الاستيلاء على أرض عامل وموته في الاحتجاز يولّدان احتجاجات

قرية «ووكان» تنتفض ضد الإمبراطورية الصينية

احتجاجات القرية الصينية لم يتوقعها النظام في بكين. أ.ف.ب

لم يكن الصيني «اكسو جنبو» يهتم بالسياسة، ولم يكن رجلاً معروفاً، حتى قريته «ووكان» لم تكن هي الأخرى معروفة لدى الكثير من الصينيين. كان جنبو يدير عملاً صغيراً يدر عليه ربحا لا بأس به من خلال بيعه المشغولات اليدوية في تلك القرية التي يصل تعدادها الى 20 ألف نسمة، والتي يعمل سكانها بالصيد. كانت الأيام تمر عادية الى أن فكرت السلطات في بيع أراضي القرية لمشروعات التنمية دون موافقة أهلها، وبعد شهور عديدة من الاحتجاجات، عرض جنبو نفسه ليكون ممثلاً عن القرية في المفاوضات التي كان من المتوقع ان تخمد نيران الازمة المشتعلة بين السلطات وسكان القرية، بيد انه تعرض للاعتقال ليتوفى في مركز توقيف الشرطة، وحتى اليوم السادس لوفاته درج أصدقاؤه ومواطنوه وجيرانه ورفاقه على الخروج آلافاً للبكاء عليه، لأن هذه القرية (ووكان)، التي تحاصرها قوات الشرطة، استطاعت بفضل هذا الرجل أن تلوي ذراع السلطة المحلية.

ويتساءل الناس: هل أصبحت القرية رمزاً للتحول الذي يعتري الصين في الوقت الراهن؟

لا يتوقع أحد الى متى ستنتهي الاحتجاجات، ففي الوقت الذي انضم فيه 7000 شخص لتشييع جثمان الرجل، انبرى بعض مواطني القرية لتقديم الخطابات النارية والعبارات التي تذكر مناقب الرجل، الذي اصبح شهيداً، وينحنون اجلالاً وتقديراً امام صورته الموضوعة في الشارع، ويحملون لافتات كتب عليها «ضحيت بحياتك من اجل أرضنا»، و«اننا نبكي بحرقة وفاة جنبو».

قروي أخبر وسائل الاعلام الاجنبية بأنه لا يوجد واحد في بلدتهم يصدق الرواية الرسمية لوفاة هذا الرجل في المعتقل، إذ تقول السلطات انه توفي في التوقيف بسبب أزمة قلبية، ويقول المواطن هوانغ «يبدو أنه عاني سوء المعاملة، لا نصدق ان رجلاً بهذه الصحة الجيدة يتحول فجأة الى رجل ميت بعد يوم واحد من اعتقاله»، ويقول إنه «لاشك قد تعرض للجلد حتى الموت، وكل شخص يمكنه أن يتوقع ذلك».

ويمثل الفساد جزءا اصيلا من أزمة القرية، حيث يشكو القرويون اغتصاب الارض من قبل المسؤولين المحليين الفاسدين، وقد اندلعت تلك التظاهرات جراء استيلاء السلطات المحلية على هكتارات من أراضي القرية لبيعها لمطوري البساتين نظير مليار يوان (ما يعادل 100 مليون استرليني).

ولم تكن القرية فقيرة وإنما تعتبر سلة غذاء اقليم غوانغدونغ الذي يقع في قلب الدلتا «الؤلؤية»، هذه الدلتا التي تعتبر القوة المحركة لازدهار البلاد، والتي تنتج تقريباً ثلث المنتجات التي تصدرها الصين.

وصب المحتجون جام غضبهم على السلطات المحلية، وهاجمت الجموع الغاضبة المباني العامة بما في ذلك رئاسة الحزب الشيوعي الصيني في المنطقة ومخفر الشرطة.

وفي هذه المحافظة التي يبلغ عدد سكانها نحو 100 مليون نسمة، أدى الطلب على الاراضي لبناء المصانع والمساكن الى زيادة حادة في أسعار العقارات.

وخلال العام الماضي اعترت الصين 280 ألف حالة من الاحتجاجات التي تتمثل في التظاهرات والاضرابات العنيفة منها والسلمية والاعتصامات وتقديم العرائض، وهذه نسبة كبيرة مقارنة بما كان عليه الحال من قبل، حيث قدرت تلك الحالات بما يصل إلى 90 ألف حالة.

وترتبط هذه الحالات في كثير من الأحيان بالغضب الناجم من الفساد والاشكال الأخرى من إساءة السلطة مثل الاستيلاء على الأراضي من غير وجه قانوني.

وحدثت هذه الحالات في محافظات ثرية مثل غوانغدونغ وزيغانغ وشانغهاي.

في اغسطس الماضي خرج آلاف المواطنين في مدينة داليان الغنية للاحتجاج ضد مصنع للمواد البترولية الكيماوية، تسبب في تسرب سام، ومع تزايـــد الغضب الشعــبي اضـطرت الســلطات الى إغـلاقه في الحــال.

في ابريل عام 2005 اعتقلت الشرطة في قرية «هواكسي»، في محافظة زيغناغ الآلاف من المواطنين الذين حاولوا منع 13 مصنعا كيماويا من نقل مواداها من وإلى وسط القرية، واستطاع سكان القرية اجبار الشرطة على الخروج من القرية، وفي اليوم التالي رأى المارة سيارات الشرطة محترقة وأزياء افراد الشرطة معلقة على حطام السيارات في علامة تحذيرية للسلطات المحلية.

تويتر