بناه مصمم قصر عابدين وانتقلت ملكيته إلى مليونير صديق للسادات

قصر شامبليون يتحول إلى مأوى للحيوانات الضالة

صورة

رغم نداءات حقوقية، ودعاوى قانونية، يتحول «قصر شامبليون» في وسط العاصمة المصرية القاهرة، تدريجياً، إلى مأوى للقطط والكلاب والقمامة ومقاهي الشيشة، وفي حين رفعت جهات مسؤولة يدها عنه، بعد بيعه لمشترٍ غير حكومي في أغسطس 2009، ضرب الأخير، وهو مليونير مصري معروف، سوراً من الصمت حول نواياه، وعيّن حراسة قاسية تمنع دخول القصر أو الاقتراب منه أو إجراء أي حوارات عنه.

يعود تاريخ القصر إلى عام 1897، واستمر بناؤه حتى 1901، ويحتل مساحة 4781 متراً مربعاً، وصممه المعماري الشهير، أنطونيو لاشياك، مصمم قصر المنتزه العلوي بالإسكندرية، وقصر عابدين، وقصر الأمير يوسف كمال بالمطرية، والقصور الخديوية بشارع عماد الدين. ويتكون من مبنى رئيس من طابقين وبدروم، وعلى جانبيه جناحان متماثلان، كل منهما من دور واحد وبدروم.

• يعود تاريخ القصر إلى عام 1897، واستمر بناؤه حتى 1901، ويحتل مساحة 4781 متراً مربعاً، وصممه المعماري الشهير أنطونيو لاشياك.

وتؤول ملكيته إلى البرنس محمد سعيد حليم بن محمد عبدالحليم بن محمد علي باشا، الذي سافر إلى سويسرا، وحصل على شهادة عليا في العلوم السياسية. وقد سافر سعيد إلى إسطنبول سنة 1888، وأصبح عضواً في مجلس الدولة العثماني، وعُيّن والياً على روملي، وتولى منصب وزير الخارجية العثماني، ثم رئاسة الوزراء، وعرف عنه معاداته للإنجليز، وقيل إنه مات مقتولاً في روما، بسبب تطرف آرائه ومواقفه.

ويقول الباحث الأثري عبدالحمد أمين لـ«الإمارات اليوم» إن القصر بني على نظام الـ«نيو باروك»، وظل ملكاً للأمير، الذي كُتبت الحروف الأولى من اسمه داخل معمار القصر، ثم أهداه بعدها للحكومة، فمنحته لاحقاً إلى وزارة التربية والتعليم، وظل كذلك حتى عام 2004 ملكاً لوزارة التربية والتعليم، ومقراً للمدرسة الناصرية التي تخرجت فيها أسماء مهمة في مصر، من بينها الصحفيان الراحلان مصطفى أمين وعلي أمين.

وتابع أمين أن «الوضع القانوني للقصر مر بمراحل عدة، وصدر قرار وزاري بتسجيل القصر عام 2002 ضمن الآثار الإسلامية والقبطية، ثم أرسلت محافظة القاهرة خطاباً إلى وزارة الثقافة في 2006، تطلب إخلاؤه لترميمه. وفي عام 2009 صدر قرار بإلغاء القرار السابق لعدم صلاحيته، ولعدم وجود ما يبرر نزع ملكية القصر». وفي عام 2009 تم بيعه للملياردير المصري المعروف، واحد قادة الحزب الوطني، رشاد عثمان، صديق الرئيس الراحل أنور السادات، الذي طلب منه السادات في عبارته الشهيرة «خلي بالك من الإسكندرية يا رشاد»، ومنذ شراء رشاد عثمان للقصر وحتى اليوم لم يتغير شيء.

ويقول أمين «من الأشياء العجيبة حول هذا القصر الإعلان الذي صدر في 2005 بتحويله إلى أول متحف لمدينة القاهرة، على غرار المتحف البريطاني بلندن، لكن هذا المشروع كما ظهر للنور اختفى».

من جهتها، رفعت الباحثة الأثرية وصاحبة مدونة «البصاره» المهتمة بالآثار، سالي سليمان، دعوى قضائية على الحكومة المصرية، لبيعها القصر، باعتباره قيمة تاريخية تهم كل الشعب المصري. وقالت سليمان إن «قيمة قصر شامبليون لا تقدر بثمن، وقد وضع فيه الفنان لاشاك خلاصة فنه، كما جلب إليه نوعاً نادراً من الرخام من بلجيكا». وتابعت سليمان أن «القصر تعرض لوقائع غريبة منذ إنشائه، فهو تقريباً لم يسكن، وظل خالياً بأثاثه، حيث تردد أن زوجة البرنس رفضت الإقامة فيه، وربما بسبب سفره إلى تركيا، كذلك تم قص بوابة بأكملها منه، ونقلها إلى قصر الزعيم الوفدي، مصطفى النحاس، في ملابسات غير معروفة، واليوم يتعرض للإهمال على هذا النحو». وتابعت أن لديها كتاباً للفنان لاشاك، يوثق فيه كل خطوة في بناء القصر، وقد جلب للقصر بعد بنائه تماثيل جسدت أساطير ممزوجة بين المصرية والرومانية واليونانية، ومن اللافت فيها وجود وجه «ايزيس حيث تطالعك أينما ذهبت في القصر».

ويقول حارس في المنطقة، له علاقة سابقة بالقصر، أشار لاسمه بـ«ل.م»، إن «المليونير الاسكندري المعروف، رشاد عثمان، اشترى القصر، وأنه يزوره بشكل دوري، وأن هناك أقاويل تترد بأن رشاد عثمان يعتزم تركه هكذا فترة، ثم يقوم بهدمه وإعادة بنائه على شكل أبراج أو مولات». وتروج أساطير شعبية مصرية حول القصر، مثل القول إنه كان يغسل بالكامل مرة كل شهر في الحقبة العلوية، وأن به سراديب تحت الأرض يمكن أن يخرج من يدخلها في ميدان التحرير، لكن باحثين وخبراء أكدوا أن هذا الكلام لا أساس له من الصحة.

تويتر