المرصد

أسئلة «ويكيليكس» المرعبة

مازال الوقت مبكراً جداً لإدراك الحق من الباطل في تسريبات «ويكيليكس» وأسرارها المزعومة، فقبلها يقف في الطابور تسريبات ما سمي بـ«أوراق البنتاغون»، بشأن حرب فيتنام على يد دانيال اليزبرغ، وتسريب مايلز كوبلاند في كتابه «لعبة الأمم»، الذي اتهم فيه ثوريين أشاوس بالتعامل مع المخابرات الأميركية، ذلك طبعاً غير تسريبات الحرب الباردة التي ليس اقصاها ماورد في كتاب من «يدفع للزمار؟»، لفرانسيس ستونر ستاندرز، وقبلها تسريبات الحرب الكبرى الثانية ووثائقها التي تلاحقنا للحظة، عن من حكى مع هتلر، ومن تورط في قتل اليهود، ومن باع للحلفاء أو المحور؟

والحال هكذا ، علينا أن نصفّ في الطابور لنمتثل للزمن وأحكامه، فقد أصبح جزء من «الوعي السياسي »، أو قل «التغييب السياسي»، شئنا أم أبينا - رهينة لما أسماه ثعلب المخابرات المصرية الراحل صلاح نصر بـ«تجار الورق»، وهو تعبير قصد به يوم نحته أولئك الغامضين المربكين من أمثال جوليان اسانغ -مؤسس موقع ويكيليكس، كما أ صبح التعامل مع هولاء التجار وما يحملونه تحد جديد جديد للدول والسلطات ورجل الشارع والمحللين والإعلام.

لكن وسط هذه الارباكات ، كان الهم الإضافي اللافت، هو تعامل الولايات المتحدة العجيب مع القصة، فقد فوجئ المتابعون بحالة الشارع الرسمية الأميركية تجاه أسانغ ومطالبات ملاحقاته وحدتها، فوزارة العدل الأميركية، خصصت فريقاً لمتابعته بموجب قانوني مكافحة التجسس والارهاب، وخبيرها بروس زاغاريس لم يجد حرجاً في أن يقول «إنه يدعو للالتفاف على القانون ليجد حلاً»، وسارة بالين تدعو لاعتقاله، والسيناتور جون كيري ينادي بتعديل القانون لتطويقه، هذا علاوة على أصوات غير مسؤولة تدعو علناً لاغتياله.

هل فوجئت أميركا بما حدث؟ أم تمثل علينا «فيلماً جديداً» لتجعلنا نعيد النظر في احداث قديمة أبعدناها عن فهم التآمر؟ فإن لم يكن لا هذا ولا ذاك فهل الديمقراطية الأميركية هشة إلى هذا الحد الذي تتحول فيه في لحظة إلى دولة عالم ثالثية تحول معارضيها إلى خونة وجواسيس؟ تساؤلات مربكة، ليست على خطورتها ، إلا دفعة تحت الحساب لألغاز «ويكيليكس» المرعبة.

تويتر