الجـوع يضرب أطفالاً في بريطانيا

أكثر من 36 ألف طفل بريطاني يعانون الجوع. أرشيفية

تتراكم العديد من الأدلة بأن آلاف الأطفال البريطانيين لا يحصلون على طعام كافٍ، وكلما استفحل الكساد الاقتصادي تفشت هذه الظاهرة أكثر وتصاعد بسرعة عدد الاطفال الجوعى.

يبلغ كريس الـ11 من عمره، يبدو عليه وعلى أخيه الهزال الشديد، ويميل لون بشرتهما الى الشحوب وتبدو على أعينهما هالات سوداء. اشقاؤهما الكبار عانوا نقصاً في الغذاء لدرجة انهم فقدوا اسنانهم، على الرغم من ان جميعهم يعيش في لندن، سادس اغنى مدينة في العالم. هؤلاء الصبية يشكلون مثالاً لآلاف الأطفال البريطانيين الذين يعانون سوء التغذية، والذين وقعوا ضحية لوباء المجاعة الصامت في العاصمة البريطانية وما وراءها. وتؤكد مؤسسة كيدز كمباني، التي تقدم دعماً لأكثر من 13 الف طفل، أن هناك زيادة غير مسبوقة في عدد الاطفال الذين يفدون اليها، ليس من اجل المأوى والأمان وإنما بحثاً عن الطعام.

«كيدز كمباني»، التي تأسست في 1996 لتوفير الدعم العملي والعاطفي والتعليمي لأكثر اطفال لندن تهميشاً، تقول إن هؤلاء الصغار يسرقون المتاجر ويبحثون عن الطعام في اوعية القمامة ويأكلون اللحوم النيئة، وإن 70 طفلاً يزورون هذه المؤسسة كل اسبوع من اجل الحصول على طعام مقارنة بـ 30 طفلاً كل اسبوع العام الماضي.

وتبدو هذه المشكلة جلية في المدارس، إذ رصدت مؤسسة كيدز كمباني خمس مدارس في لندن يؤكد طاقمها أن ما بين 70 و80٪ من تلاميذها متأثرون بانعدام الأمن الغذائي- بمعنى انه لا يتوافر لديهم طعام في منازلهم كل الأوقات ولا يعرفون متى سيحصلون على الوجبة التالية. ولا توجد هذه المشكلة في العاصمة فقط، فقد كشفت شبكة «مومسنيت» اكبر المنابر الحرة للآباء والأمهات على الانترنيت- أن واحدة من كل خمس أمهات يفقد اطفالها وجبة واحدة من الوجبات الثلاث في اليوم.

وفي الوقت ذاته، تؤكد الشواهد التي ساقتها مؤسسة ترسيل ترس، التي توفر وجبات الطعام لأكثر من 120 الف طفل في جميع انحاء البلاد، اذ يقول مديرها التنفيذي كريس مولد، إن هناك «زيادة كبيرة» في الطلب على الطعام وإن من بين الجوعى اكثر من 36 الف طفل.

وتقول مؤسسة سكول فود ترست، التي تقدم المشورة للحكومة بشأن تغذية الطلبة، إن كثيراً من الطلبة يعتبرون الوجبة المجانية التي تقدمها لهم المدارس هي الوجبة الغذائية الرئيسة في اليوم، وتقول المؤسسة إن «المعلمين كثيراً ما يلاحظون ان الطلبة يأتون الى المدرسة جوعى، ويخشون ما اذا كانوا سيحصلون على طعام عندما يعودون الى منازلهم في المساء».

وفي الوقت الذي يتزايد فيه الطلب على الطعام لدى المؤسسات الخيرية تنخفض بالتالي الأموال اللازمة لهذه المؤسسات لشراء الطعام، فقد كشف مسح للمؤسسات الخيرية العام الماضي أن واحدة من كل ثلاث من هذه المؤسسات قد وقعت ضحية للتخفيضات الحكومية على موازناتها، وعليه اضطر ثلثا هذه المؤسسات إلى تقليص وجبات الطعام لكي تستمر في انشطتها. وتقول شارلوت وليامز التي تدير مؤسسة ستيشن هاوس، التي توفر خدمات الرعاية للطفولة، «نحن في قلب العاصفة فقد تعرض الآباء العاملون لتقليص ساعات عملهم والكثير منهم فقد عمله، وترتفع تكاليف الغاز والماء والملابس للحد الذي اضطر فيه الكثيرون الى تقليص ميزانية طعامهم للحصول على الضروريات الأخرى».

وتعتبر مشكلة الأطفال الجوعى هي الأسوأ، وتبدو جلية من خلال تجربة الشباب العاملين في هذا المجال، إذ تقول إحداهم «الكثير من الوكالات التي يمكنها المساعدة أصبحت خالية من الأموال، فقد ظللت اعمل في الشارع منذ 21 عاماً، وأصبح نقص الغذاء هو الأسوأ منذ عام ونصف مضى. أعرف مجموعة من الآباء والأمهات الذين يلجأون الى السرقة لإطعام اطفالهم».

تويتر