخطأ الذي اعترف بأنه «فادح»، ما جعل مؤسسات اعلامية كبيرة تبادر الى التراجع عن اجراءات عقابية اتخذتها على الفور بحقه.. فقد كانت مجلة «تايم» قد اوقفته عن العمل لمدة شهر، وكذلك فعلت «واشنطن بوست» وباشرتا تحقيقاً في الامر، وقامت شبكة «سي إن إن» بإيقاف برنامجه الذي يقدمه اسبوعيا على شاشتها حتى إشعار آخر.

وقال المسؤولون في مجلة «تايم» وصحيفة «واشنطن بوست» وصحيفة «نيويورك تايمز»، انها بعد استكمال تحقيقاتها لم تجد أي أدلة على قيام زكريا بانتحال آراء كتّاب آخرين وأعادوه إلى عمله والتفوا من حوله مساندين له ومتضامنين معه بالسرعة نفسها بعد أن كانوا قد شككوا في صدقيته من قبل.

ويقول تحرير مجلة «تايم» ريتشارد ستنغل: «إن زكريا أحد المثقفين الرواد في العالم»، بينما قال اعلاميون ومثقفون اميركيون انه مثقف وكاتب صحافي واسع العلم، وله اسلوبه الخاص الذي يميزه عن غيره، وكل من يلتقيه يستمتع بالاستماع اليه والتناقش معه.

وحينما اكتشف زكريا أن وصمة العار الناجمة عن أي فضيحة يمكن أن تنتشر بسرعة كبيرة عبر كثير من وسائل الإعلام المختلفة، فإن ذلك سيفضي إلى تشويه صورته وسمعته التي بناها عبر سنوات طويلة من الجد والاجتهاد.

وفي مقابلة معه الاسبوع الماضي اعتذر زكريا مرة أخرى عما سماه «خطأ فادحاً»، وقال «أريد مساعدة الناس على التفكير في هذا العالم السريع»، مشيرا الى أنه لم يكن يستعين بمساعد في كتابة الأعمدة على مدى الاعوام الطويلة الماضية، وإنه بدأ يعتمد على باحث مساعد له خلال العام الماضي فقط.

وقارن تشارلز ايسيندراث، خبير الاعلام في جامعة ميتشيغان، بين ما حدث مع زكريا وبعض ما تعرض المذيع التلفزيوني الاميركي دان راذر قبل اقالته من عمله في «سي بي سي إيفننغ نيوز»، بعدما أجرت الشبكة تحقيقا في برنامجه «60 دقيقة»، الذي تناول سجل الرئيس جورج دبليو بوش في الحرس الوطني. وقال ايسيندراث إن راذر كان يشبه زكريا في ان كل منهما يقوم بأربع وظائف في آن واحد، وان كثيرا من المجلات والصحف ومحطات التلفزيون اصبحت تعتمد على شخصيات لامعة بعينها، لان ذلك ارخص وأقل كلفة من الاعتماد على مجمـوعة كبيرة من الموظفين.

ويقول بويكين كوري احد اصدقاء زكريا انه كان يقوم بأكثر من مهمة في وقت واحد، وهو شخص قوي الطموح وكان كثير من الناس يقرأون لزكريا الى الحد الذي جعلني اظن انه لم يعرف النوم قط، بينما قال صديق آخر هو غيدون روز، إن «زكريا متميز حتى في اوقاته الخاصة، وأتمنى لو املك عشر طاقته وقدرته الانتاجية».

ويقول مدافعون عن زكريا إنه استوعب درساً مما حدث له، ولكن الامر سرعان ما انتهى ولم يكن أكثر من زوبعة في فنجان.

تويتر