يشكلون أكثر من نصف الموجودين في مخيمات اللجوء

أطفال الروهينغا يدفعون ثمن اضطهاد المسلمين في ميانمار

صورة

كانت الطفلة المفقودة تبكي والدموع تنهمر على خديها وهي تنظر حولها بهلع، وتقول امرأة في منتصف العمر من الروهينغا التي أمسكت الطفلة من يديها، واتجهت بها نحو كشك خشبي: «وجدتها في الطريق الرئيس، ولذلك أحضرتها إلى هنا»، وكان ثمة لوحة على الكشك كتب عليها بالبنغالية وترجمت إلى الإنجليزية تقول: «إذا فقدت عائلتك أو أحداً من أفرادها فإنه يمكنك الإعلان عن ذلك هنا دون دفع أي نقود».

أزمة أطفال

في مقابلة مع صحيفة «غارديان» أجريت الأسبوع الماضي، وصف أحد كبار مسؤولي الصليب الأحمر وضع اللاجئين الروهينغا بأنه «أزمة أطفال». وفي إشارة إلى حالة الفوضى والرحيل وتعداد الوفيات العالية، يُعتقد أن ثمة 40 ألف طفل يعيشون مع أحد الأبوين على الأقل، حسب الاتحاد الأوروبي، والبعض الآخر أصبحوا أيتاماً، في حين أصبح آخرون مفقودين خلال الرحلة من ميانمار أو في المخيمات المنتشرة في مناطق واسعة.

ولكن الكشك كان مغلقاً، وقيل للمرأة أن تحاول استخدام مكبر الصوت الموجود في مسجد مؤقت للإعلان عن الطفلة التي كانت صغيرة جداً، ومن المؤكد أنها لا تستطيع التعريف باسمها.

ويعيش نحو مليون شخص من الروهينغا في أكواخ من الطين والخيم في مخيمات اللاجئين خارج بازار مدينة كوكس في بنغلاديش، ووصل غالبيتهم في أغسطس الماضي عندما شنت قوات الأمن في ميانمار حملة قمع في ولاية راخين شمال ميانمار، الأمر الذي اعتبرته الأمم المتحدة أنه يرقى إلى التطهير العرقي للأقلية المسلمة المعروفة بالروهينغا. ويُتهم الجنود ورجال الشرطة والرهبان البوذيون بارتكاب مجازر وأعمال اغتصاب وحرق للمنازل.

وأكثر من نصف هؤلاء الفارين من الأطفال، حسبما يقول صندوق الطفولة التابع للأمم المتحدة، وعددهم يطغى على غالبية الموجودين في المخيمات، وكان الأقوياء منهم يحملون أكياساً من الطعام وكميات من الخشب على أكتافهم، وآخرون كانوا في حالة صحية سيئة وبطونهم بارزة من سوء التغذية.

وتزداد المخاوف من وقوع أعمال تهريب أطفال، ويقول عمال المساعدة إن العديد من عائلات الروهينغا طلب منهم البعض بيع أطفالهم. ويقول مدير الاتصالات في «منظمة أنقذوا الطفولة»، التي تضم عدداً صغيراً من أكثر الأطفال ضعفاً، ريك غوفيرد: «ليس هناك عدد رسمي نهائي، لكن يعتقد أن الآلاف من الأطفال يعيشون مع أقاربهم أو مع معارف آبائهم».

وقبل إغلاق الكشك الخشبي في منتصف أكتوبر الماضي استقبل عدداً كبيراً من الطلبات، وقام بإنشائه كمال حسين وهو واحد من 300 ألف شخص من الروهينغا يعيشون في بنغلاديش منذ الموجة السابقة من أعمال العنف، التي حدثت في تسعينات القرن الماضي، بعد أن شاهد طفلة تبكي خارج مركز دولي للمعاقين، حيث كان يعمل حارس أمن، وتمكن من إيجاد والدة الطفلة عن طريق استئجار مكبر صوت وإطلاق نداءات باسمها.

وثمة كثيرون لن يستطيعوا العثور على أحبائهم المفقودين، إذ إن الأموات في ميانمار لم يتم إحصاؤهم بعد، لكن «منظمة هيومان رايتس ووتش» تقدر العدد بالآلاف. وقال المحققون التابعون للأمم المتحدة الأسبوع الماضي، إن تعداد القتلى «كبير جداً بصورة مذهلة».

وفي مخيم كوتوبالونغ الذي يعد الأكبر من نوعه، حيث يتجمع القادمون الجدد، كان هناك أربعة أشقاء يجلسون بصمت، وبدا الحزن جلياً على وجوههم. وقالت صوفارا وعمرها ثماني سنوات وهي أكبر أشقائها، وهي تحمل شقيقتها الصغرى جيكارا في حضنها: «قتل والدانا في ميانمار، وكنا في المنزل عندما هاجمنا الجيش»، وفي تلك اللحظات بدأت الطفلة الصغيرة بالبكاء في حضن شقيقتها الكبرى. وشرح عمهم كابير أحمد وهو رجل هادئ يرتدي ملابس بسيطة، أن شقيقه جعفر، والد الأطفال الأربعة، أُطلق عليه الرصاص عندما حاصر الجنود القرية ومنعوا السكان من الهرب. وقال العم كابير إن العديد من العائلات بدأت تتضور جوعاً، وحاول جعفر التسلل كي يصطاد بعض السمك من النهر، لكنهم اعتقلوه وأعدموه رمياً بالرصاص، ثم دفنوا جثته. وأما والدة الأطفال الأربعة فقد أنجبت في ذلك الوقت، وكانت ضعيفة جداً، ولم تقوَ على الهرب فتركوها وهربوا، وعندما دخل الجيش قتل من وجدهم واغتصب النساء، حسبما قاله أحمد.

تويتر