«زهرة البستان» احتضن أجيالاً من المثقفين وعُرف بأنه «ديوان مكاوي سعيد»

مقهى قاهري يقيم «ليلة عزاء»لمبدع روائي عاش فوق مقاعده

صورة

في بادرة استُقبلت بالترحاب، أعلن مقهى المثقفين المصريين الأكثر شعبية في القاهرة «زهرة البستان» عن إقامته سرادق عزاء، اليوم، لتلقي الواجب في رحيل الروائي الراحل، المرشح السابق لجائزة «البوكر» العربية، مكاوي سعيد، الذي قدم للثقافة العربية روايات وكتابات مهمة من أبرزها «تغريدة البجعة»، والذي رحل عن عمر ناهز 61 عاماً.

حياة حافلة بالنشاط الأدبي

ولد مكاوي سعيد في السادس من يوليو 1956، وبدأ حياته الأدبية شاعراً حيث تأثر بأشعار صلاح عبدالصبور وأحمد عبدالمعطي حجازي، وأُطلق عليه لقب «شاعر الجامعة»، ثم اعتزل الحياة الأدبية لفترة بعد رحيل القاصّ، يحيى الطاهر عبدالله، بعد أن ارتبط به لفترة من الوقت، ثم عاد ليقدم إبداعاته في مجال الرواية، ليكتب عدداً من الروايات أهمها: «فئران السفينة»، و«مقتنيات وسط البلد»، و«عن الميدان وتجلياته»، و«أن تحبك جيهان»، وتم ترشيحه لجائزة «البوكر» العربية عن روايته «تغريدة البجعة» عام 2008، حيث وصلت الرواية للقائمة القصيرة للجائزة في دورتها الأولى، وحصل سعيد أيضاً على جوائز مصرية وعربية عدة، من أهمها جائزة سعاد الصباح للرواية عن «فئران السفينة»، وجائزة الدولة التشجيعية عام 2008، وجائزة أفضل مجموعة قصصية من اتحاد كتاب مصر عام 2009.

تاتي إقامة «زهرة البستان» لمراسم المناسبة بناء على مبادرة من المقهى الذي يقيم العزاء للمرة الثانية، وذلك بعد أن أقيم العزاء الأول في جامع عمر مكرم، الأحد الماضي، وحضره أعداد كبيرة من المبدعين والمثقفين والصحافيين والقراء.

يذكر أن مقهى «زهرة البستان»، الكائن خلف «مقهى ريش» الثقافي أيضاً، اشتهر باستقباله للجمهور الواسع من المبدعين والمثقفين والكتّاب والصحافيين، خصوصاً الفقراء منهم، أو مَن هم في مطلع حياتهم الثقافية، قادمين من الصعيد أو الدلتا أو الأحياء الشعبية، وكان يشار إليه بتعبير «العمق الاستراتيجي لمقهى ريش»، باعتبار الأخير مقراً للصفوة الغنية المثقفة فقط، وكان من رواد «البستان» الدائمين الشاعر محمد عفيفي مطر، والقاص يحيى الطاهر عبدالله، والروائي جمال الغيطاني، ومازال من رواده الشاعر زين العابدين فؤاد.

و«البستان» واحد من سلسلة المقاهي الثقافية في وسط البلد (كما يطلق على وسط القاهرة)، التي تشمل أيضاً «الحرية» و«أفتر إيت» و«التكعيبة» و«الخن» و«المقهى الثقافي» و«مقهى عم غزالي» و«الندوة الثقافية» و«سوق الحميدية» و«وادي النيل» و«البورصة»، وهي مقاهي فضلاً عن كونها حاضنة ثقافية وفكرية، شكلت أيضاً حاضنة سياسية في فترات التحولات الوطنية الكبرى في البلاد مثل ثورة 1919 (مقهى ريش)، ومظاهرات الدعوة للحرب ضد إسرائيل في انتفاضة 1972 الطلابية، أو ثورة 25 يناير 2011 (بقية المقاهي).

وقال صاحب مقهى «زهرة البستان»، محمد عبداللطيف، لـ«الإمارات اليوم» إن «المقهى سينصب سرادقاً كبيراً في مدخله لاستقبال المعزين، وسيحرص على أن تكون ليلة العزاء تليق بمكاوي سعيد».

وتابع عبداللطيف أن «الاحتفالية ليست مجرد فكرة طارئة، وإنما هي شيء صغير جداً يقدمه المقهى تقديراً للمبدع الراحل، الموجود معنا على المقهى منذ 40 عاماً، وكان على علاقة وطيدة بجدي ثم والدي ثم بي، وكان يقيم هنا أكثر مما يقيم في بيته، كما أنه كتب معظم رواياته هنا، وتربطنا معه عِشرة عمر كأصحاب مقهى، ونعتبره من مؤسسي المكان الذي يرتاده أهم مثقفي القاهرة»، وأضاف عبداللطيف «إن معظم رواد المقهى كانت تجمعهم علاقة حب بمكاوي، وبالتالي فإن هذه المبادرة طبيعية، وسنضع له بعد ذلك صورة في المكان الذي كان يجلس فيه تخليداً لذكراه».

وقال رئيس تحرير صحيفة «القاهرة» السابق، الكاتب الصحافي سيد محمود، على حسابه الشخصي على موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك»، إن مجموعة كبيرة من الكتّاب والفنانين سيقومون بتلقي واجب العزاء في الكاتب الراحل مكاوي سعيد، بمقهى «زهرة البستان»، أحد مقاهي وسط البلد، الذي اعتاد الجلوس فيه قبل وفاته، وذلك مساء اليوم.

ورحب مثقفون التقتهم «الإمارات اليوم» على المقهى، ليلة أول من أمس، بمبادرة مقهى «زهرة البستان»، معتبرين أن إقامة عزاء بمدخل المقهى الثقافي التاريخي تجسد سلوكاً راقياً يستوجب الاعتزاز، وتكريماً من نوع خاص للمثقفين، وتحمل لمسة شعبية محببة تكسر الحاجز بين المثقفين والشارع، وتعكس وعياً عالياً بالمكانة التي يحتلها ويستحقها الروائي الراحل.

لازم مكاوي سعيد، الذي كان يطلق عليه بعض أصدقائه لقب «عمدة وسط البلد»، بينما يلقبه المقربون جداً بـ«ميكي»، بشكل يومي منذ دخوله المشهد الثقافي، مقهى «زهرة البستان»، وقال النادل بالمقهى، عادل السيد، إن «سعيد لازمه على الأقل لمدة 17 عاماً، هي فترة عملي نادلاً فيه»، وإن سعيد «كان يبقى في المقهى منذ افتتاحه الثامنة صباحاً حتى إغلاقه».

تويتر