يتباهى بجناح فاروق الملكي وباستضافته غموض أغاثا كريستي وعرس نعومي كامبل

«قصر الشتاء» ينافس معابد الكرنك والأقصر

القصر تحفة معمارية فريدة. أرشيفية

تحوّل فندق «قصر الشتاء» أو «ونتر بالاس» بمسماه الإنجليزي، المبني على ضفاف النيل بمدينة الأقصر، الى مزار وشاهد على العصر، بعد ان أصبح تاريخاً في حد ذاته منذ انشائه عام 1866، واستضافته للأسرة الخديوية، ثم تأسيس الجناح الملكي فيه، لآخر من كان من سلالة الاسرة على عرش مصر، الملك فاروق. وبعد ان التحق بالحدث العالمي وأصبح مسرحاً لعدد من فعالياته، ومنها أوبرا عايدة، ووقائع روايات أغاثا كريستي، وتفاصيل السياسة المصرية في الثلاثينات والاربعينات، وأخيراً عرس نعومي كامبل.

كما استطاع القصر أيضاً، بمعماره المتميز ونباتاته النادرة وطقوسه الخاصة، أن يكوّن شخصيته اللافتة الدافعة لرؤيته بغضّ النظر عن الإقامة فيه.

• «قصر الشتاء» شهد أحداثاً مهمة على امتداد القرن الماضي، أهمها واقعة طلاق الملك فاروق من الملكة فريدة، ومعارك هوارد كارتر مع مدير مصلحة الآثار المصرية، أثناء اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وزيارات هنري كيسنجر في السبعينات.

وقال المرشد السياحي الأقصري، خالد أمين، لـ«الإمارات اليوم»، إن «هناك حالة انقطاع معرفي خاصة بكشف دوافع وملابسات انشاء هذا الفندق، فهناك اتفاق على ان تأسيسه بدأ على يد شركة توماس كوك عام 1866، لكن اسمه تصدر الاحداث فعلاً بعد نزول مكتشف مقبرة توت عنخ آمون، الأثري هوارد كارتر فيه عام 1922، وانشغال الصحافة العالمية بما سمّي لعنة الفراعنة عقب اكتشاف المقبرة، ثم استضافته لروائية الغموض العالمية أغاثا كريستي التي باعت رواياتها اكثر من مليار نسخة، وترجمت الى 103 لغات، منها روايتها (جريمة فوق النيل) التي تقع أحداثها في مصر، وماتت في احداث غامضة، حيث خرجت ولم تعد على طريقة أبطال رواياتها، من بعدها اصبح الفندق حاضراً في الوجدان العالمي».

ونوه أمين الى أنه حتى عام 1866 لا نعرف في كتب الرحالة، وأبرزها كتاب «رسائل من مصر» للوسي دوف جوردون، فنادق أو قصور لإقامة الأجانب سوى «بيت فرنسا» الذي كان مقاماً فوق معبد الأقصر، وهو مكان اشبه بدار ضيافة للأجانب، الذين يفد اليهم بعض السكان المحليين من الشخصيات المهمة للتسامر. وشدد أمين على أن اهمية الفندق تكمن بوجوده في قلب المدينة (الأقصر)، حيث لا يبعد اكثر من 100 متر عن معبد الأقصر، وثلاثة كيلومترات عن معبد الكرنك، بينما صفحة النيل بالبر الغربي مفتوحة أمامه كاملة.

وقال الأثري عياد حسين لـ«الإمارات اليوم» إن اسم «قصر الشتاء» ملائم جداً لوجوده في مدينة الأقصر التي اطلق عليها العرب هذا الاسم كجمع تكسير يوازي كلمة قصور، والتي مفردها قصر، وذلك نتيجة لتعدد قصورها، كما أطلق عليها المؤرخ اليوناني هيرودوت اسم مدينة «المائة باب»، لاتساع معابدها وتعدد ابوابها، كذلك احتوت المدينة تاريخياً على عدد كبير من القصور، كل واحد منها له حكاية. وتقول الباحثة مديحة أحمد أبوالمجد في دراسة لها اصدرها مركز الأقصر للدراسات والحوار والتنمية، إن «قصر الشتاء» هو الأعظم بين مباني الأقصر، وأعرق فنادقها من حيث تاريخه واستقطابه لمشاهير وأعلام القرن الماضي العالميين والمحليين، وقد كان بجانبه قصور أخرى، مثل قصر السلطانة ملك، أرملة السلطان حسين كامل، الذي حكم مصر 1914 -1917، وكانت تقضي فيه الشتاء، ومثل تحفة معمارية (ولم يعرف سبب هدمه الى اليوم)، وقصر باسيلي الفرنسي (هدم ايضاً)، وقصر مينا بالاس الذي استضاف الامبراطور الإثيوبي هيلا سيلاسي، حين كان ولياً للعهد.

وطبقاً للدراسة، فقد بُني القصر على الطراز الفيكتوري، وكان من أول نزلائه الملك فؤاد، وكان للملك فاروق جناح خاص داخل القصر.

كما نزل به الزعيم البريطاني، ونستون تشرشل، والممثلة جين فوندا، والممثل عمر الشريف والملك الاسباني السابق خوان كارلوس، وشاه إيران محمد رضا بهلوي، والزعيم اليوغسلافي جوزيف بروز تيتو، والملك المغربي محمد الخامس، والرئيس الجزائري أحمد بن بيلا، والزعيم الافريقي لومومبا، ووزير الخارجية الاميركي السابق جيمس بيكر، والرئيس الأميركي السابق جيمي كارتر.

وقال مدير منطقة الأقصر والآثار الاسلامية والقبطية السابق، عبدالجواد عبدالفتاح الحجاجي، إن «قصر الشتاء» تكمن اهميته في انه شهد أحداثاً مهمة على امتداد القرن الماضي، أهمها واقعة طلاق الملك فاروق من الملكة فريدة، كما شهد معارك هوارد كارتر مع مدير مصلحة الاثار المصرية، أثناء اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، وكتابة «حياة محمد عليه السلام» للكاتب محمد حسين هيكل، وزيارات هنري كيسنجر المكوكية في السبعينات، وغيرها.

وقال موظف بالقصر، طلب من «الإمارات اليوم» حجب اسمه، إن «(قصر الشتاء) يحتوي على أشياء نادرة، من بينها حديقته التي تضم نباتات وأشجار نادرة تصل الى 50 نوعاً، ويبلغ عمر بعضها أكثر من 100 سنة، كما انه لا يسمح بدخول مكتبته التي تضم كتباً عالمية نادرة، إلا بالبذلة الكاملة وربطة العنق، كما أن الجناح الملكي الذي أنشئ لفاروق، لا يفتح إلا في أوضاع استثنائية جداً، ولتمثيل بعض الأفلام».

تويتر