دعوا الجميع إلى مغادرة أراضيهم

شعب «ناسا» ينتفض ضدّ الجيش ومتمردي «فارك»

قبائل «ناسا» قررت الدفاع عن نفسها أخيراً. أرشيفية

في الـ11 من يوليو الماضي بدأ السكان الأصليون في إقليم كوكاس في كولومبيا، الذين يطلق عليهم اسم شعب «ناسا»، المواجهات مع الجماعات المسلحة وجهاً لوجه، ويطلبون منهم في الوقت ذاته بصورة سلمية مغادرة أراضي شعب ناسا. وقام هذا الشعب بإزالة خنادق الشرطة من المراكز المدنية، وفككوا صواريخ فارك المصنوعة محلياً، التي عثروا عليها في أراضيهم. وقام 400 شخص من أفراد «ناسا» باحتلال ومراقبة جنود الجيش في موقع مقدس لهذا الشعب يطلق عليه اسم «ال برلين»، خارج مدينة توريبيو، حيث يقوم الجيش بحماية أبراج شركة هواتف نقالة.

وفي 16 يوليو، أي قبل يوم واحد من الفترة المحددة لانسحاب الجيش من جزر السكان الاصليين، قام شعب ناسا باستخدام القوة لطرد الجنود من قاعدة موجودة فوق جلب ال برلين. وانتشرت صورة هذه الحادثة الدراماتيكية في مختلف وسائل الإعلام الوطنية والدولية، حيث كان بعضها يظهر سكان «ناسا» وهم يحيطون بالعديد من الجنود، ويعتقلونهم، ويطردونهم من مواقعهم، وأخرى تظهر ضابطاً كولومبياً هو الرقيب غارسيا خلال انسحابه باكياً من القاعدة.

وأصبحت بلدية توريبيو في إقليم كوكاس الكولومبي رمزاً للصعاب في الحرب التي تواصل إنزال البلاء على هذا البلد.

وتعتبر منطقة توريبيو واحدة من أصل 19 تجمعاً للسكان الأصليين، والتي تشكل شعب ناسا. وهو مجتمع السكان الأصليين المعروف بتنظيمه الجيد، اضافة الى الطبيعة المسالمة لسكانه، ويقع في شمال كوكاس. وتعتبر أراضي شعب ناسا غنية جدا بالموارد الطبيعية التي يتم استغلالها من قبل الشركات الدولية، اضافة الى أنها تمثل ممرات استراتيجية للتجارة الشرعية وغير الشرعية، والتي طالما أوقعت هذا الشعب وسط الصراعات المسلحة. وتعرضت توريبيو وحدها للهجمات اكثر من 500 مرة خلال العقد الماضي من قبل ميليشيا فارك، منها 12 مرة خلال النصف الاول من شهر يوليو. وأصدرت لجنة حقوق الانسان داخل أميركا إجراءات حماية لشعب ناسا.

ووصل الخطر المتواصل للجماعات المسلحة ذروته في بداية يوليو الماضي، فبعد أسبوع من القتال الشديد بين الجيش وميليشيا فارك في بلدة توريبيو، حيث وقعت معظم المعارك وسط السكان الأصليين والمدنيين، دعا اتحاد مجالس السكان الأصليين في شمال كوكاس، ومجلس السكان الأصليين في كوكاس إلى وضع حد للقتال بين قوات الأمن ومليشيا الفارك، ونشروا رسالة إلى جميع الفرقاء المسلحين يدعونهم إلى مغادرة أراضي السكان الأصليين.

ويعترف الدستور الكولومبي بحق الحكم الذاتي للسكان الاصليين، كما ان سكان «ناسا» يتمتعون بحماية حراس السكان الاصليين، وهي حركة حماية ذاتيه لتجمع السكان الاصليين، مخولة من سلطة الحكم الذاتي، التي تشرف على العمليات القضائية، وتزود الامن السلمي للسكان. ويتسلح حراس السكان الأصليين بعصي ذات طابع تشريفي. وبموجب القانون الكولومبي والدولي فإن التعليمات الموجهة الى القواعد العسكرية الموجودة في مناطق السكان الاصليين يجب إزالتها، وهو الأمر الذي يقول سكان «ناسا» انه لم يتم احترامه.

ونشر اتحاد مجالس السكان الأصليين رسالة مفتوحة في الثامن من يوليو تطالب بمغادرة جميع الجماعات المسلحة مناطق السكان الاصليين، والتي تقول «نعلن أنفسنا في حالة مقاومة دائمة حتى تغادر جميع الجماعات المسلحة والقوات العسكرية أراضينا، ونحن لن نغادر». وذكرت الرسالة على أن حدوث حالات نزوح للسكان عن منازلهم ووقوع حالات وفيات وإصابات وتهديدات، واغتصابات وفقدان بعض الجثث، و قلة احترام وتمزيق المجتمع المدني هي بعض الاسباب التي أوصلت اتحاد المجالس الى المطالبة بوقف كل أشكال القتال، ومغادرة جميع المسلحين لمناطقها، ووضع حد لغزو أراضيها. وأضافت الرسالة «إننا لن نقف مكتوفي الايدي، ونحن نراقبهم وهم يقتلوننا ويدمرون مجتمعنا».

تويتر