مشرّعون أستراليون وصفوا السلوك بـ «العار الوطني»

عمال آسيويون عُرضة للتمييز والاستغلال في أستراليا

صورة

مثل العديد من الشباب الكوريين الجنوبيين، انتقلت غابي شو إلى أستراليا للحصول على فرصة لتعلم اللغة الإنجليزية، وتنفس الهواء النقي، وجني بعض المال. وقبل عامين حصلت على عمل مصففة شعر بمنطقة ليدكومب في سيدني. كانت تتقاضى نحو تسعة دولارات عن الساعة. وللحصول على وظيفة قالت إنها دفعت 380 دولاراً، قابلة للاسترداد إذا لم تتغيب أبداً أو تتأخر عن العمل. وحينها لم تكن (غابي) تعرف أن ذلك غير قانوني.

تعلّم اللغة

انتقل دانيال سونغ (28 عاماً) إلى أستراليا، في أبريل الماضي، بتأشيرة «عمل خلال العطلة»، قادماً من بلدة صغيرة في مقاطعة «شاندونغ» الصينية. وقال إنه يعتقد أن أستراليا ستكون مكاناً جيداً لتعلم اللغة الإنجليزية، وإنه سمع أن الأجور أعلى من مثيلتها في الصين. وأوضح سونغ، الذي يعمل بمجال البناء في الحي التجاري المركزي بمدينة بريسبان، إنه حصل على 15 دولاراً في الساعة. وينحدر أكثر من ثلث العمال العاملين في موقعه من الصين أو تايوان، بعد أن حصلوا على تأشيرة عمل مؤقتة، أو تأشيرات سياحية. وأضاف العامل الصيني أن «فارق الرواتب لا يبدو عادلاً، لكن مع ذلك فالأمر منطقي نسبياً، ولا أشعر أن لدي خياراً».

وتقول المهاجرة الكورية إن الصالون مدين لها بنحو 30 ألف دولار، وإن صاحبه دفع لها أجراً أقل بكثير من الراتب القانوني، وهي من بين الآلاف من العمال الأجانب المؤقتين في أستراليا، الذين يتقاضون أجوراً متدنية من قبل أصحاب العمل، وفقاً لدراسة نشرت أخيراً. ويضاف هذا إلى الأدلة المتزايدة على أن أستراليا باتت موطناً لمجموعة كبيرة، لكن صامتة، من العمال المهاجرين الذين يعانون من التمييز في الرواتب، وكثير منهم طلاب دوليون أو مجرد مغامرين، ونادراً ما يتم الاستماع إليهم، على الرغم من الانتهاكات واسعة النطاق التي يتعرضون لها في مجال العمل.

وتروي (غابي) من خلال مترجم: «استغل المالك قلة معرفتي باللغة الإنجليزية، وعدم معرفتي بالقانون وحقوق العمل»، متابعة: «أريد أن يعرف الناس ما حدث لي، حتى لا يتكرر ذلك مع أي شخص آخر»، وتأتي الدراسة وسط تزايد الوعي بانتهاكات قوانين العمل بين العمال المؤقتين في أستراليا، وبامتلاكها اقتصاداً متقدماً، وبيئة صحية، وأسواق عمل نشطة في العديد من الأماكن، تبدو أستراليا جذابة لأولئك الذين يبحثون عن موطئ قدم للعيش هناك، وأولئك الذين يريدون ببساطة كسب بعض المال أثناء إقامة مؤقتة في هذا البلد.

وسلّط تقرير أعده مشرعون أستراليون، العام الماضي، بعنوان «عار وطني»، الضوء على الأجور المتدنية والساعات الطويلة للعديد من العمال المهاجرين المؤقتين. وقد اهتمت التقارير الإخبارية المحلية بظروف عمل العمال الأجانب في المتاجر والمزارع.

وتشكل المناقشة أيضاً جزءاً من نقاش أوسع حول عدد العمال الأجانب، الذين يسمح لهم بالدخول إلى البلاد، وما إذا كان ينبغي السماح لهم بالبقاء بشكل دائم، مع أن رئيس الوزراء، مالكولم تورنبول، وآخرين، يقولون إن العديد من العمال الأجانب يأخذون فرص الأستراليين الباحثين عن عمل، ويجعلونهم يذهبون بعيداً بحثاً عن لقمة العيش.

سلوك راسخ

شملت الدراسة نحو 900 ألف عامل أجنبي لهم الحق في العمل بالبلاد، ووجدت أن قرابة الربع من الطلبة الدوليين يتقاضون نحو تسعة دولارات في الساعة، وأن نصفهم يحصل على 15 دولاراً أو أقل. مع أن الحد الأدنى للأجور في أستراليا هو 13.84 دولاراً في الساعة. أما الموظفون العاديون، الذين لا يحق لهم الحصول على إجازة أو إجازات مرضية، فإنهم عادة ما يحصلون على المزيد.

وأشارت الدراسة إلى أن أدنى الرواتب كان في أعمال متعلقة بجني الفواكه والخضراوات والعمل في المزارع. وقالت باسينا فاربينبلوم، التي شاركت في كتابة التقرير، وهي محاضر في القانون بجامعة نيو ساوث ويلز: «نعرف الآن أن هذا الأمر راسخ، فهو واسع الانتشار، وبالنسبة للعديد من هؤلاء العمال المهاجرين، فإن السرقة من الرواتب على أشدها».

وأفاد الاستطلاع بأن الكثير من العمال كانوا يعرفون أنهم يتقاضون أجوراً منخفضة. وبسبب وضعية تأشيراتهم، قال معدو التقرير، إن العمال ربما لا يتوقعون الحصول على الحد الأدنى القانوني للأجور. وقال لوري بيرغ، المحاضر في القانون بجامعة التكنولوجيا في سيدني، والمشارك أيضاً في إعداد التقرير: «لدينا سوق عمل غير مرئية، وكبيرة، ومنخفضة الأجر»، متابعاً «هناك قضايا متخفية والحكومة لا تعالج ذلك».

عيوب في المسح

واعترف مؤلفو التقرير، الذين عملوا مع مهاجرين محليين، بوجود عيوب في المسح الذي شمل نحو 4300 عامل، وترجم إلى 12 لغة غير الإنجليزية. وقد أجريت الدراسة على الإنترنت، الأمر الذي يعني بالضرورة إغفال بعض المجموعات، ولأن الاستطلاع يتم من دون التعرف إلى هوية العامل، فمن الممكن أن يتم أكثر من مرة. وتلقى المشاركون دعوة لدخول سحب على ما قيمته 1000 دولار من بطاقات الهدايا من شركة «أمازون»، وذلك لتشجيعهم على المشاركة في الدراسة.

ومع ذلك فإن استنتاجات الاستطلاع تتطابق تقريباً مع النتائج التي توصل إليها بعض المسؤولين الحكوميين في أستراليا. وقال مارك لي، المتحدث باسم «ديوان المظالم»، وهو وكالة حكومية مستقلة تحقق في الشكاوى بمكان العمل، وتنفذ قانون العمل، إن الشباب والعمال من خلفية أجنبية قد يكونون أكثر عرضة للاستغلال في مكان العمل. وأضاف أن ذلك يرجع إلى مجموعة مختلفة من العوامل منها «الحواجز اللغوية، وعدم فهم حقوقهم في مكان العمل، ومحدودية المعرفة بالمكان الذي يذهبون إليه للحصول على المساعدة، والمخاوف بشأن وضع تأشيراتهم».

خبر صحافي

تقول غابي شو، التي هاجرت من كوريا الجنوبية منذ سنوات عدة، إنها عملت في صالون ولم تكن على دراية بحقوقها، إلى أن اطلع زوجها على خبر صحافي عن مطعم وجبات سريعة في سيدني، متهم من قبل «ديوان المظالم» بخفض رواتب العمال الكوريين الجنوبيين، الذين قدموا للعمل بشكل مؤقت خلال العطل، أو الذين لديهم تأشيرات دراسة، وبلغ المبلغ الإجمالي الذي سُلب منهم أكثر من 100 ألف دولار. وقدمت (غابي) شكوى إلى مسؤولي الديوان الذين رفضوا التعليق على شكواها.

أما أندي ريم، زوج غابي، وهو مواطن من كوريا الجنوبية ويعمل مشرف مستودع، فيقول: «هذه قضية تحظى بأهمية كبيرة في كوريا الجنوية»، متابعاً «إنهم يرسلون الناس إلى الخارج للعمل عبيداً»، وقال أندي إنه وزوجته جاءا إلى أستراليا من خلال برنامج عمل تدعمه حكومة كوريا الجنوبية.

وقالت الدراسة إن العمال من الدول الآسيوية، بشكل خاص، عرضة لظروف عمل صعبة. وذكرت الدراسة أن عمالاً من دول آسيوية، بما فيها الصين وتايوان وفيتنام، حصلوا على معدلات أجور أقل من تلك التي يحصل عليها القادمون من أميركا الشمالية وإيرلندا وبريطانيا.

للإطلاع على الموضوع كاملا يرجى الضغط على هذا الرابط.

تويتر